رجال يصلون أمام مسجد قيد البناء في الرقة.(واشنطن بوست)
رجال يصلون أمام مسجد قيد البناء في الرقة.(واشنطن بوست)
الجمعة 27 ديسمبر 2019 / 13:43

داعش عند مفترق طرق... في العراق وسوريا

تنقل ليز سلاي، مديرة مكتب صحيفة واشنطن بوست في لبنان، عن مسؤولين أمريكيين وأكراد أن مئات، وربما آلافاً من مقاتلي داعش، انتشروا خلال الأشهر الأخيرة، في منطقة حدودية قليلة السكان، ومتنازع عليها بين إقليم كردستان وحكومة بغداد.

أثبت المتطرفون قدرتهم على التسلل نحو مناطق غير محكومة كالثغرة بين خطوط عسكرية كردية وعراقية

وتخلو تلك المنطقة من قوات أمنية كردية أو عراقية، تبعاً لنزاعات قديمة بشأن السيطرة على منطقة فيها وديان نهرية، وغطاء نباتي كثيف. وقد أصبحت تلك المنطقة أكبر نقطة تمركز لمقاتلي داعش منذ فقد التنظيم سيطرته على آخر قرية في "خلافته" السابقة في شرق سوريا.

وحسب كاتبة المقال، صعَّد هؤلاء المقاتلون هجماتهم، مركزين على منطقة في شمال شرق العراق في محافظة ديالى قرب الحدود مع إيران، حيث نصبوا كمائن ليلية وأطلقوا قذائف هاون. وتوفر حشائش طويلة غطاء لقناصة يتسللون نحو نقاط تفتيش ومراكز شرطة.

وتتجاهل الحكومة مظالم قديمة تولد نوعاً من التعاطف مع داعش بين سكان المنطقة.

هجمات مفاجئة
وقال آرام درواني، قائد قوات البشمركة في المنطقة: "لديهم خطط عسكرية جيدة، وينفذون هجمات مفاجئة، ويشكلون خطراً حقيقياً على حياة الناس".

وتلفت كاتبة المقال لسعي داعش جاهداً لتأكيد وجوده في مكان لم يعد يرحب به كما كان. ولذا يتجمع مقاتلون متطرفون، هربوا من ساحات معارك، في أقبية ومخابئ ضمن منطقة قاحلة تفصل بين منطقتين تسيطر على إحداها قوات كردية، وتخضع الثانية لسيطرة قوات عراقية. ويكمن آخرون فيما يسمى خلايا نائمة داخل مدن كالرقة في سوريا، بانتظار مكالمة هاتفية بغرض تنفيذ هجوم.

لكن وفق مسؤولين عسكريين أمريكيين، يبدو نشاط داعش، حتى هذا الوقت، أقل من عودة بل صراع من أجل البقاء عشية هزيمة كبرى لحقت بالتنظيم في آخر بقايا خلافتهم.

وفي ذات السياق، يقول الجنرال ويليام سيلي إل، قائد التحالف بقيادة أمريكية في العراق إن "داعش أبعد ما يكون عن استعادة القدرة للاستيلاء على مناطق. ويختبئ هؤلاء ولا يخرجون إلا ليلاً لمضايقة أعدائهم والتقاط صور. لا يمكن لهم إدارة ثورة أو إنشاء خلافة إن كان هذا كل ما يقومون به".

ووفق تقديرات كردية وعراقية وأممية رسمية، قتل عشرات الآلاف من مقاتلي داعش، خلال العامين الأخيرين، فضلاً عن مقتل زعيمهم أبو بكر البغدادي حينما فجر نفسه أثناء غارة أمريكية على مخبئه في أكتوبر( تشرين الأول). كما يقبع داخل سجون في العراق وسوريا حوالي 30 ألف من مقاتلي داعش، فضلاً عن وجود عشرات الآلاف من زوجاتهم وأطفالهم داخل معسكرات كئيبة.

أهوال
ولكن حسب رشا العقيدي، مديرة تحرير نشرة "ارفع صوتك"، العراقية، تبدد ذكريات حكم داعش الوحشي، وأهوال غارات جوية شنت للقضاء على متطرفي التنظيم، على أية رغبة برؤيتهم عائدين".

ومع ذلك، قال الميجر جوني ووكر، متحدث باسم قوات العمليات الأمريكية الخاصة التي تنفذ معظم العمليات ضد داعش: "أثبت المتطرفون قدرتهم على التسلل نحو مناطق غير محكومة كالثغرة بين خطوط عسكرية كردية وعراقية. وفيما يعيش داعش في وضع غير مؤات وخطير، فإن محاربته، وهو مختبئ في منطقة بشرية وميدانية معقدة، مهمة صعبة وتتطلب موارد كبيرة".

وعلاوة عليه، يشير موظف في منظمة غير حكومية مدعومة من أمريكا، آثر عدم ذكر اسمه، لاكتساب داعش زخم في محافظة دير الزور شرق سوريا، حيث قاتل التنظيم آخر معاركه في مارس( آذار) الماضي، وحيث تساهم خصومات قبلية وعرقية في دعم المتطرفين. وقد كثرت عمليات اغتيال خلال الأسابيع الأخيرة، وذلك جزئياً بسبب انسحاب مقاتلي قوات قسد الموالين للولايات المتحدة لمواجهة قوات تركية غزت شمال سوريا.

ووجد مقاتلو داعش ملاذاً فيما يعرف باسم البادية السورية التي توجد عبر نهر الفرات التي انتشرت فيها قوات أمريكية. ويقول مسؤولون من أكراد سوريا إن المنطقة تخضع اسمياً لسيطرة الحكومة السورية، لكن هناك ما يشير لإقامة متطرفين نوعاً من القيادة على خلايا نائمة متوزعة في مناطق أخرى في البلاد.

ولذا يحذر الجنرال إريك هيل، قائد القوات الأمريكية الخاصة في العراق وسوريا من أن "المتطرفين لم يختفوا تماماً، وقد يظهرون ثانية".