الأحد 8 ديسمبر 2019 / 11:38

هكذا تبيع وسائل الإعلام الغربية نفسها لقطر

تعاونت في الفترة الأخيرة وسائل إعلام تقدمية ومنظمات تعليمية، بينها برامج NowThis و Vox و SXSW و TED مع الحكومة القطرية لإنتاج سلسلة نقاشات موجهة إلى الأمريكيين، سميت مناظرات الدوحة. ومولت مؤسسة قطر هذه السلسة التي شملت نقاشات مصورة أمام جمهور حي في استوديهات باهرة، وتم الترويج لها على الإنترنت.

يتحدى الكاتب المشاركين في مناظرات الدوحة أن يتحلوا بالشجاعة في شأن علاقتهم مع قطر ويفصحوا عن المبلغ الذي دفعته الدوحة مقابل صمتهم في سجل حقوق الإنسان

وكتب رئيس المجموعة الأمريكية المناهضة للعبودية تشارلز جاكوبز في "واشنطن إكزامينر" أنه يتم تقديم سلسلة المناظرات على أنها مشاركة فكرية رفيعة المستوى في المسائل التي تهم الغربيين، مثل مستقبل الرأسمالية والديمقراطية. لكن مهمتها الحقيقية هي المساعدة في إقامة "شاشة دخانية" تأمل الحكومة القطرية في أن تحجب بعض سياساتها الداخلية والخارجية الأكثر ضرراً للتقدم في العالم.

ورأى أن مناظرات الدوحة هي الخطوة الأحدث في العلاقات العامة التي يقوم بها نظام غير ليبرالي استطاع أن يفرض نفسه على النخب التقدمية الغربية بسهولة ملحوظة.

وتظهر مناظرات الدوحة، برأي جاكوبز، أنه بالنسبة لبعض المنافذ في مجال الصحافة اليوم، فإن القيم التقدمية هي مجرد مواقف تخدم جمهوراً ساذجاً، معتبراً أنه المال الذي يتحدث.

بالسعر المناسب
وبسعر مناسب، يتجاهل NowThis سجلاً فظيعاً لحقوق الإنسان ويغفل SXSW العبودية الحديثة وتحتضن Vox Media حكومة يفترض بسجلها حيال معاملة العمال والمثليين والأقليات إلى أحلك زوايا مجتمع الأمم.

ويقوم بعض النشطاء التقدميين مثل أناند غريدهاراداس من شبكة "سي أن بي سي" الأميركية بالرحلة إلى الدوحة أيضاً.

ويقول الكاتب إن غيريدهاراداس حوّل إثارة الغوغائية ضد أصحاب المليارات مهنة مربحة، بما في ذلك إطلالة غريبة في قطر، حيث أطل في حلقة لمواجهة "نفاق أصحاب المليارات"، علماً أن قطر تديرها عائلة تستخدم ثرواتها البترولية للسيطرة على وسائل الإعلام المحلية واستضافة الإرهابيين ورشوة المسؤولين الأجانب.

العبودية الحديثة
ولفت الكاتب إلى أنه أمضى حياته المهنية يناضل ضد العبودية الحديثة، و"يمكنني القول إن الحكومة القطرية هي إحدى العوائق أمام استئصال العبودية من العالم".

ويشكل العمال الأجانب 90% من سكان قطر، ويواجه هؤلاء ممارسات وحشية تبقيهم محتجزين داخل البلاد ورهناً بمرؤوسيهم.
 
ويعاني هؤلاء ظروف عمل خطيرة مقابل أجور زهيدة، إذا تقاضوها أصلاً. ووفقًا لمنظمة العفو الدولية، فإن عشرات الآلاف من العمال من جنوب آسيا معظمهم "تحت رحمة مدراء مستغلين، يتعرضون لخطر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بما في ذلك السخرة".

كأس العالم
وخلال سنتين، سيراقب الملايين استضافة قطر كأس العالم- وهو شرف يُعتقد أنه أمكن شراءه من خلال حملة ضخمة من الرشوة والكسب غير المشروع والفساد. واستعدادًا لهذا الحدث، يعمل حوالي مليوني عامل مهاجر في ظروف مروعة لبناء البنية التحتية اللازمة لاستضافة الألعاب. وسوف يموت حوالي 4000 من هؤلاء العمال بسبب ظروف العمل الخطيرة.

وتشكل قناة الجزيرة التي يملكها ويمولها النظام القطري منبراً لدعاة الكراهية المعادية للسامية. ويستضيف النظام القطري قادة الجماعات الإرهابية مثل حماس في أماكن إقامة فاخرة.

وتتضمن قيم Vox Media "الجودة واحترام الجميع والشمولية، وتحمل المخاطر". وتعد Group Nine Media التي تمتلك NowThis و Thrillist وغيرها بتوفير وسائل الإعلام التي "تلهم التفاؤل"، وتدعي بأن تقاريرها يجب أن "تتبنى الفردية" وتشجع الشمولية. ولم تذكر أي منافذ مثل Vox الشراكة مع حكومة تستعبد آلاف العمال المهاجرين المستضعفين.
وتشير Group Nine Media إلى نفسها كشركة تشجع الناس على "التحلي بالشجاعة" و"أن يكونوا صادقين".

صمت حيال حقوق الإنسان
من هذا المنطلق، يتحدى الكاتب المشاركين في مناظرات الدوحة أن يتحلوا بالشجاعة في شأن علاقتهم مع قطر ويفصحوا عن المبلغ الذي دفعته الدوحة مقابل صمتهم في سجل حقوق الإنسان، فضلاً عن الأسباب التي دفعتهم للمشاركة في مناظرات الدوحة والقيود المرفقة والصريحة والضمنية؟

وخلص إلى أن لهذه المنافذ تأثيراً كبيراً وخاصة بين الشباب، وهي أكثر شعبية من أي وقت مضى في الأوساط الليبرالية. لذا، تقع عليها مسؤولية القيام بعمل أفضل -سواء بالنسبة إلى رقيق العالم أو لجماهيرها الغربية. وحان الوقت لها لفضح الدوحة. إذا لم تفعل ذلك، يجب على قرائها التخلي عنها.