الأحد 8 ديسمبر 2019 / 14:40

ماذا فعلت أمريكا لإيرانيين يقمعون بقسوة؟

قبل أكثر من خمسين عاماً، أعاد الرئيس الأمريكي الأسبق جون إف كنيدي كتابة السياسة الأمريكية للعالم النامي واضعاً نصب عينيه هدفاً محدداً: وقوف أمريكا إلى جانب قوى ثورية سعت لإحداث تغيير تدريجي.

على الرئيس الأمريكي ترامب أن يتخلى عن تكتمه المعتاد بشأن تعزيز حقوق الإنسان والإعلان، مراراً وبقوة، عن وقوف أمريكا إلى جانب من يخاطرون بحياتهم من أجل إيران حرة

ويشير لورنس هاس، كاتب رأي مساهم في موقع "ذا هيل" الأمريكي، إلى أن دوايت أيزينهاور، سلف كنيدي في رئاسة أمريكا، أخضع السياسة الأمريكية للعالم النامي لرغبات الأوروبيين، حلفاء أمريكا الذي واصلوا السيطرة على مستعمرات حول العالم، وغالباً ما حكموا سكانها بقسوة شديدة.

وفي مقابل ذلك، يلفت هاس، إلى إدراك كنيدي أن التغيير كان قادماً في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، حيث ازداد شعور الملايين بالإحباط نتيجة قمع سياسي، وضعف مستويات المعيشة. كما أدرك كنيدي أن الجيل القادم من زعماء تلك القارات سيتذكر ما إذا كانت واشنطن دعمت جهودهم أم لا، وبالتالي سيحدد ما إذا كانت الولايات المتحدة ستجد نفسها، بعد التغيير، مع حلفاء جدد أو خصوم جدد.

السؤال ذاته مع إيران
ويرى كاتب المقال أن واشنطن تواجه اليوم ذات السؤال في إيران التي تواجه حالياً ما يمكن أن يعتبر أشد الاحتجاجات استدامة منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في 1979. وحسب الكاتب، عند سقوط النظام (سواء بعد شهر أو عام أو عشر سنوات)، هل سيقدِّر من يخلفه في السلطة الدعم الذي تلقوه من واشنطن؟.

ويبدو واضحاً، وفقاً للكاتب، مدى تأثير حملة "الضغط الأقصى" الاقتصادية التي تفرضها إدارة ترامب، التي فاقمت مشاكل النظام، وربما أضعفت قبضته على السلطة. ولكن، كمن سبقها، لا تقدم الإدارة الأمريكية دعماً معنوياً أو مادياً ممكناً لمن يخاطرون بحياتهم يومياً، وهم يتظاهرون لأجل الحصول على مزيد من الحريات السياسية والفرص الاقتصادية.
  
وخرج، خلال الأسابيع الأخيرة، مئات الآلاف من الإيرانيين إلى شوارع 29 من إجمالي 31 محافظة إيرانية، في مدن كبيرة وصغيرة، بعدما ضاعفت الحكومة أسعار الوقود. ووفق ما قالته وسائل إعلام إيرانية رسمية ومسؤولون، هاجم المنتفضون 50 قاعدة عسكرية، وأوقعوا أضراراً في مئات المصارف والساحات العامة والسيارات والدراجات النارية.

سلوك معتاد
وعلى عادتها عند مواجهة احتجاجات واسعة النطاق، قمعت طهران المنتفضين بقسوة، ما أدى لسقوط ما لا يقل عن 180 قتيلاً (إن لم يكن مئات)، وإصابة قرابة 2000 آخرين، واعتقال حوالي 7000 شخص. وأطلقت قوات الأمن النار على محتجين غير مسلحين، في مدينة مهشهر في جنوب غرب البلاد، عندما قتل فيالق الحرس الثوري الإسلامي متظاهرين لجؤوا إلى مخبأ، فسقط عشرات منهم.
إلى ذلك، وصف إبراهيم رئيسي، رئيس المحكمة العليا الإيرانية المنتفضين بأنهم "أعداء الله" وطالب بإعدامهم، كما فعلت صحيفة ذات خط متشدد تعكس وجهات نظر المرشد الأعلى علي خامنئي. وكالعادة، حمل كبار المسؤولين الإيرانيين الغرب مسؤولية إثارة الفوضى، فضلاً عن إشارة خامنئي إلى "مؤامرة شديدة الخطورة".

سنوات من الإحباط
ولكن، حسب كاتب المقال، الاحتجاجات نابعة من الداخل الإيراني، وتعكس سنوات من الإحباط الشعبي. وفيما يحكم النظام بقسوة والفساد مستشرٍ، فاقمت العقوبات الأمريكية من مشاكل إيران الاقتصادية. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد الإيراني بنسبة 10% في العام الجاري، مع ارتفاع معدل التضخم، وهبوط قيمة العملة، وتعرض النظام المصرفي للانهيار.

وبرأي الكاتب، بموازاة فرضها عقوبات لإجبار النظام على إعادة التفاوض على الصفقة النووية الدولية لعام 2015، يفترض بواشنطن أن تعمل علانية، ومن خلف الكواليس على دعم المنتفضين في الشوارع الإيرانية. وعلى الرئيس الأمريكي ترامب أن يتخلى عن تكتمه المعتاد بشأن تعزيز حقوق الإنسان والإعلان، مراراً وبقوة، عن وقوف أمريكا إلى جانب من يخاطرون بحياتهم من أجل إيران حرة وديمقراطية.

إلى ذلك، يشير الكاتب إلى وجوب تعاون الإدارة مع مزودي خدمات الانترنت وشركات التواصل الاجتماعي لإيجاد سبل تضمن وصول الإيرانيين إلى الشبكة العنكبوتية حتى في حال أغلقها النظام، كما فعلت طهران عندما اندلعت الاحتجاجات في الشهر الماضي.