الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الجمعة 6 ديسمبر 2019 / 14:18

الإسلام السياسي يستحيل أن يكون علمانياً..تركيا نموذجاً

يفترض أن النظام في تركيا علماني، لأن الدستور التركي ينص على أن الدولة ومؤسساتها تقف على مسافة واحدة من جميع الديانات. ونظرياً، يعتبر التمييز على أساس المعتقد الديني جريمة في تركيا.

8.2٪ فقط من الأتراك سيكونون راضين لو كان لهم جار أرمني، فيما سيشعر 10.2٪ فقط من هؤلاء بالراحة إن كان لهم جار يوناني

وذكر براق بيكديل، صحفي تركي بارز، وزميل منتدى الشرق الأوسط، بما قاله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بأنه يقف على مسافة واحدة من جميع الأديان، وأنه يعارض أي "قومية دينية". وفي 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قال لممثلي وسائل إعلام التقاهم في البيت الأبيض، إن تركيا ستعمل على ترميم كنائس دمرت في سوريا.

لكن حسب كاتب المقال، يقدم أردوغان وحكومته مثالاً ممتازاً على أن الإسلام السياسي يستحيل أن يكون علمانياً.

تمييز وتدخل
وخلص التقرير السنوي لعام 2019 الصادر عن اللجنة الأمريكية بشأن الحريات الدينية في العالم (USCIRF)، إلى أن الحكومة التركية تواصل التمييز ضد الأقلية العلوية، وتتدخل في شؤون من تبقى من السكان الأرمن واليونانيين الأرثوذكس، من المقيمين في تركيا منذ وقت طويل.

وحضت اللجنة على الحكومة الأمريكية على اتباع ما يلي:
- حض الحكومة التركية على الالتزام الكامل بأحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن حرية الدين أو المعتقد ...
- الضغط على الحكومة التركية لتبسيط تدابير تسمح لغير المسلمين السنة بتقديم طلبات من أجل الحصول على تمويل لدعم مشاريع إعمار وصيانة والمحافظة على دور عبادتهم.

- حض الحكومة التركية على ضمان أن يكون المنهاج التعليمي شاملاً لجميع المجموعات الدينية في تركيا...
- الضغط على الحكومة التركية لتوبيخ مسؤولين يدلون بتصريحات معادية للسامية أو أية تصريحات مهينة أخرى بحق طوائف دينية في تركيا.
 
اغتيالات
ويلفت كاتب المقال لمقتل هرانت دينك، صحفي تركي من أصل أرمني في يناير(كانون الثاني) 2007، وسط شارع مزدحم في اسطنبول على يد شاب قومي تركي. وبعد ثلاثة أشهر، قتل خمسة شبان من المسلمين الأتراك ثلاثة عمال مسيحيين (أحدهم ألماني وتركيين) كانوا يعملون لدى دار زيرفي للنشر بحجة نشاطات تبشيرية مسيحية، بما فيها توزيع نسخ من الإنجيل. وقد قتل المسيحيون الثلاث بوحشية بسبب على ما يبدو أنشطة اعتبرها مسلمون أتراك بأنها تبشيرية ولذا صنفوا في خانة "المعادين لتركيا".

ووفق دراسة أجرتها عام 2018 جامعة قادر هاس في إسطنبول، تبين أن 8.2% فقط من الأتراك سيكونون راضين لو كان لهم جار أرمني، فيما سيشعر 10.2% فقط من هؤلاء بالراحة إن كان لهم جار يوناني( مسيحي أرثوذكسي).

وفي المقابل، يرى الكاتب أن دولة علمانية تخلو عادة من أية مشاعر تقوم على محبة أو كراهية مواطنيها وفقاً لمعتقداتهم الدينية. وتوضح المادة 10 من الدستور التركي هذه النقطة، وتنص على أن "الجميع متساوون أمام القانون بغض النظر عن لغاتهم أو أعراقهم أو أجناسهم وألوانهم وآرائهم السياسية ومعتقداتهم الفلسفية والدينية، وطوائفهم..". ولكن، كما هو الحال دائماً، تختلف القوانين عند تطبيقها.

تعددية حسب الطلب

وحسب الكاتب، يتمسك دوماً الإسلاميون بمبدأ الأغلبية في مناطق يشكلون أغلبية سكانها، وبالتعددية عندما يكونون أقلية. فإذا أوقف مثلاً مدرس تركي عن العمل في ألمانيا ذات الغالبية المسيحية، يقلب الأتراك الدنيا رأساً على عقب، ويسارعون إلى تقديم شكاوى أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بدعوى التمييز الديني. ولكن داخل تركيا، ليس خطأً ممارسة التمييز الديني ضد غير المسلمين، بدعوى أن 90٪ من الأتراك مسلمون.

ويختم الكاتب رأيه بالإشارة إلى أنه، قبل 100 عام، شكل المسيحيون 20% من سكان تركيا. واليوم لا تتعدى نسبتهم 0.2%. ولكن العقلية التركية ما تزال تتخوف من عدد قليل من المواطنين المنتمين إلى ديانة مختلفة.