نعوش رمزية أثناء تأبين ضحايا الاحتجاجات في العراق (تويتر)
نعوش رمزية أثناء تأبين ضحايا الاحتجاجات في العراق (تويتر)
السبت 7 ديسمبر 2019 / 00:39

عشائر عراقية: قتل المتظاهرين.. مثل أيام صدام حسين

في ساحة لا تبعد كثيراً عن جسر قتلت قوات الأمن العراقية عليه محتجين بالرصاص في مدينة الناصرية جنوب البلاد، وضع متظاهرون ومتظاهرات شبان نعوشاً رمزية للقتلى بعد أن لفوا كل نعش بعلم العراق ووضعوا عليه صورة قتيل.

وبين أكثر من 40 نعشاً وضعها المتظاهرون في ثلاثة صفوف سار المتظاهر مرتضى جودة الذي شاهد القتل قبل فجر يوم الخميس الماضي.

وقال جودة وهو يشير إلى صور من يعرفهم من القتلى: "هذا الرجل محمد لقي حتفه برصاصة في العنق. كرار أصابه الرصاص في جانب من الرأس. هذا الرجل الثالث، مات برصاصة في القلب".

وقال رعد حربي، الذي اعتصم يوم الأربعاء بعد أيام من انسحاب قوات الأمن من على الجسر الذي بدت عليه آثار حريق، إن الاشتباكات استمرت ساعتين تقريباً.

وأكد "قتلوا آخر أصدقائي الذين كنت أحتج معهم منذ أكتوبر(تشرين الأول). أنا الوحيد الذي بقي منهم".

ثم حمل النشطاء النعوش وانضموا إلى مسيرة طولها ميل خرجت لتأبين عشرات من أبناء الناصرية الذين لقوا حتفهم في المظاهرات المناوئة للحكومة المستمرة منذ شهرين.

كانت الاشتباكات حول جسر الزيتون على نهر الفرات الأكثر دموية، منذ اندلاع الاضطرابات في بغداد في 1 أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، والتي اجتاحت جنوب العراق الذي تسكنه أغلبية شيعية.

وصدمت الاحتجاجات العراق الذي شهد عامين من الهدوء النسبي بعد هزيمة تنظيم داعش.

وقالت الشرطة ومسعفون في الناصرية، إن قوات الأمن قتلت 46 شخصاً بعد أن فتحت النار على المتظاهرين الذين كانوا يغلقون جسر الزيتون وطرقاً أخرى رئيسية مؤدية إليه.

وقال المسعفون إن عشرات الإصابات القاتلة لحقت بالمحتجين السلميين برصاص البنادق والأسلحة الآلية.

وقُتل أكثر من 400 محتج كما قُتل أكثر من 12 من أفراد قوات الأمن منذ اندلاع الاضطرابات. ومن بين هذا العدد من الضحايا ما يقرب من 100 في الناصرية.

وتنفي الحكومة العراقية إطلاق قواتها الذخيرة الحية مباشرة على المحتجين، وتقول إنها تحميهم، وتقول إن مخربين غير معروفين يقفون وراء العنف.

واستخدم بعض المتظاهرين القنابل الحارقة والمقاليع ضد الشرطة، والمباني العامة، وأحرقوا القنصلية الإيرانية، في النجف بجنوب العراق الأسبوع الماضي.

وأثارت القتل في الناصرية رابعة كبرى مدن العراق وواحدة من أفقرها السخط على السلطات والأحزاب السياسية التي تدعمها إيران والجماعات المسلحة التي تهيمن على مؤسسات الدولة.

إراقة الدماء .. مثل أيام صدام
الناصرية موطن عشائر شيعية قوية في الجنوب وشهدت نشأة حزب البعث الذي حكم العراق في عهد صدام حسين، كما تضم مقار الأحزاب الشيعية الرئيسية المدعومة من إيران، والتي أُحرقت ونُهبت على أيدي المحتجين في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويقول النشطاء الذين يسيطرون الآن على الطرق الرئيسية والجسور مثل جسر الزيتون، إن أراقة الدماء قوت عزيمتهم.

ويتعهد المحتجون بالبقاء في الشوارع حتى تحقيق مطالب الانتفاضة الشعبية بالعراق، وهي إصلاح النظام السياسي، ورحيل النخبة الحاكمة الفاسدة، التي يقولون إنها تركت العراقيين نهباً للعوز والبطالة.

وقطع المحتجون خطوة نحو تحقيق الهدف عندما أعلن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وهو من أبناء الناصرية، استقالة حكومته الأسبوع الماضي.

وقال طالب فارس، وهو زعيم عشائري، في تأبين اثنين من أبناء عشيرته في ميدان بالمدينة إن استقالة رئيس الوزراء لا تكفي، وعلى الجميع أن يرحلوا.

وتلا أسماء سياسيين بينهم قادة جماعات مسلحة مدعومة من إيران، فرضوا سطوتهم على الحكومة والبرلمان منذ الإطاحة بصدام، بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003.

وقال طالب إن العراقيين لا يريدون تدخلاً أجنبياً، ولا يريدون الدور الذي تلعبه إيران في بلادهم.

وأضاف أن إراقة الدماء في العراق مماثلة لما كان يحدث في عهد صدام، لكنها الآن بأيدي الأحزاب الشيعية.

وبينما كان فارس يتحدث تدفق الآلاف على الميدان لتأبين القتلى، يبكون وينشدون. وكابد قادة عشائر مسنون للمشاركة على قدم المساواة مع الشبان.

وقال مسعف وهو ناشط أيضاً: "جيلنا تجاوز حاجز الطائفية. انظر إلى الشبان الذين يتظاهرون في المناطق السنية في الشمال لدعمنا".

وأضاف "بعض الشبان الذين ماتوا على الجسر لم يكن لديهم حتى المكان الذي يبيتون فيه. هذا الغضب لن ينتهي".