القس الفرنسي السابق برنارد برينات (أرشيف)
القس الفرنسي السابق برنارد برينات (أرشيف)
الجمعة 17 يناير 2020 / 20:02

مجرمون في بيوت الله

"كان عليهم مساعدتي، ولكنهم على النقيض من ذلك سمحوا لي بأن أصبح قساً".

ربما نحن ندفع كمجتمعاتٍ متدينةٍ ثمن القناعة المغلوطة في وعينا الجمعي بأن الدين بقوته الروحانية مسؤولٌ عن علاج النزعات الجنسية الشاذة، وقادرٌ على تطهير النفس منها

بنبرةٍ يطغى عليها اللوم والتأنيب، تحدث بيرنارد برينات، القس السابق، عن دور "الشيطان الأخرس" الذي لعبته الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية على امتداد جرائمه، وهو الذي تحرّش جنسياً بما لا يقل عن 80 صبياً في سبعينات وثمانينات القرن الماضي.

يقول برينات الذي أصبح عجوزاً في الـ74، إن نزعته البيدوفيلية بدأت في عمر الـ14، وتحديدا ًمنذ أن كان طالباً في الإعدادية الكاثوليكية.

وعوضاً عن مد يد الخلاص إلى ذلك المراهق المُعذب بميوله غير السوية نحو الأطفال، كان يُوصم بالمرض، ومن ثم نُقل إلى مدارسٍ مختلفةٍ لمجرد التخلص مؤقتاً من عبئه.

كبر برينات، وراح يستجدي المساعدة على الطريقة الكاثوليكية المفضلة، الاعتراف إلى الكاهن بنزعاته الجنسية نحو الأطفال، واللذة التي يحصل عليها باستغلال منصبه التطوعي قائداً للكشّافة.

ومجدداً، تُرك برينات ليسقط في جحيمه الشخصي، إذ اكتفى الكاهن بالعفو عنه، وتشجيعه على عدم العودة إلى هذه الممارسات، أي تماماً كما لو أن خطيئته كانت الإكثار من تناول الحلويات!

ولأعفي الكنيسة الفرنسية الكاثوليكية من بعض الوزر، فواقعياً، لبرينات "أخوةٌ" في كل الأديان ودور العبادة بلا استثناءٍ.

فهناك القصص المتفرقة للراهبات المُتهمات بالاعتداء الجنسي على فتيات صغيرات، على سبيل المثال في نيويورك، ونيوجيرسي في ستينات القرن الماضي.

وهناك قصة الحاخامات الإسرائيليين الثلاثة الذين أُلقي القبض عليهم معاً بعد اكتشاف انتهاكهم لأجساد الأطفال بعد انتهاء الدروس الدينية. وهناك أيضاً القصص اللامتناهية عن معلمي تحفيظ القرآن المسلمين الذين يغدرون بذاكرة الأطفال الغضة.

أتلاحظون نمطاً ما؟
سيجزم بعضكم بأن العمل الكهنوتي، والمهام والبعثات ذات الطابع الديني، والتقيد بالالتزام الظاهري، على الأقل، كان سبيل هؤلاء البيدوفيليين لتحديد فرائسهم السهلة.

ولكني أعتقد، وقد أكون مخطئةً تماماً، أنه لا بد وأن جزءاً لا بأس به منهم كانوا في الواقع باحثين عن النجاة من ميولهم غير السوية، كانوا ساعين بيأسٍ إلى ضبط غرائزهم الحيوانية، ولهذا نذروا أنفسهم بجهلٍ إلى الرهبانية، والتزموا بالشرائع الصارمة.

ولن أنسى شخصياً مظهر أحد نجوم التواصل الاجتماعي، والذي حُبس في 2016 لتحرشه اللفظي بأحد القُصّر، فإذا به يخرج من خلف القضبان بلحيةٍ طويلةٍ، وثوبٍ قصيرٍ، ووجهٍ يشع بنور الإيمان.

فربما نحن ندفع كمجتمعاتٍ متدينةٍ ثمن القناعة المغلوطة في وعينا الجمعي بأن الدين بقوته الروحانية مسؤولٌ عن علاج النزعات الجنسية الشاذة، وقادرٌ على تطهير النفس منها.

لقد صيّرنا الميول البيدوفيلية مثل غيرها، إلى "ذنوبٍ وخطايا"، فتوهمنا أنها بدورها قابلة لأن تُغسل بـ "شوية" صلاة، وصيام، وترتيل.

الوقاية خيرٌ من العلاج، وأجدى كثيراً من التكهن بما في السرائر، فعبدوا طريق هؤلاء المُبتلين نحو العلاج النفسي، وإعادة التأهيل، قبل أن يتسنّى لهم، عن حسن أو سوء نيةٍ، الاحتماء ببيت الله.