السبت 21 ديسمبر 2019 / 20:48

مكالمة أنهت أعمال قمة

لا يمكن أن نتصور أن دولة بحجم قطر الصغيرة مقارنة ببقية الدول العربية، يمكن أن تُدعى لمثل هذه القمة لولا أنها هي الراعية الرسمية التي ستدفع كل تلك التكاليف

كان لدى الحلف التركي/القطري طموح بأن يقام في كوالالمبور ماليزيا "قمة إسلامية" لا تكون السعودية ولا مصر ولا الإمارات أعضاء فيها! قمة واجهتها رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، ويشارك فيها خمس دول فقط بينها ماليزيا وتركيا وإندونيسيا وقطر، بهدف تسليط الأضواء على مشكلات العالم الإسلامي وإيجاد الحلول لها.

المشروع كله فكرة قطرية من بنات أفكار حمد بن جاسم صاحب المكائد والدسائس التي يطبخها سريعا فتفشل سريعا ليعود من جديد بحثا عن مؤامرة أخرى. والمعلَن بخصوص نشأة هذه القمة، هو أن اقتراح عقدها جاء بعد نقاش دار بين مهاتير محمد ونظيره الباكستاني عمران خان والرئيس التركي رجب طيب اردوغان في مدينة نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2019، حيث تم التخطيط وقتها لتأسيس قناة تلفزيونية للتغلب على ظاهرة الإسلاموفوبيا ونشر التوضيحات حول دين الإسلام، لكن لا يمكن أن نتصور أن دولة بحجم قطر الصغيرة مقارنة ببقية الدول العربية، يمكن أن تُدعى لمثل هذه القمة لولا أنها هي الراعية الرسمية التي ستدفع كل تلك التكاليف.

ولأنه حلف متهور هذا الذي يجمع أردوغان وحمد بن جاسم والنظام القطري كله من ورائه، فقد قررا فجأة وبدون سابق إنذار أن يدعوا الرئيس الإيراني روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف ليحضرا أعمال القمة. العجيب في الأمر أن القمة قد وضعت "السلام والأمن والدفاع العدالة والحرية والنزاهة" كمواضيع للنقاش في لقاء القمة، وبحضور الرئيس الإيراني! إيران التي ذبحت الشعب السوري من الوريد إلى الوريد على مدى التسع سنوات الماضية وقتلت الناس على الهوية وذبحت قبلهم العراقيين وأفقرتهم، وقضت على كل ما هو جميل في لبنان وشوهت صورته وفرقت الشعب اليمني وعملت على تغذية الانقسام والنزعات الطائفية والمذهبية واشعال النيران في كلا العالمين العربي والإسلامي، تُدعى لقمة تناقش مشكلات المسلمين! هذا النظام الدوغمائي الذي أعمته الأحقاد عن كل قيمة دينية أو إنسانية، يُشارك في "قمة إسلامية" تهدف إلى إيجاد الحلول لمآسي المستضعفين! وتركيا أردوغان التي توشك أن تدخل حرباً مع الليبيين بسبب أطماعها في منابع النفط، تسوّق نفسها في هذه القمة كقائدة للمسلمين! مثل هذه الطبخات العجيبة لا يمكن أن توجد إلا في مطبخ النظام القطري الذي يجمع كل شيء.

على كل حال هذا ما حدث، وسبب الانزلاق في هذه الغلطة الكبيرة التي أدت إلى الفشل الذريع السريع لهذه القمة، هو أن من يفكر بطريقة تكتيكية، يكثر من القفز من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وبالتالي يقع في كثير من التناقضات الواضحة التي تكشف عن غيبة المصداقية. الذين اجتمعوا في كوالالمبور، إنما اجتمعوا استجابة للحلف التركي/القطري، الذي تصوّر أنه سيكوّن جبهة إسلامية جديدة تكون بديلة "لمنظمة التعاون الإسلامي" وبالتالي يتم استبعاد السعودية من المركز فلا تعود قلعة العرب والمسلمين المتصدية لمواجهة النظامين التركي والإيراني، فيصبح البديل عنها هو نظام أردوغان الذي يعتبره كثيرون أخطر بكثير من نظام الملالي في إيران.

موقف السعودية من هذه القمة كان حاسماً، فبمكالمة هاتفية قصيرة أبلغ الملك سلمان رئيس الوزراء مهاتير محمد أن القضايا التي تهم الأمة الإسلامية من الأفضل مناقشتها في اجتماعات تابعة لمنظمة التعاون الإسلامي بدلاً من أن يناقشها جزء صغير من أعضاء المنظمة.