نائب رئيس حركة حماس خليل الحية (أرشيف)
نائب رئيس حركة حماس خليل الحية (أرشيف)
الثلاثاء 17 ديسمبر 2019 / 19:30

ثنائيات حماس!

تتيح براغماتية حماس بعض الهوامش لإطلاق الإشارات المبطنة بحثاً عن مخارج آنية من أزمات متلاحقة مع المحيط الإقليمي، لكن ضيق المساحة التي تتحرك فيها الحركة، يحول دون تجنيبها حرج الإخفاقات في تبرير تضارب المواقف.

قد يكون تحديد موقع حماس على خارطة التجاذبات "السورية ـ التركية" مدخلاً لفهم التباسات ثنائيات "التهدئة والتصعيد"و "المقاومة والسلطة" التي تتيح للحركة هامشاً من المراوغة

بين هذه الإشارات تأكيد نائب رئيس الحركة خليل الحية، سعي حركته للتواصل مع دمشق، وإشادته بالظروف التي أتاحها وجود الحركة في سوريا، قبل اندلاع أحداث السنوات الفائتة.

غرابة تصريح الحية لوسائل إعلام مقربة من دمشق تأتي من عدة زوايا يرتبط بعضها بدلالات العجز عن تكريس خط سياسي واضح في التعامل مع نظام ناصبته الحركة العداء، والبعض الآخر بمدى استعداد النظام السوري للصفح، والتجاوز.

الإشارة إلى الرغبة لم تكن الأولى من نوعها، فقد سبقتها إشارات أخرى أكثر أو أقل وضوحاً تجاهلها النظام، ولم تحل دون إعلان الحركة تفهمها لتوغل القوات التركية في الشمال السوري دون اكتراث بالمظاهر والنتائج الأولية للتوغل، وموجات النزوح التي تحولت إلى أرضية لنقد التفكير والأداء السياسي الحمساوي.

ويتغافل قادة حماس عن ما يصلهم من تأكيدات النظام السوري لوفود فلسطينية زارت دمشق على رفض إعادة العلاقة مع الحركة، واكتفائه بعلاقة رسمية مع السلطة الفلسطينية، علاوةً على ارتباطاته مع الفصائل الحليفة التي قاتلت إلى جانبه في السنوات الماضية.

تذبذب مواقف الحركة وتضاربها يلقى ظلالاً ثقيلة على علاقتها الملتبسة مع قوى المعارضة السورية، ولا سيما جماعة الإخوان، التي كانت العلاقة معها بين دوافع خروج حماس من الحاضنة السورية.

ومن غير المستبعد أن تترك سياسة اللعب على الحبال بعض التساؤلات لدى أنقرة التي تشاطر حماس براغماتية العلاقة مع الحلفاء والأصدقاء، إلى الحد الذي شجع أطرافاً حمساوية على إطلاق بالونات اختبار لحل الأزمات الاقتصادية، والسياسية في قطاع غزة، بوضعه وديعة لدى تركيا باعتبارها وريثة الدولة العثمانية التي كان يخضع لها قبل الاحتلال البريطاني.

على ضوء التقلبات المتلاحقة والاستعداد لمزيد من الانغماس في أوهام الإقليم، وغياب وضوح النظرة لما كان يعرف بالمشروع الوطني الفلسطيني الذي وصل منذ سنوات إلى طريق مسدود، يعزز موقع حماس في الصراع "التركي السوري" دوافع الريبة في مشهد سياسي يتعثر في قراءة السياسة الخارجية التي تتبعها الحركة، ما يُعيق التعامل مع تفكيرها وسلوكها السياسي باعتبارهما بديلاً مقنعاً لسلطة رام الله.

قد يكون تحديد موقع حماس على خارطة التجاذبات "السورية التركية" مدخلاً لفهم التباسات ثنائيات "التهدئة والتصعيد" و "المقاومة والسلطة"، التي تتيح للحركة هامشاً من المراوغة وفي جميع الأحوال تبقى هناك معطيات أولية للقراءة يصعب القفز عليها، من بينها أن حركة الإسلام السياسي الفلسطيني الأولى لم تقطع ارتباطها مع الجماعة الأم التي تشكلت على أرضية سد فراغ خلفه انهيار الدولة العثمانية، وأنها تلتقي في عثمانيتها مع حكم تركي يجد في الحلم العثماني بعض روافعه ومرتكزاته، وفي ذلك ما يضع مغازلة النظام السوري في زاوية التكتيك السياسي، ومحاولات توسيع الهوامش الضيقة.