مياه الأمطار تغرق شوارع لبنان (أرشيف)
مياه الأمطار تغرق شوارع لبنان (أرشيف)
الخميس 5 ديسمبر 2019 / 20:05

"القوى السياسية..حزب الله.. الفساد".. ثلاثية لبنانية أصلها جيش شعب ومقاومة

غمرت مياه الأمطار الربوع اللبنانية، حتى أغرقتها وقطعت أوصال المناطق كلها، أنهار من المياه تجر معها رمالاً وأخشاباً وحجارة وحتى سيارات، هرب أصحابها حين فوجئوا بتدفق المياه إلى الطرق وتحولها إلى بحيرات.

لم يكن الشتاء غير عادي، فهو كما كل عام كذلك، بل هو حتى أقل من العام الماضي، لكن المواطنين علقوا داخل سياراتهم في انتظار من ينقذهم، واللافت أنه في هذا الغريق الكبير لم تتحرك آليات سلطة رئيس الجمهورية ميشال عون وحلفائه من عناصر حزب الله لفتح الطرق، وتسيير حال الناس كما يدعون عادةً كلما كانوا يتحركون سريعاً لفتح طرق قطعها متظاهرون احتجاجاً على الفساد، والهدر، والسرقة.

فرجال حزب الله، المستاؤون من قطع الطرق، والمدافعين عن الفساد اختفوا يوم المطر، ولم ينزلوا ليواجهوا ما وقع في طرق الجنوب، وبيروت، والجبل، وكل لبنان، أو كما يدعون لمساعدة الناس على العبور إلى منازلهم، وأعمالهم.



ولكن كما في كل حال، يظهر أن الفساد المستشري في لبنان كبير جداً، وهو الأكبر في العالم نسبة لحجم البلد، هذا الفساد ظهر اليوم في طوفان الطرق بسبب غياب تنظيف النفايات من داخل مساربها، رغم أن كل ميزانيات الحكومة والبلديات تلحظ كل عام فواتير كبيرة لتنظيف المجاري تحضيراً لموسم الأمطار، ليكتشف الناس اليوم والعام الماضي والذي قبله وغيرها من أعوام، أن هذه الأموال تسرق كالعادة، لجيوب الوزراء والسياسيين المحميين في السلطة بوجود ثلاثية "القوى السياسية - حزب الله - الفساد" التي أطلقها زعيم حزب الله سابقاً تحت عنوان "جيش شعب مقاومة" ووضعت في البيانات الوزارية ماركةً مسجلةً.

هذا المطر الذي يجب أن يكون خيراً للناس لاستعادة الأراضي المحروقة بعض اللون الأخضر فيها، اعتبره البعض وبالاً على لبنان، إذ يشبهه الناشطون بما حصل للحرائق الضخمة التي أزالت مئات الهكتارات من الأشجار خلال أيام قليلة قبل 50 يوماً، والتي كانت سبباً إضافياً في انطلاق الثورة على الفساد.

ويروى أن هذه الحرائق كان يمكن وقفها ومنع انتشارها من خلال التحضيرات اللوجيستية عبر آليات متخصصة برية وجوية، ومراقبة الأحراج عبر موظفين رسميين يدعون "نواطير"، ولكن ما حصل وقت الحريق، كان فضيحة فساد أخرى مثل كثير من قصص الهدر، والسرقة على طريقة السلطة اللبنانية، إذ لم تُعين الإدارات المختصة الناجحين في امتحانات نواطير الأحراج، والسبب هو رفض رئيس الجمهورية توقيع أوراق التعيين، لأن بحسبه وحسب رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، فإن النسب والتناسب المذهبي والطائفي غير موجود في أعداد الناجحين في الامتحانات إلى هذه الوظيفة.



ووجد ميشال عون أن حصته ناقصة وليست مثل بقية حصص الأحزاب والطوائف، فأوقف كل شيء، فيما انتشرت النفايات في الجبال وكل المناطق، لأن القوى السياسية تقاسمت جمعها لشركات خاصة بها تدر عليها أرباحاً سنوية بمئات ملايين الدولارات.

والفضيحة الثانية، كانت مع المروحيات الثلاث التي اشترتها وزارة الداخلية في 2009 لإطفاء الحرائق، فهذه الطائرات عملت عاماً واحداً، وفجأة تبين أنها بلا قطع غيار، وأنها قديمة، وهي فعلياً غير مؤثرة في إطفاء الحرائق، وبسعرها كان يمكن شراء طائرة متخصصة تحمل عدداً كبيراً جداً من غالونات المياه من البحر وتغطي بمياهها عدداً كبيراً من الهكتارات، ليتبين أن صفقة المروحيات استفاد منها كُثر، بينهم وزراء جدد ونواب سابقين.

ويؤكد أحد السياسيين المخضرمين في بيروت، أن حزب الله يصر على حكومة تضم كل القوى السياسية في البلد، ليس حباً فيها، بل لأنه في حاجة لهم ليلعبوا أدواراً في الدفاع عنه أمام حملة المقاطعة العربية والدولية للسلاح الميليشيوي، وهو يدفع رجال السلطة من حلفائه وخصومه إلى الفساد، بالشراكة مع قياديين فيه، يربطهم به مالياً، ويهددهم كلما احتاج إلى ذلك، بفضح ملفات فسادهم.

وتحول الفاسدون إلى مدافعين عن حزب الله وسلاحه، وصار الحزب وسلاحه أداة القمع الأولى لأي تغيير في لبنان يؤدي لكشف فساد حزب الله ومن معه، فاختلط حابل الحزب بنابل الفساد، ليعلق اللبناني صيفاً في الحريق أما شتاءً فهو غريق.