رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.(أرشيف)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.(أرشيف)
الأحد 15 ديسمبر 2019 / 20:28

"رشوة" لنتانياهو بالعفو ورهان من جانبه على معجزة

فتح باب للخروج أمام نتانياهو يدل على إدراك لمركزية دوره في المأزق السياسي من ناحية، وضرورة "رشوته" بالعفو العام للخروج من المأزق، من ناحية ثانية

أخيراً، حلّت الكنيست نفسها ليجد الإسرائيليون أنفسهم على أعتاب جولة انتخابية جديدة، ستكون الثالثة في أقل من عام. فبعدما فشل كبار المتنافسين في تشكيل حكومة ائتلافية تحظى بالأغلبية، تقرر إجراء الانتخابات في الثاني من مارس (آذار) المُقبل.

وعلى الرغم من حقيقة أن أحداً من المحللين والمعلّقين، لا يستطيع المجازفة بتوقّعات من نوع أن تفتح الجولة الجديدة طاقة للضوء في آخر النفق، إلا أن ما أجمع عليه هؤلاء على مدار جولتين انتخابيتين سابقتين يتكرر الآن، ويتمثل في القول: إن ليبرمان هو "بيضة القبّان"، وإن الخروج من النفق أو البقاء في يد نتانياهو.

ومعنى هذا الكلام أن حصول هذه القائمة الانتخابية أو تلك على مقاعد إضافية قليلة، أو حتى خسارتها لعدد قليل من المقاعد، لن يغيّر خارطة التوازنات بطريقة درامية في الكنيست القادمة. فلن يتمكن أحد من تجاوز ليبرمان. ومعنى هذا الكلام، أيضاً، أن العملية السياسية في إسرائيل أصبحت رهينة في يد نتانياهو، الذي لم ولن يتورّع عن استخدام كل ما لديه من أوراق للبقاء في سدة الحكم.

نتانياهو مُتهم في ثلاث قضايا بقرار من النائب العام. ولكن قرار النائب العام لا ينطوي على إلزامه بالاستقالة، فهذا لن يحدث دون إدانة من المحكمة، لذا يمكنه الاستمرار في سدة الحكم خلال فترة المحاكمة حتى صدور حكم بالبراءة أو الإدانة، وقد تستغرق المحاكمة سنوات، فنجاحه في تشكيل الحكومة سيمكّنه من الحصول على حصانة تمكنه من عرقلة إجراءات المحاكمة إلى أجل غير معلوم. وحتى يحدث ذلك، لذا، يبدو الذهاب إلى جولة انتخابية جديدة يبدو مفيداً في نظره طالما بقي رئيساً للحكومة حتى وإن كانت لتسيير الأعمال.

وقد صدرت، إزاء واقع كهذا، على مدار الأيام القليلة الماضية، ثلاثة مواقف تصب في اتجاه واحد. جاء الأوّل من طرف رئيس الدولة الذي أشار إلى إمكانية العفو عن نتانياهو مقابل الخروج من الحياة السياسية.

أما الثاني فجاء على لسان زعيم تكتل أبيض ـ أزرق، بيني غانتس، في سياق القول إن أحداً لا يريد أن يرى رئيساً ثانياً للوزراء في السجن. وفي هذ القول إشارة إلى نتانياهو المرشح لمصير مشابه لمصير أولمرت، رئيس الوزراء الأسبق، الذي أدانته المحكمة بالفساد، وقضى 16 شهراً في السجن. وقد اشترط غانتس خروج نتانياهو من الحياة السياسية مقابل تقديم ضمانات له بالعفو عنه، وعدم تقديمه للمحاكمة، ووضعته وراء القضبان. وعبّر ليبرمان عن الأمر نفسه بالقول إن خروج نتانياهو من الحياة السياسية يمكن إن يكون وسيلته لتفادي السجن.

وفي سياق كهذا، تُدرك أطراف فاعلة في النخبة السائدة والحاكمة أن اللعبة السياسية أصبحت رهينة في يد نتانياهو، وأنه يستطيع المناورة لفترة طويلة من الوقت، وأن ثمن الخروج من المأزق يتمثل في إخراجه من سدة الحكم مقابل ضمانات بعدم الذهاب إلى السجن.

ولا يقتصر مطلب إخراج نتانياهو من سدة الحكم على كبار منافسيه في المعارضة، بل يتجلى، أيضاً، في صفوف تكتل الليكود نفسه. وفي هذا الصدد يمثل جدعون ساعر، وهو أحد أقطاب الليكود منافساً قوياً لنتانياهو في انتخابات تمهيدية مُنتظرة للتنافس على قيادة الليكود. ومع ذلك، من السابق لأوانه القول إن مكانته في الليكود قد تضررت إلى حد يصعب إصلاحه.

وإذا كان ثمة من خلاصة، في هذا الشأن، فتتمثل في حقيقة أن فتح باب للخروج أمام نتانياهو يدل على إدراك لمركزية دوره في المأزق السياسي من ناحية، وضرورة "رشوته" بالعفو العام للخروج من المأزق، من ناحية ثانية. ولا تبدو "رشوة" العفو مقبولة من جانبه حتى الآن. فلديه بضعة أشهر في سدة الحكم، وهو الذي يراهن على عامل الوقت، وقد تحدث أشياء كثيرة تقلب الطاولة، وتخلط الأوراق.