حطام الطائرة الأوكرانية في إيران.(أرشيف)
حطام الطائرة الأوكرانية في إيران.(أرشيف)
الجمعة 17 يناير 2020 / 14:28

إيران قلبت الطاولة على نفسها... أي خيارين أمامها؟

رأى محرر الشؤون الخارجية والدفاعية في صحيفة ذا دايلي تيليغراف البريطانية كون كوغلين أن اعتراف إيران المتأخر بإسقاط الرحلة بي أس 752 على متن الطائرة الأوكرانية وقتل جميع ركابها ال 176، يمكنه تمهيد الطريق لجولة جديدة من المفاوضات حول برنامجها النووي. يمثل اضطرار إيران الاعتراف بأن الطائرة الأوكرانية لم تسقط بفعل عطل في المحرك كما قالت أولاً، انتكاسة بارزة لمتشددي النظام الذين يملكون السلطة الكبرى على القوة العسكرية للبلاد.

يلوم العديد من الإيرانيين السياسيين المتشددين في دولتهم لخلقهم الظروف التي أدت إلى معاناة إيران من أكبر إذلال وطني منذ ثورة 1979

وكتب كوغلين في معهد "غيتستون" الأمريكي الذي يشغل فيه منصب الباحث المتميز أن المتشددين الذين يتلقون أوامرهم مباشرة من المرشد الأعلى علي خامنئي كانوا المسؤولين عن التصعيد الأخير في التوترات الإيرانية-الأمريكية. لقد شجعوا الميليشيات العراقية المدعومة من إيران على شن هجوم ضد قاعدة أمريكية في كركوك وقد قتل على إثره متعاقد أمريكي، كما شجعوها على محاولة اقتحام السفارة الأمريكية في بغداد. دفعت هذه الهجمات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تفويض اغتيال قاسم سليماني، أبرز إرهابي في إيران.

أكبر إذلال وطني
يلوم العديد من الإيرانيين السياسيين المتشددين في دولتهم لخلقهم الظروف التي أدت إلى معاناة إيران من أعظم إذلال وطني منذ ثورة 1979. نتج عن ذلك أن الفصائل المتشددة التي تدعم خامنئي باتت اليوم في موقف دفاعي جداً. دفعت هذه التطورات ديبلوماسيين غربيين إلى استنتاج أن الأجواء توفر فرصة لإعادة فتح المفاوضات حول الاتفاق النووي لسنة 2015 مع ترامب الذي وصف ذلك الاتفاق بأنه معيوب. قبل كارثة الطائرة الأوكرانية، بدا أفق كهذا بعيداً إذ لم تكن إيران في مزاج إيجاد تسوية بل إنها أعلنت أنها تستأنف عملها على برنامج تخصيب اليورانيوم وهو خرق واضح للاتفاق النووي.

تم قلب الطاولة
أضاف كوغلين أن الخطوة الإيرانية أطلِقت على يد المتشددين الذين شككوا دوماً بالاتفاق الذي فاوض عليه وزير الخارجية الإيراني المعتدل محمد جواد ظريف واستفادوا من الصرخة الدولية التي ولّدها اغتيال سليماني من أجل تخفيض التزامهم بموجبات الاتفاق. اليوم تم قلب الطاولة على وقع كارثة الطائرة الأوكرانية لدرجة أنّ المتشددين باتوا يدافعون عن أنفسهم في وجه اتهامهم من قبل القادة السياسيين المعتدلين بأنهم ضللوا الحكومة بشأن الظروف التي أحاطت بإسقاط الطائرة. واصطف روحاني إلى جانب المعتدلين من خلال المطالبة بتحقيق شامل وشفاف حول "الخطأ الذي لا يغتفر" المرتكب على يد الحرس الثوري المتهم بهذه القضية.

اتفاق ترامب
أدت هذه النتيجة وفقاً للصحافي نفسه إلى استنتاج ديبلوماسيين غربيين على ضفتي المحيط الأطلسي بأنه مع صعود المعتدلين في طهران مرة أخرى، هنالك فرصة لإعادة التفاوض على الاتفاق النووي. هذه بالتأكيد هي وجهة نظر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي دعا إلى استبدال الاتفاق السابق الذي فاوض عليه باراك أوباما بما سماه "اتفاق ترامب".

في أول مقابلة له منذ فوزه المؤثر بالانتخابات العامة التي أجريت الشهر الماضي، تحدث جونسون عن أنه يعترف بمخاوف واشنطن منذ اتفاق 2015، وأصر على ضرورة وجود طريقة لمنع طهران من حيازة الأسلحة النووية. وفي حديث إلى هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، قال: "إذا كان علينا التخلص (من اتفاق 2015)، فسنحتاج إلى بديل. فلنستبدله باتفاق ترامب".

ما البديل عن التفاوض؟
جاءت تصريحات جونسون بعد فترة قصيرة على إعلان دول الثلاثي الأوروبي الموقع على الاتفاق، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، تفعيل آلية فض النزاع عقب خروقات إيران للاتفاق. وشرح كوغلين أن هذه التطورات تعني مواجهة إيران لخيارين واضحين: إما العودة إلى المفاوضات ومعالجة العيوب الخطيرة في اتفاق أوباما وإما مواجهة المزيد من العزلة الدولية.