الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الجمعة 3 يناير 2020 / 14:36

لماذا كانت سنة 2019 الأسوأ بالنسبة لأردوغان؟

استهل الكاتب عمر عواد مقاله في موقع "سيفن دايز نيوز" بالإشارة إلى أن سنة 2019 لم تكن سهلة على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. بعد حوالي عقدين في السلطة، وجد استطلاع رأي حديث أن شعبية أردوغان انخفضت إلى 33% من 41% في يوليو (تموز) 2018. يواجه حزب العدالة والتنمية المزيد من الشقاقات بعد خسارة 840 ألف عضو في الأشهر التسعة الأولى سنة 2019. من بين الذين غادروا الحزب رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو ووزير الاقتصاد الأسبق علي باباجان.

مع كل هذه المشاكل التي ظهرت في 2019 يبدو أن لأردوغان وحزبه الحاكم وقتاً محدوداً للتفكير بغيمة اللايقين التي تحيط بقبضتهم على السلطة

بدأت شعبية الرئيس التركي بالانخفاض منذ سنوات عدة بسبب تدهور سجل حقوق الإنسان والحريات خصوصاً مع عمليات تطهير سياسي واسعة عقب الانقلاب الفاشل سنة 2016. وعدل أردوغان الدستور سنة 2017 للبقاء في السلطة وتسهيل تركيز السلطة بين يديه. وشن قمعاً وحشياً ضد الصحافيين والإعلام الحر. اتهمت محكمة تركية الأسبوع الماضي ستة صحافيين بدعم انقلاب 2016 من خلال عملهم في صحيفة سوزجو.

وفقاً للجنة حماية الصحافيين، تركيا هي السجان الأول عالمياً للصحافيين بوجود 108 أشخاص من هذا المجال في السجون التركية. ساهمت هذه العمليات جميعها مع مواصلة أردوغان إطلاق بياناته التهديدية في تقليص شعبيته بشكل حاد خلال السنوات الأخيرة. لكن مظاهر هذا التراجع كانت واضحة جداً في 2019.

الانهيار الأكبر
في 10 أغسطس (آب) 2018 انهارت قيمة الليرة ب 18% وهو الانهيار الأكبر في يوم واحد منذ سنة 2001. أضاف عواد أنه في سنة واحدة انخفضت قيمة الليرة ب 30% ودفعت التضخم إلى ما يزيد عن 25% وهو الرقم الأعلى خلال 15 سنة. استمرت الأزمة في 2019 بالرغم من اعتماد عدد من الإجراءات غير التقليدية. تعمقت الخسائر أكثر مع إظهار آخر التقارير أن العملة انخفضت بأكثر من 11% تاركة الشركات الوطنية مثقلة بالديون المكتتبة بالعملة الأجنبية. كانت الأزمتان المالية والاقتصادية ناتجتين عن العجز المفرط في الحساب الجاري والدين بالعملة الأجنبية وازدياد تسلط ترامب وأفكاره عن سياسة الفوائد المرتفعة.

ضغط غير مسبوق
بالتوازي مع نسب بطالة مرتفعة ونمو بطيء، تسببت قيمة الليرة المتراجعة باضطراب اجتماعي وتراجع بارز في شعبية أردوغان وحزبه اللذين خسرا أكبر المدن التركية بما فيها أنقرة واسطنبول في الانتخابات المحلية السنة الماضية. وقع أردوغان تحت ضغط غير مسبوق بعدما ربحت المعارضة مدينة اسطنبول التاريخية منهية 25 عاماً من هيمنة الحزب الإسلاموي على مركز البلاد التجاري. وفي انتكاسة مذهلة، خسر أردوغان أنقرة واسطنبول وإزمير التي تشكل ثالث أكبر مدينة في تركيا.

ديكتاتورية واضحة
تحكم المعارضة اليوم خمساً من أصل أكبر ست مدن في تركيا. لقد كانت المرة الأولى في كامل مسيرته السياسية التي يواجه فيها هزيمة هائلة. لكنه رفض الاعتراف بها لصالح مرشح حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو. قال أردوغان إن إعادة انتخابات بلدية اسطنبول ستكون "الخطوة الفضلى" للبلاد. أتى ذلك على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي انتقد القرار باعتباره "ديكتاتورية واضحة" بحسب الكاتب. وأعيدت الانتخابات في 23 يونيو (حزيران) فانتصر إمام أوغلو للمرة الثانية وبشكل ساحق رافعاً الفارق من 13500 في مارس (آذار) إلى 800 ألف صوت. لقد كانت خسارة رمزية لأردوغان الذي بدأ مسيرته السياسية كعمدة لاسطنبول سنة 1994.

تهديدات متبادلة
تميزت العلاقات التركية-الأمريكية سنة 2019 بالتوتر والتهديدات المتبادلة. دفع إصرار تركيا على شراء نظام أس-400 واشنطن إلى منع أنقرة من الحصول على مقاتلات أف-35 وعلقت مباشرة مشاركة تركيا في البرنامج. وأضاف عواد أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قانوناً للدفاع فرض عقوبات على أنقرة لشرائها النظام الصاروخي الروسي كما على خط أنابيب تورك ستريم الذي ينقل الغاز الروسي إلى تركيا. وردّ أردوغان عبر التهديد بإغلاق قاعدتي إنجرليك وكوريجيك اللتين تستخدمهما الولايات المتحدة في تركيا.

جرائم حرب
في التاسع من أكتوبر (تشرين الأول)، توغلت القوات التركية في شمال شرق سوريا وشنت عملية عسكرية ضد قوات سوريا الديموقراطية. كان الهدف المعلن إبعاد الأكراد عن الحدود وتأسيس منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً في شمال شرق سوريا حيث بإمكان تركيا إعادة توطين مليوني لاجئ سوري يعيشون على أراضيها. قُتل عشرات المدنيين خلال أيام قليلة ونزح 160 ألفاً من المنطقة وفقاً للأمم المتحدة. وذكرت منظمة العفو حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب ارتكبها الأتراك وحلفاؤهم المحليون.

واحدة من اللحظات الأكثر إحراجاً
كانت هذه العملية سبباً آخر كي يفرض الأمريكيون والاتحاد الأوروبي عقوبات على أنقرة وفقاً لعواد. عاقبت واشنطن وزارات تركية ومسؤولين حكوميين بارزين فيما فرضت كندا وعشرات الدول الأوروبية حظر بيع السلاح على تركيا. في واحدة من أكثر اللحظات إحراجاً في 2019، هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره التركي في رسالة بتاريخ 9 أكتوبر من مغبة شن العملية: "لا تكن رجلاً قاسياً. لا تكن غبياً!" وأضاف ترامب: "لا أريد أن أكون مسؤولاً عن تدمير الاقتصاد التركي-وسأفعل".

تداعيات كبيرة
كتب عواد أنه خلال قمة حلف شمال الأطلسي في لندن، اتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالتواطؤ مع وكلاء داعش محذراً من أن التنظيم يعاود الظهور بسبب الاجتياح التركي. هدد أردوغان بالمقابل أنه سيستخدم حق النقض لتعزيز القوات الأطلسية في بولندا ودول البلطيق ما لم يوافق الحلف على تصنيف وحدات حماية الشعب الكردية بالمجموعة الإرهابية.

وبرزت مشاكل جديدة مع تبني الاتحاد الأوروبي إطاراً قانونياً لفرض عقوبات على نشاط تركيا في التنقيب عن النفط والغاز في المياه التي تقول قبرص إنها تعود إليها. إذا تبنى الاتحاد الأوروبي العقوبات فسيكون لها تداعيات كبيرة على اقتصاد تركيا الهش بما أن إجمالي الحجم التجاري بين أنقرة وبروكسل وصل سنة 2017 إلى 171 مليار دولار مقابل 20 مليار مع الولايات المتحدة.

علاقات مع الإخوان وإرهابيين آخرين
وقال أردوغان إنه سيرسل قوات إلى حكومة الوفاق الوطني التي تسيطر على طرابلس في معركتها ضد الجيش الوطني الليبي. يمكن أن تصعد هذه الخطوة النزاع في ليبيا ومع القوى الإقليمية لأن لحكومة الوفاق علاقات مباشرة مع الإخوان المسلمين ومجموعات إرهابية أخرى. علاوة على ذلك، بإمكان هذا التدخل إشعال التوترات مع روسيا بما أن أردوغان اتهم موسكو بإرسال 2000 عنصر من المقاتلين المتعاقدين لدعم الجيش الوطني الليبي. وأشار عواد إلى أنه مع كل هذه المشاكل التي ظهرت في 2019 يبدو أن لأردوغان وحزبه الحاكم وقتاً محدوداً للتفكير بغيمة اللايقين التي تحيط بقبضتهم على السلطة.