النائب الأردني منصور سيف الدين مراد.(أرشيف)
النائب الأردني منصور سيف الدين مراد.(أرشيف)
الجمعة 13 ديسمبر 2019 / 19:41

بطل تحت قبة البرلمان الأردني

من أهم ما قاله النائب منصور مراد انه لم يشعر بالندم إطلاقاً على قيامه بهذا العمل الذي يرفض وبشراسة اعتباره عملاً إرهابياً، فهو يعتبر إسرائيل "أم الإرهاب" و "مصنعه"

منصور سيف الدين مراد نائب أردني من أصل شركسي تربى في بيت عريق يعشق فلسطين والقدس ويعتبر الشهادة من أجلهما هي المرتبة الأعلى بين مراتب العلو والتميز والوطنية والفداء. تعرفت عليه في بداية التسعينيات من القرن الماضي عندما كان نائباً في برلمان 1989 الذي يعد في نظر الأردنيين برلمانهم "الحقيقي والحديدي" حيث ضم في تلك الفترة أقطاب العمل السياسي والبرلماني، وما زال عدد كبير من نواب ذلك البرلمان يسيطرون على المشهد العام في الأردن.

في تلك الفترة، كنت قد عدت إلى الاردن قادماً من الكويت بعد الاحتلال العراقي لها، وعلمت وبالصدفة البحتة أن النائب منصور سيف الدين مراد كان قائداً لعملية أثينا من خلال إحدى قيادات منظمة التحرير الفلسطينية، وهي العملية التي هزت أوروبا وتل أبيب بل واشنطن وباريس بحكم التطورات الدراماتيكية لها حيث فرض إلقاء القبض على منصور مراد ورفيقه الآخر الذي رفض مراد الافصاح عن اسمه، فرض هذا الأمر على جبهة النضال الشعبي الفلسطيني بقيادة سمير غوشة وقتذاك البحث عن وسيلة لتحرير مراد ورفيقه، فاتخذ القرار باختطاف طائرة اوليمبك اليونانية من مطار بيروت وإنزالها في مطار أثينا حيث كان على متنها ركاب من جنسيات دول أوروبية والجنسية الأمريكية والمطالبة باطلاق سراح منصور ورفيقه اللذين نفذا عملية أثينا والتي كانت عبارة عن تفجير مكتب طيران العال الذي كان فعلياً، مركزاً رئيسياً للموساد في اليونان واوروبا تحت غطاء مكتب "العال".

بقي موضوع عملية أثينا حاضراً في بالي وتفكيري وتحديداً بعد تصريح الملك عبد الله الثاني بأن العلاقة مع تل أبيب تمر في اسوأ حالاتها بعد 25 عاماً من اتفاقية وادي عربة. وجال في خاطري أن عملية أثينا وغيرها العشرات من الأعمال الفدائية كانت ومازالت نبراساً ودلائل على قوة الإرادة العربية وتحديداً الفلسطينية – الأردنية في إضعاف نظرية القوة والتفوق الاسرائيلي. وبعد عناء حصلت على موافقة النائب منصور مراد باجراء حوار معمق معه حول العملية.

الحديث كان مشوقاً لجهة الكشف عن عبقرية المقاومة في كيفية التفاوض وفي كيفية الحصول على الهدف النهائي، وقد استوقفني في حواري التلفزيوني مع النائب منصور مراد حديثه عن صلابته وصلابة رفيقه أمام المحققين اليونانيين ورجال الموساد والمخابرات المركزية الاميركية الذين كان يشاركون المحققين اليونانيين عملية التحقيق من "وراء ستار" أي بشكل غير مكشوف، لكن منصور وبخبرته كان يدرك أن هناك اشخاصاً يجلسون في غرفة التحقيق ليسوا يونانيين.

من أهم ما قاله النائب منصور مراد انه لم يشعر بالندم إطلاقاً على قيامه بهذا العمل الذي يرفض وبشراسة اعتباره عملاً إرهابياً، فهو يعتبر إسرائيل "أم الإرهاب" و"مصنعه" وهي التي أبادت قرى بكاملها وشردت أهلها وغيرت أسماءها إلى أسماء عبرية.

عززت عملية أثينا القناعة لدى منصور مراد بأن إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة وكلمة السلام لا تعنى لها إلا الاستسلام الكامل، وتجربة اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير واسرائيل أكبر دليل على ذلك، فهو من المؤمنين حتى النخاع بمقولة الرئيس جمال عبد الناصر "بأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة".
وبموضوعية شديدة، فان منصور مراد وإن ترك البندقية فهو مازال يناضل سياسياً من تحت قبة البرلمان الأردني، نضال يتمحور بدرجة أساسية ضد الفساد المالي والإداري كما مازال مدافعاً شرساً عن الحريات العامة وتطوير القوانين الناظمة لها، بالإضافة الى مناصرته الدائمة لقضية النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الاسرائيلي في المحافل والمنابر الدولية.