رئيس الحكومة اللبناني المكلف حسان دياب.(أرشيف)
رئيس الحكومة اللبناني المكلف حسان دياب.(أرشيف)
الإثنين 13 يناير 2020 / 19:37

التكليف والتأليف

هل ينتهي الأمر باستقالة حسان دياب وماذا يحدث عندئذ للدولة التي يرفض، حتى أشخاص الصف الثاني إدارتها

هل ما زالت الظروف التي أفضت في لبنان الى تكيلف حسان دياب لتشكيل الوزارة هي نفسها وبالضبط بعد اغتيال قاسم سليماني بغارة أمريكية. حزب الله الذي نعى أمينه العام اللواء سليماني في مناداة الى سحب القوات الأمريكية من المنطقة. حزب الله هو اليوم على إصراره على التعجيل بتأليف الحكومة، وربما جعلته الأحداث أكثر إصراراً، لكن الساحة لم تعد هي نفسها بعد اغتيال سليماني فاليوم بعد دعوة نصر الله الى سحب الجيوش الأمريكية من المنطقة والى الثأر من الاغتيال وعلى المستوى نفسه. بعد دعوة كهذه لا يبقى مكان لحكومة تكنوقراط ومستقلين ولا بد من أن يحل محلهم اركان سياسة وحكم، فإن المنطقة ولبنان في وسطها تكاد تكون بعد الاغتيال في حالة طوارئ، إن لم تكن حالة حرب.

ما قد يفضي إلى تنحي حسان دياب عن التأليف، هو نفسه ما أفضى بسعد الحريري رئيس الوزراء السابق الى اشتراط مستقلين تقنيين للوزارات. هذا الشرط الذي طلع به سعد الحريري لم يكن من عندياته، إذ لا سابقة له في تاريخ سعد الحريري نفسه. لقد التقطه سعد الحريري من ظرف سياسي طارئ هو قيام الحراك المدني في كل لبنان تقريباً مما وسّط بين الأطراف اللبنانية الطوائفية والمناطقية قطاعاً جديداً، له بالإضافة الى سلميته واعتراضه على السلاح مقت معلن لوجوه السياسة اللبنانية واشتباه بهم جميعاً. هذه الانتفاضة أحرجت سعد الحريري وجعلته يستنكف عن الحكم ويؤثر الانحياز الى الشارع، الذي لم يبادله، بالضرورة، هذا الانحياز والبقاء، باستقالة طوعية وحياد إرادي جعلاه ضمناً خصماً للعهد وركنه جبران باسيل صهر الرئيس الذي لم يقبل، باشتراط سعد الحريري وزارة ليس فيها سوى تقنيين مستقلين، وليس فيها بالضرورة جبران باسيل نفسه لكن المفاجئ أن جبران انقلب على رأيه وهو الآن في صف سعد الحريري بمطالبته، على الأقل لفظياً بوزارة مستقلين وتقنيين.

لم يكن اختيار حسان دياب لتأليف الوزارة سوى مواصلة للعبة اللبنانية السياسية نفسها. لقد وضع حسان دياب قبالة سعد الحريري وبإرادة انتفض ضدها الشارع السني الذي شعر بأن ما جرى تطويق لإرادته وإملاء عليه، فحسان دياب لم يكون حاكماً الا بإرادة حلفائه وعلى رأسهم حزب الله، الذي اعتبرته، أقاويل كثيرة، المؤلف الحقيقي للوزارة. حسان دياب الذي سبق له فقط أن كان وزيراً للتربية، لا يذكر أحد أنه ترك في هذه الوزارة أثراً واضحاً سوى ذلك المجلد الذي امتلأ بصوره، وحين كلف بتأليف الوزارة كان شبه منسي ولا يذكره أحد إلا وهو يقرنه بزعيم طرابلسي كان راعيه حتى أثناء وزارته.

لقد اختير حسان دياب من الصف الثاني المعد لهكذا مناسبة. هذه الطريقة أجفلت الزعماء السنة والشارع السني كما استفزت الحراك نفسه فاجتمع عليها الحراك والشارع الطائفي. اختار الحراك ما يتقنه، طوق بيت الرئيس المكلف وتركه يركض من لقاء الى لقاء وحاصره في منزله. كان الرئيس المكلف ينتظر ردوداً كهذه لذا بدا وكأنه غير آبه واستمر في جولته. غير أن الظرف كان قد تغير فلم يعد ابن الصف الثاني راضياً بحدوده ولم يعد مستعداً ليبيع حلفاءه مواقف وتنازلات، فحسان دياب وهو يواجه غضبة الشارع السني والحراك المدني، عرف أن رأسه في اللعبة وأن عليه أن يحفظ رأسه أولاً، لذا بدأت تتناهى أخبار عن وقوفه في وجه الآخرين وعلى رأسهم من كان يومأ يشار إليه بوصفه المؤلف الحقيقي للوزارة أي صهر الرئيس ورئيس التيار الوطني الحر حزب الرئيس جبران باسيل واذا بنا نعلم أن اعتراض حسان دياب الرئيسي هو رفضه توزير جبران باسيل، الأمر الذي نقله فجأة إلى موقع سعد الحريري وجعل مصيره قريباً من مصير هذا الأخير، ومثل هذا الأخير لم يستطع ان يبتعد بنفسه عن الحراك وأن لا يأبه لصوته. لقد سمع الحراك وهو ينادي بإقصاء جبران باسيل وتبنى ما سمعه. الى أين ينتهي ذلك هل ينتهي باستقالة حسان دياب وماذا يحدث عندئذ للدولة التي يرفض، حتى أشخاص الصف الثاني إدارتها.