رئيس الوزراء اللبناني المكلف حسان دياب (أرشيف)
رئيس الوزراء اللبناني المكلف حسان دياب (أرشيف)
الجمعة 20 ديسمبر 2019 / 19:35

حسان دياب.. رئيس منزوع الدسم!

لو أفرج محرك البحث الشهير "غوغل" عن أكثر الأسماء بحثاً على الشبكة العنكبوتية خلال الساعات الأخيرة في شرق المتوسط والخليج العربي، سيكون اسم حسان دياب، المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة.

الأهم الآن أنه فاقد لشرعية الانتفاضة الموجودة في الشارع اللبناني، ففي الشارع يرفعون شعار رفضه وبخاصة الشارع السني، ويقولون ليس من حق جبران باسيل أن يحدد رئيس الوزراء السني

فالرجل في نظر الكثير من المراقبين والمتابعين قادم من المجهول، فهو شخصية غير معروفة في عالم السياسة، ولا هو شخصية شهيرة في عالمه، وأقصد العالم الأكاديمي.

حسان دياب هو اسم اختير لمعاقبة سعد الحريري والطائفة السنية بالدرجة الأولى، فهو لا يملك الخبرة التي تجعله مؤهلاً للمساهمة في إنقاذ بلد مثل لبنان يغرق في النفايات والفساد كما يغرق في الظلام.

وحسان دياب اختير خلسةً، وعبر توافق تام غير معلن للشارع، بين حزب الله وجبران باسيل، وهو تحايل سياسي تم من خلاله إلغاء التوافق السياسي المعتمد منذ اتفاق الطائف، كما تم إلغاء ما يسمى بالميثاقية التاريخية التي أبرمت بين الرئيس بشارة الخوري والرئيس رياض الصلح في1943 والتي كانت ميثاقاً بين الموارنة والسنة حصراً، وغيبت وقتها كل الطوائف، والملل الأخرى.

الرئيس دياب واجه ومنذ اللحظة الأولى رفضاً سنياً لاعتبار أساسي ألا وهو أنه فقد صفته "الميثاقية" ممثلاً للسنة وفاقداً لشرعية "الطائف" لنفس السبب حيث حصل ومن خلال الاستشارات مع رئيس الجمهورية على 6 أصوات سنة وهم عدنان طرابلسي، وقاسم هاشم، وعبدالرحيم مراد، والوليد سكرية، وجهاد الصمد، وفيصل كرامي، ورفض تسميته 19 نائباً سنياً.

أما الأهم الآن، فهو أنه فاقد لشرعية الانتفاضة الموجودة في الشارع اللبناني، ففي الشارع يرفعون شعار رفضه، خاصة الشارع السني، ويقولون ليس من حق جبران باسيل أن يحدد رئيس الوزراء السني، وهو كلام خطير إلى حد كبير لانه يلغي "الميثاقية" التي أشرت لها في بداية المقال، كما يهمش اتفاق الطائف، ويكرس نموذجاً جديداً من النظام السياسي في لبنان مبنياً على التحالف بين جزء من المارونية السياسية، وأقصد هنا التيار الوطني والمردة، وبعض الشخصيات المستقلة من الموارنة، وبين الثنائية الشيعية، وأقصد حزب الله وحركة أمل، والأقلية من السنة، وهم المحسوبون على الثامن من مارس (آذار).

بكل أسف فان اختيار الرئيس دياب هو عنوان لمرحلة جديدة من الأزمة ستظهر على مستويين في الشارع المنتفض.

المستوى الأول، في الشارع وأقصد هنا الشارع السني الذي بات يشعر بالإهانة بعد اختيار من يمثله لرئاسة الحكومة من قبل حزب الله وجبران باسيل، وهو ما ينذر بإدامة التوتر الطائفي في الشارع، وهو توتر لا علاقة له موضوعياً بالانتفاضة المستعرة منذ أكثر من ستين يوماً.

المستوى الثاني، سيكون في الدفاع عن الرئيس المكلف في الشارع وهذا الدفاع سيكون بالضرورة من قبل جمهور التيار الوطني، والثنائي الشيعي في مواجهة أغلبية السنة، وهو وضع خطير ينذر بإعادة إنتاج أجواء الاحتراب الطائفي.

الرئيس المكلف ليس سياسياً، ولا يملك خبرات التعامل مع أجواء سياسية صعبة ومعقدة، مثلما هو الحال في لبنان، وهو في وضعه الحالي إما سيسقط في الشارع الذي بدأ الانتفاضة ضده من الساعة الأولى لتكليفه، وإما أن يسقط لدى الذين راهنوا عليه، بعد أن تصلهم رسائل المجتمع الدولي تجاه هذا الرجل غير المجرب الذى صعد إلى مسرح الأحداث بلا مقدمات.

الرئيس حسان دياب، وقياساً برجال الدولة من السنة، هو رجل منزوع الدسم السياسي والخبرة، وأستغرب قبوله تحدي من يرفضونه من أبناء طائفته، ومن المنتفضين في الشارع، وقبوله أن يكون "حصاناً" من خشب، يمتطيه باسيل ليعبر به هذه الأزمة، ثم يتركه وحيداً عند انتهائها.