الأحد 15 ديسمبر 2019 / 14:32

هل يمكن وقف تدفق الأسلحة المتقدمة إلى ليبيا؟

حذر الباحث ناثان فيست من أن تدفق الأسلحة إلى ليبيا لم يتوقف أبداً منذ ثورة 2011، رغم قرار مجلس الأمن الدولي بحظر تصدير العتاد العسكري إلى هذا البلد، مشدداً على أن استمرار تدريب الجماعات المسلحة في ليبيا على الأسلحة المتطورة سوف يكسبها خبرة أكبر وقدرات فتاكة.

ربما يكون مؤتمر برلين الذي لم يتم تحديد موعد انعقاده بعد، مناسبة ملائمة لذلك حيث إنه سيتناول التدخل الأجنبي في الحرب الأهلية الليبية

وحذر في مقال بموقع "ديفينس وان"، من أنه إذا باتت ليبيا بؤرة مركزية للمسلحين ذوي الخبرة والأسلحة المتقدمة فإن الجماعات الإقليمية المميتة ستقود إلى زعزعة استقرار المنطقة بشكل متزايد.

انتهاك حظر الأسلحة 
ويوضح الباحث أنه في خضم الاشتباكات العنيفة حول جنوب طرابلس، تحولت العاصمة الليبية إلى ميدان اختبار للمعدات العسكرية الأجنبية. وفي انتهاك صارخ لقرار الأمم المتحدة بحظر توريد الأسلحة إلى ليبيا لما لذلك من عواقب وخيمة على أمن البلاد والمنطقة، عمد اللاعبون الأجانب إلى دفع طائرات من دون طيار وناقلات الجنود المدرعة وأنظمة الصواريخ المتقدمة إلى ساحة القتال.

وبحسب الباحث، أسفرت التقارير التي تشير إلى تزايد التدخل العسكري الروسي نيابة عن المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، الذي تحاول قواته السيطرة على طرابلس، عن اهتمام كبير من الحزبين في واشنطن بقضية ليبيا بشكل مفاجئ. وقد تبنى عدد من أعضاء الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي مشروع قانون يثبت الاستقرار في ليبيا. وتهدف مشاريع القوانين التي تم تقديمها إلى مجلسي النواب والشيوخ إلى توضيح السياسية الأمريكية إزاء ليبيا وتسليط الضوء على التدخل الأجنبي وانتهاك حظر الأسلحة، فضلاً عن وضع استراتيجية لمواجهة النفوذ الروسي في ليبيا.

ويقول الباحث: "يستعد بعض أعضاء الكونغرس أيضاً للرد على أعمال المرتزقة الروس في ليبيا من خلال فرض العقوبات. وفي الرابع عشر من شهر نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بياناً مشتركاً دعت فيه حفتر إلى إنهاء الهجوم على طرابلس، مع إدانة المحاولات الروسية لاستغلال النزاع. وربما يؤدي هذا التحرك إلى إحراز تقدم في مساءلة منتهكي حظر الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة ووقف تدفق الأسلحة إلى ليبيا".

أسلحة متطورة
ولطالما كان انتشار الأسلحة مصدراً للقلق الأمني بالنسبة إلى ليبيا ودول الجوار منذ ثورة 2011، لاسيما عندما نهبت الميليشيات مخزونات نظام القذافي من الأسلحة الخفيفة. وخلال بداية الحرب الأهلية الليبية عام 2014، انتشرت الأسلحة التي تعود إلى عهد القذافي في منطقة الساحل وبقية شمال إفريقيا والمشرق العربي، ووصلت تلك الأسلحة المنهوبة إلى أماكن بعيدة مثل سوريا، وأدت إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار في البلدان الأخرى المتأثرة بالصراع مثل مالي وسيناء في مصر.

ويعتبر الباحث أن تدفق الأسلحة إلى ليبيا لم يتوقف أبداً، ولكن اندلاع الحرب الأهلية في عام 2014 وتجددها في شهر أبريل (نيسان) الماضي قد سرعت عمليات نقل الأسلحة إلى أطراف النزاع، وباتت المعدات العسكرية المتقدمة تتدفق إلى ليبيا جواً وبراً وبحراً. فعلى سبيل المثال أظهرت مقاطع فيديو مقاتلين مناهضين لحفتر (المدعومين من تركياً) يستخدمون نظام دفاع جوي محمولاً متقدماً صيني الصنع من طراز FN-6 لإسقاط طائرة مقاتلة من طراز MIG-21. ونشرت القوات المتحالفة مع حفتر فيديوهات تظهر استخدام صواريخ روسية متقدمة مضادة للدبابات، وقد اكتشفت تلك القوات أجهزة ATMM من نوع Javel الأمريكية الصنع في غريان بجنوب طرابلس عندما تم الاستيلاء على هذه المدينة في شهر يونيو(حزيران) الماضي.

تداعيات خطيرة

ويحذر الباحث من أن نشر الجماعات المسلحة لمثل هذه الأسلحة المتطورة سيكون له تداعيات خطيرة؛ وبخاصة لأن استمرار استخدام تلك الأسلحة والتدريب عليها من شأنه أن يجعل قدرات الجماعات المسلحة الليبية أكثر تطوراً. وعلاوة على ذلك، يؤدي تسويق تلك الجماعات استخدام أسلحتهم المتقدمة على الإنترنت إلى تعليم الجماعات المسلحة الأخرى. وكما حدث في أفغانستان في التسعينيات وبداية الألفية الجديدة، وكذلك في الساحل عام 2010، فإن المتطرفين من الجماعات المسلحة الأخرى يأتون إلى ليبيا للحصول على التدريب.

ويقول الباحث: "إذا باتت ليبيا بؤرة مركزية لتنامي خبرات المسلحين والتدفق المحتمل للأسلحة المتقدمة، فإن الجماعات الإقليمية القاتلة ستقود إلى زعزعة استقرار المنطقة بشكل متزايد. وكما كان الوضع بين عامي 2012 و2014 عندما عززت الأسلحة الليبية ترسانات الجماعات الإرهابية والانفصالية، يمكن أن تنتشر الأسلحة الخفيفة إلى الدول المجاورة لليبيا، التي يتصارع عدد منها مع الجماعات الإرهابية المرتبطة بتنظيمي داعش والقاعدة".

زعزعة استقرار المنطقة
ويحض الباحث واضعي السياسات في الولايات المتحدة على السعي إلى الحد من التدخل الأجنبي في الشؤون الليبية، وذلك من أجل استباق زعزعة الاستقرار، وربما يكون مؤتمر برلين الذي لم يتم تحديد موعد انعقاده بعد، مناسبة ملائمة لذلك حيث إنه سيتناول التدخل الأجنبي في الحرب الأهلية الليبية.

ويختم الباحث: "بالطبع لن تقضي مثل هذه الخطوات على الدوافع الأصلية لأزمة ليبيا، ولكنها ربما تساعد في الحد من التدخل الأجنبي، وإعادة بدء عملية المصالحة التي تقودها الولايات المتحدة. وإذا لم يتم تقويض عمليات نقل الأسلحة الأجنبية إلى ليبيا، فسوف يستمر الوضع الأمني للبلاد في التدهور، مما يتيح للجماعات المسلحة فرصة زيادة قوتها وزعزعة استقرار المنطقة".