الخميس 19 ديسمبر 2019 / 15:41

هل تنجح استراتيجية الاستنزاف والازدهار في سوريا؟

رأى رئيس "مجموعة الدراسات الأمنية" جيم هانسون أن الحرب السورية تدخل مرحلة جديدة مع اندماج القوى الخارجية في قطاعات نفوذ مختلفة. في شمال سوريا، تملك روسيا الحدود التركية السورية غرب الفرات. تملك تركيا المنطقة الحدودية شرق الفرات، فيما تحتفظ الولايات المتحدة بالمنطقة الأمنية الشرقية مع قوات سوريا الديموقراطية وقبائل محلية.

إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على أن تظهر للشعب السوري حياة أفضل، فعندها سيكون بإمكان المسارات الدستورية والمبادرات الاقتصادية الجارية حالياً السماح له بإيجاد مخرج من الاستبداد

وذكّر هانسون بأن مجموعة الدراسات اقترحت سابقاً خطة مشابهة جداً للواقع الحالي، لكن مع بقاء تركيا غرب الفرات وعدم احتفاظ الروس بأراض في الشمال. واستمرت المفاوضات حوالي سنتين حتى تستطيع الولايات المتحدة إقناع تركيا وقوات سوريا الديموقراطية بالقبول بها.

أفضل خدمة لمصلحة واشنطن

يعترف هانسون بأن الوضع الحالي بعيد من أن يكون مثالياً، لكن مع غياب الاهتمام الأمريكي بتغييره، تبقى أفضل خدمة للمصلحة الأمريكية في العمل على ضمان ألا تبرز نتائج غير مقبولة وهي: إعادة تشكل داعش أو أي تنظيم يشبهه، قيام جسر بري عبر سوريا تسيطر عليه إيران، واستمرار قمع نظام الأسد للشعب على المدى الطويل. يجب أن تهدف السياسة الأمريكية إلى ضمان ألا تتحقق أي نتيجة من هذه النتائج وإلى العمل على مستقبل أفضل لسوريا. وهذا نسخة مما يسميه هانسون سياسة الاستنزاف زائد الازدهار.

ليست مضمونة النجاح ولكن...

تعني هذه السياسة في الأساس فرض جميع الضغوط المتاحة لدفع نظام الأسد إلى التآكل وإلى خلق ظروف إيجابية في المنطقة الأمنية الشرقية التي ستخدم كمثل مضاد يظهر للشعب السوري كيف ستكون حياته. أضاف الكاتب أن الاستراتيجية ليست مضمونة النجاح وقد أعلن نائب رئيس المجموعة الدكتور براد باتي أنها تنجح في العراق لكنها لا تناسب أفغانستان. وشرح هانسون أنه تتبقى مراقبة ما إذا كانت ستنجح في سوريا، بناء على كون الظروف السورية أقرب إلى تلك العراقية منها إلى الظروف الأفغانية.

عبء على روسيا وتركيا

ستكون روسيا وتركيا منشغلتين بالاحتفاظ بالسيطرة على حدود المناطق التي أخذتاها. لا تتمتع أي من الدولتين بأي تأكيد على أنهما تستطيعان الاحتفاظ بها ويكمن الخطر في أنه ستحدث جرائم حرب أكثر من تلك التي تم ارتكابها سابقاً. يجب عليهما أن تحاولا تهدئة السكان ومواجهة حرب العصابات. تخطط تركيا لإعادة توطين أكثر من مليون لاجئ في شرق الفرات وسيفرض هذا الأمر تحدياً مؤكداً من الناحية اللوجستية وسيواجه معارضة منسقة ممن هجّرتهم أنقرة. وتريد روسيا تقديم قيمة عبر وجودها في سوريا أكثر من مجرد الاحتفاظ بمرفأ في المياه الدافئة. لقد اتخذت روسيا وتركيا مسؤوليات أكبر من قدرتيهما على تحملها.

لا إزعاج
ليست الولايات المتحدة في موقع سياسي أو عسكري لتغيير سلوك أي من أنقرة وموسكو. لكن المشاكل التي تواجهانها كافية لإبقائهما بعيدتين من إزعاج الأمريكيين. بإمكان ذلك أن يسمح للولايات المتحدة بالتركيز على تأمين إعادة الحيوية الأمنية والاقتصادية للمنطقة الشرقية. تعرضت غالبية المنطقة للتدمير عند احتلال داعش وعند شن العمليات العسكرية لهزيمته.

الأمن مطلوب لإعادة التنمية، والقوى الأمنية الداخلية في الرقة هي نجاح أساسي. ساعدت الولايات المتحدة والأردن قوات سوريا الديوقراطية في تأسيس منظمة محلية لملء الفراغ وتأمين الحماية اليومية التي ستسمح بعودة الحياة الطبيعية للسكان هناك. ونقلُ هذا المفهوم إلى أجزاء أخرى من المنطقة الأمنية الشرقية هو الخطوة التالية التي يعقبها جهد شامل لتشغيل البنية التحتية الأساسية مجدداً.

ضرورات تنفيذ هذه السياسة

سيساعد الأمريكيون وكذلك حلفاؤهم العرب في الكثير من ذلك. لقد سبق أن قدّم هؤلاء الشركاء مقداراً ملحوظاً من هذا الجهد. إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على أن توفر للشعب السوري حياة أفضل، فعندها سيكون بإمكان المسارات الدستورية والمبادرات الاقتصادية الجارية حالياً السماح له بإيجاد مخرج من الاستبداد.

أضاف هانسون أن الاهتمام الأمريكي الأساسي في سوريا كان سحق داعش. بينما لا يزال يحتفظ الأخير بخلايا في سوريا والعراق، انهارت "الخلافة" المزعومة وقُتل زعيمه وأصبح ظلاً للخطر الذي كان يفرضه سابقاً. لكن لضمان عدم عودته مجدداً، شدد الكاتب على ضرورة الدفع بالمرحلة التالية هذه على سكة التنفيذ.