الثلاثاء 24 ديسمبر 2019 / 17:44

حل الدولتين سبيل وحيد لتأمين حدود إسرائيل

انشغلت إسرائيل، على مدار أشهر، في حسابات سياسية بشأن تشكيل الحكومة، زادها تعقيداً توجيه اتهامات إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو. لكن الجمود في الساحة السياسية الإسرائيلية منفصل عن الوضع الراهن الإسرائيلي – الفلسطيني، وهو وضع خادع وضار لإسرائيل. وتتواصل حالة عدم الاستقرار والعنف الشديد والتطرف الديني وعدم اليقين الحكومي لتشكل سمات أساسية في الشرق الأوسط.

دولة يهودية وآمنة وديمقراطية لإسرائيل لا يمكن أن تقوم إلا في إطار حل الدولتين

ووفق ما كتبه، في موقع "ناشونال إنترست" آمي آيالون، مدير سابق لوكالة الاستخبارات الإسرائيلية، شين بيت، وغلياد شير، المدير السابق لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك، وأورني بيتروسشكا، رجل أعمال تقنيات متطورة في إسرائيل، رغم تصدر عناوين الصحف العالمية إعلان وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو بشأن عزم الولايات المتحدة على تليين موقفها فيما يتعلق بالوضع القانوني للمستوطنات في الضفة الغربية، لم يكن ذلك الإعلان بمثابة أمر دراماتيكي. بل كان مجرد إعلان رمزي، ولن يكون له أي تأثير على أرض الواقع. فقد تمسكت إدارات ديمقراطية وجمهورية، على مدى العقود الأخيرة، بسياسة حل الدولتين. وسعت تلك الإدارات للتوصل إلى اتفاق يستند لتفاهمات سابقة، وقرارات مجلس الأمن الدولي. لكن الولايات المتحدة خلال عهد ترامب تخلت عن مكانتها كوسيط نزيه في الساحة الإسرائيلية- الفلسطينية بعد سلسلة من التحركات المتقلبة.

صيغة متوازنة
وكما يشير كتاب المقال، في بداية الأمر، جاء الاعتراف الأمريكي بالقدس كعاصمة لدولة إسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس دون أية صيغة متوازنة حيال الفلسطينيين، مع الادعاء زوراً بأن الإعلان سحب أصعب القضايا الجوهرية في الصراع عن طاولة المفاوضات. وعلاوة عليه، تم إغلاق مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وعلقت مساعدات اقتصادية للسلطة الفلسطينية. ومن ثم صدرت تصريحات، كان آخرها ما قاله السفير الأمريكي إلى إسرائيل بشأن تفضيله لضم إسرائيل أجزاء من الضفة الغربية.

إلى ذلك، يتساءل كتاب المقال عما قادت إليه تلك المواقف. فقد أنهت إسرائيل لتوها جولة عنف جديدة في قطاع غزة أوصلت البلاد إلى طريق مسدود، ولم تعد هناك فرصة كبيرة لأن يفضي اقتراح إدارة ترامب للسلام، هذا إن رأى النور، للعودة إلى المفاوضات.

عبء على الأمن
ولذا، يرى كتاب المقال أنه على إسرائيل أن تعمل، أولاً وقبل أي شيء، وفقاً لمصالحها. وهذا يعني أن دولة يهودية وآمنة وديمقراطية لإسرائيل لا يمكن أن تقوم إلا في إطار حل الدولتين. ولربما ترفض الإدارة الأمريكية الحالية هذا الرأي، ولكن الغالبية العظمى من كبار مسؤولي الأمن الإسرائيليين أدركوا هذا الأمر، وأكدوه مراراً.

كما، وحسب الكتاب، أدرك هؤلاء المسؤولون أن المستوطنات لا تساهم في تحقيق الأمن لإسرائيل، بل تمثل عبئاً عليه، وتساهم في تطرف منظمات إرهابية.

وقد خصصت موارد عسكرية إسرائيلية كبيرة لحماية مستوطنات وطرق في الضفة الغربية، بما لا يعادل بأي حال تدابير اتخذت في قطاع غزة والجبهات الشمالية. وعلى سبيل المثال، يخصص في مدينة الخليل جندي إسرائيلي لكل مستوطن يهودي. وليس لهذه النسبة مثيلاً في العالم أجمع. ويدفع جميع الإسرائيليين ثمن ذلك من خلال تناقص التدريبات العسكرية، ما يجعل الجيش بالتالي أقل استعداداً لخوض صراعات حربية. ولا يعتمد القتال ضد الإرهاب على المستوطنات. بل على نقيض ذلك، يعتمد على معلومات استخباراتية والسيطرة على الأراضي وضبط حرية الحركة.

حل سياسي
ويعتقد كتاب المقال أن بومبيو محق في أمر بعينه، وهو أن الحل، عندما يأتي، لن يكون قضائياً، بل سياسياً يتم التوصل إليه بين الطرفين. وهناك حاجة لإعطاء كل طرف شعور بالعدالة. ويكون إطار مثل ذلك الحل بسيطاً، ويتكون من العناصر التالية: يتقرر، من خلال المفاوضات، مصير مستوطنين إسرائيليين خارج كتل استيطانية كبيرة، وإلى حين ذلك الوقت لن تجري عمليات إخلاء قسري. ويضاف إليه ضم المستوطنات إلى إسرائيل في إطار تبادل لأراضي، على أن تسيطر إسرائيل على أمن حدودها الشرقية، نهر الأردن، لمدة طويلة، لكن ليس لأجل غير مسمى. ويضاف إليه، وجوب إعلان إسرائيل تخليها عن مزاعم بالسيادة على الجزء الشرقي من الضفة خارج الكتل الاستيطانية الكبيرة.

أول خطوة
ويرى الكتاب أنه لا يمكن لإسرائيل أن تتصلب في موقفها، بل لا بد لها من استثمار جهود مبذولة لرسم حدودها مع الفلسطينيين كخطوة أولى نحو الانفصال إلى دولتين قوميتين، حتى إن لم يتم التوصل بعد إلى اتفاق سلام. وينبغي أن يتأمن لإسرائيل حدود تستطيع الدفاع عنها وتحيط بأغلبية يهودية واضحة، وديمقراطية. وعلى الإسرائيليين أن يختاروا الانفصال عن الفلسطينيين لتتشكل دولتين قوميتين، وبالتالي الحفاظ على إسرائيل كدولة ديمقراطية وآمنة للشعب اليهودي.