من احتجاجات إيران.(أرشيف)
من احتجاجات إيران.(أرشيف)
الجمعة 6 ديسمبر 2019 / 10:42

لماذا تنقذ أوروبا نظام الملالي؟

24 – مروة هاشم

مع أن احتجاجات الإيرانيين ضد نظام الملالي اندلعت الشهر الماضي، إلا أن العالم لم يكتشف حجم القمع الذي يواجهه الإيرانيون سوى في الأيام القليلة الماضية، وذلك من خلال مقاطع الفيديو التي يتم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي وتُظهر قيام قوات الأمن بإطلاق النار على المتظاهرين.

الشعب الإيراني لن ينسى سريعاً العنف والعذاب الذي شهده على أيدي نظام الملالي، وكذلك لن ينسى أيضاً القوى الأجنبية التي منحت نظام الملالي شريان حياة اقتصادي

ويُشير الصحافي إيلي ليك، في تقرير نشره موقع "فريدريكبيرغ"، إلى تصريحات شخصيات المعارضة الإيرانية البارزة مثل مير حسين موسوي، أحد زعماء انتفاضة الحركة الخضراء للعام 2009 الخاضع للإقامة الجبرية منذ 2011، والتي مفادها أن إيران، مع القمع الوحشي، تنتفض بسبب أسوأ اضطرابات تشهدها خلال أربعين عاماً. كما أورد تقرير لمنظمة العفو الدولية أن ما لا يقل عن 208 شخص قد قُتلوا.

الالتفاف على العقوبات الأمريكية
ويقول الصحافي: "من المثير للدهشة بالفعل أن يختار حلفاء أمريكا الأوروبيون نهاية الأسبوع الماضي للإعلان عن انضمام ست دول أخرى إلى نظام المقايضة المعروف باسم (إنستكس) وهو الآلية الأوروبية لمواصلة التجارة مع إيران والتهرب من العقوبات الأمريكية على النفط الإيراني، حيث أعلنت بلجيكا والدنمارك وفنلندا وهولندا والنرويج والسويد يوم السبت الماضي أنها ستنضم إلى فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة".

ويرى الباحث على رضا نادر، الزميل البارز بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أن الدفع بآلية "إنستكس" في هذا التوقيت بالتحديد، رغم الكشف عما يحدث داخل إيران من قمع وعنف ضد المتظاهرين، يعكس غياب الاهتمام بحقوق الإنسان.

ورداً على ردود الفعل التي تنتقد آلية "إنستكس"، غرد روب ماكاير سفير المملكة المتحدة لدى إيران قائلاً: "لانزال نعرب عن قلقنا بشأن وضع حقوق الإنسان في إيران، ولكن آلية إنستكس تعكس أننا سنعمل على دعم التجارة التي تعود بالنفع على جميع الإيرانيين طالما أن الاتفاق النووي الذي لايزال قائماً بالنسبة إلى أوروبا".

ويعتبر الصحافي أن ما كتبه ماكاير يُعد بمثابة العذر الذي يستخدمه الكثير من الغربيين منذ عقود من أجل تبرير التجارة ليس فقط مع إيران ولكن مع الأنظمة القمعية الأخرى. كما أن هذا التبرير لا يستند إلى أي أساس من الصحة.

فساد نظام الملالي
ويقول الصحافي "على سبيل المثال نجد أنه في الأزمة المصرفية الإيرانية، كان الفساد والمحسوبية هما السبب في فشل المصارف في وقت مبكر من  2017، قبل أن تفرض إدارة ترامب العقوبات المشددة ضد الاقتصاد الإيراني، وكانت عوائد الاستثمار في إيران تعود إلى نخبة نظام الملالي لا إلى أولئك الذين يعانون من سوء إدارة الملالي للاقتصاد المفروض ضده العقوبات الآن".

ويلفت الصحافي إلى أن الفساد ليس سوى جزء من المأساة التي تشهدها إيران، حيث تعمد إلى تحويل ثروتها لخدمة تدخلاتها الخارجية وأطماعها لتوسيع نفوذها بالخارج. وأشارت وزارة الخارجية الأمريكية في 2018 إلى أن إيران أنفقت 18 مليار دولار منذ 2012 في العراق وسوريا واليمن، بما في ذلك دفع رواتب الآلاف من مقاتلي الميليشيات الموالية لإيران.

ويدرك الإيرانيون جيداً أن ثروات بلادهم تهدر في الخارج ولذلك ينتشر الشعار التالي بين المحتجين "لا غزة ولا لبنان .. حياتنا من أجل إيران".

أزمة شرعية
ويلفت الصحافي إلى أنه قبل عشر سنوات خرج مئات الآلاف من أنصار موسوي إلى الشوارع في احتجاجات قادتها الطبقات الحضرية المتعلمة للتعبير عن الغضب من الانتخابات المسروقة، ولكن احتجاجات اليوم انتشرت في جميع أنحاء إيران ووصلت إلى طبقة الفقراء العاملين، وحتى الأحزاب الكردية (التي تسعي بشكل تقليدي لتحقيق أجندتها الخاصة) باتت تعمل الآن مع منظمي الحركة الوطنية.

ويختم الصحافي "من السابق لأوانه القول إن الاحتجاجات الأخيرة التي تشهدها إيران هي بداية نهاية نظام الملالي، ولكن من الواضح أن نظام الملالي يواجه أزمة شرعية. وربما يعتقد الأوروبيون أن المرشد الأعلى آية الله على خامنئي يتمتع بسلطة بقاء أكبر من قوة الشاه محمد رضا بهلوي، ولكن الشعب الإيراني لن ينسى سريعاً العنف والعذاب الذي شهده على أيدي نظام الملالي، وكذلك لن ينسى أيضاً القوى الأجنبية التي منحت نظام الملالي شريان حياة اقتصادي".