عراقي يتظاهر في بغداد
عراقي يتظاهر في بغداد
الأربعاء 11 ديسمبر 2019 / 12:08

المشروع الإيراني بالمنطقة في خطر

كتب وكيل وزارة الدفاع الأمريكية الأسبق دوف زاخم، في مقال بموقع "ذا هيل" الأمريكي"، أن نظام الملالي في طهران يواجه أوقاتاً عصيبة، بعد أسوأ احتجاجات في إيران منذ الوصول إلى السلطة قبل أربعة عقود.

إيران تستغل الأزمة السياسية في العراق لنقل صواريخ متوسطة المدى تخضع لحماية الميليشيات التي تسيطر عليها

ويُشير زاخم إلى أن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها إدارة ترامب على إيران أصابت اقتصادها بالشلل، وكانت السبب الرئيسي في إخفاق نظام الملالي في احتواء الاحتجاجات بشكل كامل.

وبالتوازي مع ذلك تقوض الاضطرابات في لبنان والعراق خاصةً، جهود طهران لترسيخ هيمنتها في الشرق الأوسط.

هيمنة إيران في العراق
ويوضح زاخم أن تدخل إيران في العراق يختلف عن أنشطتها في أماكن أخرى بالمنطقة، تحديداً في لبنان، وسوريا، واليمن، إذ طالما سعت للسيطرة على هذا البلد وخاضت ضده حرباً دامية استخدمت فيها الأسلحة الكيماوية في الثمانينيات من القرن الماضي.

ولكن إسقاط الولايات المتحدة لنظام الرئيس صدام حسين، عدو طهران اللدود، والاضطرابات التي التي أعقبت ذلك، منحا طهران فرصة غير مسبوقة للتدخل في الشؤون العراقية، خاصةً عندما تولى نوري المالكي منصب رئيس الوزراء في 2006.

ويقول الكاتب: "أسفرت جهود المالكي عن قمع السُنة في البلاد، وإرساء هيمنة شيعية في جميع المناطق باستثناء المناطق الكردية، ما مكن طهران من تكريس نفسها قوةً مهيمنةً في العراق، خاصةً بعد سحب الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما للقوات الأمريكية من العراق في نهاية 2010".

وباتت إيران نشطة بشكل خاص في وزارة الداخلية العراقية، ووسعت دورها في شؤون العراق بمجرد أن أنشأ المالكي قوات الحشد الشعبي في 2014، التي أصبحت عنصراً حاسماً في الجهود الرامية للقضاء على تنظيم داعش الإرهابي، وهزيمته. واستفادت هذه القوات من التدريب الإيراني، وتحديداً من دعم فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، وقائده قاسم سليماني.

إخفاق سليماني في إنقاذ المهدي
ويلفت كاتب المقال إلى أن سليماني يلعب دوراً كبيراً في السياسة العراقية، وعلى سبيل المثال، قال مسؤول بارز في وزارة الخارجية الأمريكية، إنه يحتاج إلى تأشيرة كل مرة يذهب فيها العراق، بينما يمكن لسليماني دخول العراق وقت ما يشاء.

وعندما تولى عادل عبد المهدي رئاسة الوزراء في أكتوبر(تشرين الأول) 2018 كان على استعداد لقبول مرشح سليماني لمنصب وزير الداخلية. وبعد مرور عام، ومع تهديد عبد المهدي بالاستقالة بسبب  الاحتجاجات في الشارع، كان سليماني في العراق لمنع "دمية طهران" عبد المهدي، من التخلي عن منصبه.

ولكن سليماني، حسب الكاتب، أخفق في إنقاذ منصب عبد المهدي، وتحولت الاحتجاجات إلى التركيز على فساد الحكومة العراقية، والتدخل الإيراني في شؤون البلاد، وأسقطت رئيس الوزراء. والواقع أن الاحتجاجات هددت بتقويض كل ما أنجزه ملالي طهران وسليماني في العقد الماضي.

وتعارض إيران دمج قوات الحشد الشعبي مع القوات الحكومية، الأمر الذي كان يجب أن يحدوث منذ سنوات، في رأي كاتب المقال.

وتشعر إيران بالقلق من ألا يكون رئيس الوزراء المقبل دمية سهلة كما كان عبد المهدي، وتخشى طهران فقدان القبضة التي تمسك بشؤون العراق، الأمر الذي يمنعها من استغلال ثروة هذا البلد النفطي، في وقت يتخبط فيه الاقتصاد الإيراني بشدة.

قمع الاحتجاجات
ويرى كاتب المقال، أن ثمة أمراً في غاية الأهمية يتعلق بالاحتجاجات ضد الحكومة العراقية، يتمثل في تركزها في الجنوب الشيعي، وفي بغداد، وشهدت مدينة الصدر مثلاً أسوأ أعمال الشغب، إضافة إلى أماكن أخرى في المدن الرئيسية.

ويلفت الكاتب إلى تدهور العلاقات بين الشيعة العراقيين والإيرانيين، التي يسود ازدراء متبادل، معتبراً أنه ليس من المصادفة أن الشيعة العراقيين كانوا مقاتلين نشطين في الحرب ضد إيران، ولم يشكل المذهب الشيعي المشترك أهمية تتجاوز ما كانت تشكله المسيحية في حروب أوروبا التي لا حصر لها، بما في ذلك الحربان العالميتان.

ولكن الأمر الأهم عند العراقيين هو أن الحكومة الخاضعة للنفوذ الإيراني بشكل واضح، كانت مسؤولة عن مقتل أكثر من 400 شخص، وإصابة قرابة 20 ألف آخرين على أيدي قوات الأمن، وذلك وفق إفادات رسمية.

وتورد التقارير الواردة من العراق أن العائلات تتعرض للضغط لتوقيع خطاب يفيد بأن ذويهم والمقربين منهم ماتوا لأسباب أخرى مثل النزاعات القبلية، أو الحوادث، وليس بعد إطلاق النار عليهم من قبل قوات الأمن.

التحرر من سيطرة إيران
ويستبعد كاتب المقال أن تنتهي الاحتجاجات وأعمال الشغب إذا لم تمسك حكومة أخرى غير خاضعة للنفوذ الإيراني بمقاليد السلطة في العراق.

وعندما يحدث ذلك، فإن آية الله على السيستاني، المرجع الشيعي الأعلى في العراق، سيكون على الأرجح الشخصية الرئيسية وراء الكواليس، لأن كلمته الأخيرة هي التي أدت إلى استقالة عبد المهدي، وهو الذي رفض أيضاً الاجتماع مع الإيرانيين الذين كانوا يسعون إلى منع الإطاحة برئيس الوزراء.

ويورد المقال أن إيران تستغل الأزمة السياسية في العراق لنقل صواريخ متوسطة المدى بحماية الميليشيات التي تسيطر عليها.

الأطماع الإيرانية بالمنطقة
رغم احتفاظ الولايات المتحدة بقوات عسكرية في العراق، إلا أنها امتنعت عن التدخل في الأزمة السياسية في العراق.

ويبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منشغل بأمور أخرى، بينما ينحسر عدد المسؤولين الذين يشعرون بالقلق من أن يتسبب أي تدخل أمريكي في بغداد، في نتائج عكسية.

ويختم كاتب المقال، قائلاً: "إنهم محقون، لا يحتاج العراقيون إلى تدخل أمريكي في الوقت الراهن، وإنما يحتاجون إلى وعد بحصول حكومة مستقلة في بغداد، على دعم سياسي، واقتصادي أمريكي غير محدود، وعلى الولايات المتحدة الوفاء بهذا الوعد دون تحفظ، لأن ذلك من شأنه أن يساعد على كشف أهداف الهيمنة الإيرانية في جميع أنحاء الشرق الأوسط".