الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والأسبق جورج بوش الإبن (أرشيف)
الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والأسبق جورج بوش الإبن (أرشيف)
الجمعة 20 ديسمبر 2019 / 19:42

إنها سنة 2025

نشاهد حلقة أخرى من برنامج إلين ديجينيريس عبر ساعات يدنا الذكية. بالطبع، إلين لا زالت تبدو وكأنها لم تتخط الـ35.

لا تستغرب مستقبلاً –وقد يكون هذا المستقبل أقرب مما نتصور بعد عزل ترامب- إذا أعدوك أنت بدورك بمتلازمة "فقدان ذاكرة السياسية الأمريكية

لقد مرت 6 أعوام على عزل دونالد ترامب، وقد عاد منذ ذلك الحين إلى ناطحات سحابه النيويوركية.

إنه يتبوأ حالياً مقعده في إحدى ألعاب البرنامج الشهير، ويبدو محشوراً داخل إسطوانة بلاستيكية. تنجح إلين في إصابة الهدف بكرتها البلاستيكية، فيقع ترامب رغماً عن حلته السوداء الرسمية، وباروكته المثيرة للجدل، في حوض المياه.

يضج الجمهور ضاحكاً ومصفقاً. تضحك إلين حتى تدمع عينيها، وتضحك أنت. صدقني، إنك ستضحك معهم.
  
لقد نسيت بالفعل الأعوام الثمانية لجورج دبليو بوش، حينما كانت المهمة اليومية للإعلام الغربي عموماً، والليبرالي الأمريكي خاصةً، هي في فضحه للعالم باعتباره مجرم حرب، ولصاً بترولياً، وكذّاباً أشر.

كان يُطارد إعلامياً بصور مُعذبي أبو غريب، أو بصور توابيت الجنود العائدين من أفغانستان، ويُذكّر مراراً وتكراراً بفشله في إيجاد أسلحة الدمار الشامل المزعومة.

أما في "أرحم" الحالات، فكان يتم إذلال بوش واتخاذه مادة دسمة للـ"سكيشات" في البرامج الكوميدية بسبب ذكائه المنخفض، ولكنته التكساسية الثقيلة. ولا يجب أن نبخس حذاء منتظر الزيدي حقه، بعد أن جعل منه أضحوكة حقيقية لبني شعبه.

ولكن يبدو أنه عندما انتفت الحاجة إلى توجيه الجماهير الأمريكية من جهة لسحب ثقتها عن بوش، والجماهير البريطانية من جهة أخرى لسحب ثقتها عن حليفه توني بلير، أو حتى عندما غادرا منصبيهما على الأقل، لم ير الإعلام الأكثر انتشاراً وأشد هيمنة عالمياً مانعاً، في أن "يعيد تسويق" طغاته إلينا.

لقد صدروا لنا جورج دبليو بوش في علبة جديدة، وتحت مسمى مستحدث. إنه ذلك العجوز الـ "كيوت" الذي يتفرغ لرسم البورتريهات الجميلة، ويتنزه برفقة كلبه من فصيلة "سكوتش تيرير".

إنه الابن المكلوم الذي ينفجر باكياً في جنازة والده، والسبعيني الـ "كوول" الذي يهمس في أذن صديقته ميشيل أوباما، والتي "تحبه موت" على حد تعبيرها، فيجعلها تقهقه بملء فمها رغم تنافر توجهاتهما السياسية.

إنه ذلك الضيف خفيف الظل الذي يتبادل النوادر مع مقدمي برامج السهرة، والجمهوري المُتفهم الذي يجلس بمحاذاة مثلية متحررة كديجينيريس خلال مباريات كرة القدم الأمريكية، ضارباً أروع الأمثلة على التعايش بعد أن دمر دولاً وبلداننا كاملة.

فلا تستغرب مستقبلاً، وقد يكون هذا المستقبل أقرب مما نتصور بعد عزل ترامب، إذا أعدوك أنت بدورك بمتلازمة "فقدان ذاكرة السياسية الأمريكية".

سيمثل وجه ترامب البرتقالي في ذاكرتك باعتباره تلك الشخصية الجريئة المحببة لـ "شطحاتها"، وسلاطة لسانها، وجنونها، وتخطيها للحدود.

أتذكر هفوته المضحكة حينما قرر عزل أبناء المهاجرين غير الشرعيين المُعتقلين، ووضعهم في أقفاص حيوانية بعيداً عن آبائهم وأمهاتهم، فإذا بعدد منهم قد –أووبس- فارقوا الحياة؟

هاهاها! كما كان فخامته شقيا!