الأحد 5 يناير 2020 / 13:03

لهذا السبب لن تكشف إيران أسلحتها السيبرانية

رأى الكاتب زاك دوفمان، المتخصص في الأمن السيبراني، أن قرار الولايات المتحدة بتصفية الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، يبدو أقل إثارة للدهشة من الفترة الطويلة التي استغرقها تنفيذ هذا القرار.

رغم التهديدات الإيرانية وما تتفاخر به من قدرات إلكترونية لتخويف أعدائها، سوف تحتفظ طهران على الأرجح بأسلحتها الإلكترونية الأكثر تطوراً إلى وقت لاحق، لتفادي المخاطر

ويُشير دوفمان، في تقرير بمجلة "فوربس" الأمريكية، إلى أن سليماني كان يُنظر إليه باعتباره مصدر تهديد شديد للمصالح الأمريكية، وهو ثاني أكثر الأشخاص نفوذاً في إيران بعد المرشد الأعلى الإيراني على خامنئي، وأخطر شخص في المنطقة.

تصعيد طويل الأمد
وعقب مقتل سليماني، طلب من المواطنين الأمريكيين والأوروبيين مغادرة الشرق الأوسط التي ستشهد رد فعل على اغتياله، ربما يشمل هجمات على المنشآت الأمنية، والتجارية، وكذلك السياحة، وحركة السُفن في مضيق هرمز.

ويتوقع المحلل فيليب إنغرام، وهو ضابط سابق في المخابرات العسكرية البريطانية، تصعيداً مستمراً طويل الأمد لحروب بالوكالة في المنطقة، وهجمات إرهابية يمكن إنكارها، خاصةً لأن مقتل سليماني لا يمكن الاستهانة به، ولكن المنظمة ستستمر مع وجود قائد مسؤول.

ويقول كاتب المقال: "يقودنا ذلك إلى الاستجابة السيبرانية أو الإلكترونية المحتملة، إذ أن المواجهة المستمرة بين الولايات المتحدة وإيران وحلفائهما ووكلائهما، دمجت المجالات المادية والسيبرانية بشكل لا سابق له. ويعني هذا النهج الجديد أن أي هجوم في مجال ما، سيقود على الأرجح إلى انتقام في مجال آخر، وتطور إيران بالفعل قدراتها الهجومية عبر الانترنت بسرعة فائقة، وترعى مجموعات التهديد، لاستهداف أهداف صناعية في المنطقة وفي الولايات المتحدة، لدرجة استهداف منصات البرمجيات الرئيسية، ولاشك أن الحكومة الأمريكية تتوقع بعض أشكال الهجمات الإلكترونية".

انتقام ساحق

ولكن الكاتب يتساءل إذا كانت إيران ستضرب الأهداف الحيوية الأمريكية بكل قوتها، مرجحاً ألا تقوم بذلك على الأقل بالطريقة المتوقعة، لاسيما أن الهجمات الإلكترونية ضد الأهداف المحظورة لن تجذب الأخبار التلفزيونية، وعادة ما تكون غير مرئية إلى حد كبير.

وعلاوة على ذلك يصعب التحقق منها وتحتاج في الواقع إلى اعتراف الضحية بالهجوم. وبدأ خامنئي بإعلان ثلاثة أيام من الحداد العام وحذر الولايات المتحدة من مواجهة "انتقام ساحق" لمقتل سليماني، ومن ثم فإن الهجمات الإلكترونية غير المرئية، لن تتناسب مع تهديد خامنئي.

ومع ذلك، يحذر كاتب المقال من هجمات رئيسية ضد الخدمات الاستهلاكية السائدة للبنية التحتية للإنترنت، ولا يشترط أن تكون معقدة، ولكن لابد أن تكون واضحة ومن الصعب إخفائها، وهو الأمر الذي توقعته شركة "تشيك بوينت" للأمن السيبراني، التي تؤكد أن رد إيران سيكون "سريعاً وصاخباً في غضون أيام".

ويوضح كبير الباحثين في الشركة عوديد فانونو، أن إيران لن تبدأ بشن حملة إلكترونية كبرى، إذ تخشى أن يقود التصعيد إلى تعرضها لضربة أسوأ، ويعني هذا ببساطة أنه إذا ضغطت إيران على الولايات المتحدة بشدة فسيكون من الصعب على إيران مواجهة التداعيات الناجمة عن ذلك.

أسلحة إلكترونية متطورة
ويقول فانونو: "لإيران القدرة على استهداف الأفراد والمرافق الرئيسية، ولكن ليس على مستوى قريب من الولايات المتحدة. وفي الحالات المماثلة لا يمكنك تنشيط أفضل أسلحتك الإلكترونية، وبدل ذلك تحتفظ بها مخبأة حتى يوم الحرب، والآن الوقت ليس مناسباً لكشفها. وتدرك إيران بوضوح أنها ستخسر الكثير إذا نشطت الأدوات المتطورة لتدمير المنشآت، أو البنية التحتية، إذ ستكون إيران أكثر عرضة للخطر".

ويلفت كاتب المقال أن إيران تدرك حقيقة أن انتقام الجيش الأمريكي في المجال السيبراني ربما يكون أقرب إلى "إلقاء حجارة على دبابة"، وبدل ذلك يمكن لإيران ضرب قطاع الشركات الأمريكي الضخم والقطاع الخاص.

وحسب فانونو ربما تسعى إيران إلى ضرب أهداف بارزة في الصحة، والخدمات المالية، ووسائل التواصل الاجتماعي لتتصدر عناوين الأخبار، ولن تُحدث مثل هذه الضربات خسائر ولكنها تستهدف السمعة وبث الخوف.

حرب سيبرانية
ويلفت كاتب المقال إلى انخراط الولايات المتحدة وإيران في نزاع سيبراني لم يتوقف، وأثبتت الولايات المتحدة قدرتها على تدمير هياكل القيادة، والسيطرة الإيرانية الأساسية، بينما هاجمت إيران القطاع التجاري الأمريكي، وركزت على الأهداف الصناعية التجارية.

وتعتبر شركة "تشيك بوينت" أن استهداف البنية التحتية الحيوية الأمريكية من الأمور المستبعدة، لأن التداعيات ستكون صعبة للغاية وسريعة جداً، وتجري إيران حساباتها الآن لأنها تفهم جيداً المخاطر.

ويورد الكاتب أن انتقال إيران إلى مستوى أعلى في الهجمات الإلكترونية، يتطلب حصولها على دعم، وربما تقدم نفسها لروسيا والصين وكيلاً للهجمات السيبرانية، ولكن رغم التعاون بين تلك الدول، إلا أن روسيا والصين، لا تحتاجان إلى إيران وكيلاً، إذ سيكون ذلك بمثابة إعلان حرب، والوقت ليس مناسباً لمثل هذا النوع من الهجوم الإلكتروني.

ويخلص الكاتب إلى أنه رغم التهديدات الإيرانية وما تتفاخر به من قدرات إلكترونية لتخويف أعدائها، ستحتفظ طهران على الأرجح بأسلحتها الإلكترونية الأكثر تطوراً إلى وقت لاحق، لتفادي المخاطر، فضلاً عن أن كشف الأدوات الإيرانية المتطورة سيمنح الولايات المتحدة فرصةً للدفاع ضدها في المرة المقبلة.