الخميس 12 ديسمبر 2019 / 12:20

الاحتجاجات وتبادل الرهائن يبعد المفاوضات مع إيران...لا العكس

رأت الباحثة أريان طباطبائي، أن الاحتجاجات الإيرانية، ,تبادل الأسرى المفاجئ مع الولايات المتحدة في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، يمكن أن تمثل بداية فصل جديد في السياسة الداخلية لإيران، ولكنها ستبقى على الأرجح عائقاً أمام المحادثات مع الولايات المتحدة.

على إدارة ترامب أن تستعد أيضاً لاستئناف محتمل لتوترات مشابهة لما حدث خلال فصلي الربيع والصيف عندما هاجمت القوات المدعومة إيرانياً منشآت إنتاج النفط والشحن

وتُشير الكاتبة في مقال بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، إلى انتشار الاحتجاجات الواسعة في 100 مدينة وبلدة عندما حاولت الحكومة الإيرانية تغيير سياساتها بهدوء وإلغاء دعم البنزين ورفع أسعاره، ولكن نظام الملالي تفاجأ برد الفعل العنيف، فرد بقوة وأطلق العنان لقوات الأمن لقمع المتظاهرين، وقطع الإنترنت عدة أيام.

لا اتفاق بين إيران وامريكا
وكشفت التقارير، بعد استعادة الانترنت، حجم القتل الوحشي والاعتقالات، بعد القبض على الآلاف وقتل مئات المتظاهرين، وبدل التمسك بجبهة موحدة، نفى المسؤولون الرسميون في نظام الملالي مسؤوليتهم، وتبادلوا الاتهامات.

وتقول الباحثة إن الاحتجاجات الإيرانية الأخيرة كانت الأكثر انتشاراً، وأن الرد عليها كان أسرع وأكثر عنفاً من العقود السابقة، خاصةً أن شرعية نظام الملالي لم تواجه تحدياً بمثل هذه القوة منذ احتجاجات الحركة الخضراء في 2009.

وتقول: "رغم أن الاحتجاجات الأخيرة تنطوي على تداعيات كثيرة على السياسة الداخلية لإيران، إلا أنه مهما حدث داخل البلاد، فإن السياسة الخارجية لإيران لن تتغير، ويعني ذلك أنه لا أمل في التوصل إلى اتفاق إيجابي بين إيران والولايات المتحدة بعد فترة الفوضى، مع استعداد الأخيرة للانتخابات الرئاسية في 2020".
  
انقسامات داخلية
وعشية الاحتجاجات الإيرانية، بدا حكام إيران أكثر تماسكاً من أي وقت مضى، بعد أن أسفرت سياسة الضغط الأقصى التي فرضتها إدارة ترامب على إيران، والتي تركز في معظمها على الضغط السياسي والعقوبات الاقتصادية، عن توحيد مراكز سلطة النظام، والكتل السياسة.

ولكن بعد فترة وجيزة من اندلاع الاحتجاجات انقلبت الأمور رأساً على عقب، وأعلن المرشد الأعلى الإيراني على خامنئي، أنه اتبع فقط نصيحة "الخبراء" بتعديل أسعار الوقود، أما الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي كان تدخله حاسماً في خطة إلغاء الدعم، فادعى جهله بتوقيت تطبيق هذا الإجراء.

وحسب المقال، تعارضت ادعاءات روحاني مع تصريحات رئيس مجلس الشورى الإيراني على لاريجاني، الذي أعلن في الأثناء أنه لن يسعى إلى الترشح لإعادة انتخابه، الأمر الذي زاد الشكوك في استعداد لاريجاني لخوض الانتخابات بديلاً لروحاني في 2021، بعد انتهاء ولايته الثانية.

وفي الأثناء، انتشرت تكهنات بعزل روحاني بسبب إخفائه قرار إلغاء الدعم عن السلطة التشريعية، وتعرضت الحكومة لانتقادات شديدة لتواطئها، إن لم يكن مسؤوليتها، عن قتل المتظاهرين.

وتعتبر الباحثة أن موسم الانتخابات في إيران، يُستهل بالعديد من الانقسامات الداخلية، وبدأ المتنافسون في مطلع الشهر الجاريـ بتسجيل ترشيحاتهم للانتخابات البرلمانية المقرر عقدها في فبراير(شباط)  2020.

ومن المتوقع أن يتزايد الاقتتال الداخلي خاصةً بسبب سياسة إيران الخارجية في عهد روحاني، والوضع الاقتصادي للبلاد، والقضايا الاجتماعية.

"سذاجة" روحاني
وتلفت الباحثة إلى أن المتشددين والمحافظين سيواصلون الحديث عن "سذاجة" روحاني مع نوايا الغرب، خاصة الولايات المتحدة، التي وضعت البلاد على حافة الدمار.

وفي المقابل سيتعين على المعتدلين الدفاع عن إرث فارغ إلى حد كبير، يهيمن عليه فشل الاتفاق النووي، والسقوط الحر للاقتصاد، فضلاً عن قائمة من الوعود التي لم تتحقق على جميع الجبهات الأخرى تقريباً.

وستشير جميع الأطراف إلى الاستياء الشعبي باعتباره علامة على أن نهج خصومهم السياسيين غير مستدام.

وتقول الباحثة: "ربما تأمل الولايات المتحدة، أن تقود الاحتجاجات، والاقتتال الداخلي إلى إجبار نظام الملالي على العودة إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى صفقة أفضل من صفقة النووي الموقعة في 2015، خاصةً أن شكاوى الإيرانيين الاقتصادية ناتجة عن العقوبات الأمريكية، ومن ثم فإن استقرار الوضع في الداخل، ومنع المزيد من الاضطرابات، سيفرض على حكام إيران استئناف المحادثات".

ومع ذلك، ترى الباحثة أنه حتى مع انقسام مسؤولي النظام الإيراني أكثر مما كانوا عليه منذ أشهر حول الشؤون الداخلية، إلا أنهم يعتقدون أن إظهار تلك الخلافات والانقسامات في الخارج لن يسفر عن شيء، سوى توفير الذخيرة للذين يرغبون في استهداف النظام.

وبدل ذلك ربما يضاعف نظام الملالي الإجراءات العدوانية ضد الولايات المتحدة وحلفائها، ويصورها على أنها عملية إحباط لإخماد المزيد من الاحتجاجات في الشوارع.

أكثر عدوانية
وتلفت الباحثة إلى أنه رغم تسوية نزاع دبلوماسي بين الولايات المتحدة وإيران لأول مرة في عهد ترامب بتبادل الأسرى، الأمر الذي يُفترض أن يمهد الطريق لتحقيق نتائج مربحة للجانبين بعيداً عن المواقف المتشددة، إلا أنه لا تغيير في سياسات البلدين حتى الآن. وصرحت الولايات المتحدة بأنها ستفرض المزيد من العقوبات على إيران، التي قالت إنها ستكشف النقاب عن أجهزة طرد مركزي متطورة جديدة، ما يعني أنها لا تتمسك بالاتفاق النووي، الأمر الذي سيدفع أوروبا لاتخاذ موقف أكثر صرامة ضد إيران، ويجعلها أقرب إلى الموقف الأمريكي.

وتُشير الباحثة إلى أنه عقب مرور بضعة أشهر هادئة في المنطقة بعد الهجمات على المنشآت النفطية لشركة أرامكو السعودية، يبدو أن إيران والميليشيات التي تدعمها في العراق، تستعد لزيادة أنشطتها.

ورغم من الضرر الواضح الذي طال الاقتصاد الإيراني، إلا أن من المتوقع زيادة الانفاق الدفاعي لنظام الملالي، إذا لم تنفذ خطة الحكومة المقترحة في العام المقبل، ما يعني المزيد من الأموال للحرس الثوري الإيراني، وأنشطته.

وتخلص الباحثة إلى أن من المستبعد استئناف المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة حتى إذا استمرت الضغوط الأمريكية، خاصةً في ظل تزايد قلق نظام الملالي من التهديدات الداخلية والخارجية ضد وجوده، ما يرجح اختيار نظام الملالي مساراً أكثر عدوانية. ويتعين على الولايات المتحدة أن تستعد لمزيد من العنف، وانتهاكات حقوق الإنسان من قبل نظام الملالي في إيران وخارجها.

وتختم الباحثة قائلةً: "على إدارة ترامب أن تستعد أيضاً لاستئناف محتمل لتوترات مشابهة لما حدث في الربيع والصيف الماضيين، عندما هاجمت قوات مدعومة إيرانياً منشآت إنتاج نفط وشحن في عدة مناسبات، وجعلت الحياة أكثر تعقيداً للقوات الأمريكية في العراق، الأحداث التي دفعت الولايات المتحدة وإيران إلى حافة المواجهة".