الأحد 19 يناير 2020 / 11:21

ترامب يدمّر جدار الحماية لإيران

24- زياد الأشقر

عندما قتلت الولايات المتحدة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في مطار بغداد في الساعات الأولى من 3 يناير (كانون الثاني)، لم يستهدف وحده، إذ كان برفقته عدد من القيادات العسكرية الإيرانية وكذلك قائد كتائب حزب الله العراقي أبو مهدي المهندس.

لم يواجه سليماني أي تحدٍ طوال فترة توليه رئاسة فيلق القدس من عام 1998 وحتى عام 2020

 وقبل أيام من ذلك، أطلقت تلك المجموعة النار على قاعدة في كركوك وقتلت متعاقداً أمريكياً. كما أن هذه الجماعة متورطة في محاصرة السفارة الأمريكية فقط بعد أيام من ذلك.

ورأى الباحث في معهد الدفاع عن الديمقراطيات جوناثان شانزر في موقع مجلة "كومنتري" الأمريكية أنه في تغيير لسياسة أمريكية عمرها عشرين عاماً، لم يبد الرئيس الأمريكي اهتماماً كبيراً بمعرفة ما إذا كان منفذو الهجوم على السفارة ومطلقو الصواريخ على كركوك قد أتوا من إيران أو أنهم كانوا من وكلاء لطهران يتخذون العراق مقراً لهم. وفي الحالتين، اعتبر الرئيس أن إيران هي المسؤولة وهي التي دفعت الثمن. وبضربة واحدة، انهى ترامب الشخصية الإيرانية التي كانت تقود الحرب بالوكالة ضد أمريكا وإسرائيل وعدد من دول الخليج العربية منذ أواخر التسعينيات.
   
الاختباء وراء ميليشيات
واعتبر شانزر أن مقتل سليماني، من دون شك، كان الحدث الأكثر منطقية خلال رئاسة ترامب. إذ أنه لم يعاقب إيران فقط على أفعال وكلائها. فبعد عقود من ترك الولايات المتحدة إيران تنجو بأفعال القتل، قررت إدارة أن أمريكا لن تسمح بعد اليوم للنظام الإيراني بالاختباء وراء ميليشياته.

وعام 2008، كتب المحلل السابق في وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية جون برينان مقالاً شرح فيه ما كان يعتقد أنه قضية منطقية في عدم الرد على عنف وكلاء إيران في الشرق الأوسط، قائلاً: "إنه في الوقت الذي يعزز الدعم الإيراني قدرة هؤلاء الوكلاء على تنفيذ هجمات إرهابية، فليس من الواضح ما هو دور المسؤولين الإيرانيين، إذا كان لهم دور فعلاً، في القرارات العملية التي يتخذها هؤلاء الوكلاء.. وعلاوة على ذلك، فإن أفعال هذه الجماعات التي توصف بالإرهابية والتي ينفذها وكلاء شيعة هي ذات طبيعة عسكرية وموجهة ضد أهداف عسكرية، سواء الجنود الإسرائيليين على الحدود مع لبنان أو ضد قوات التحالف الدولي في العراق".

نظرة باردة
ولاحظ الكاتب أن برينان، الذي تولى منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، لم يكن وحده من يفكر بهذه الطريقة. فهو كان واحداً من بين العديد من المسؤولين الاستخباراتيين والعسكريين الذين ينظرون ببرودة إلى استخدام إيران وكلاء لمهاجمة أمريكيين ومصالح أمريكية. وهكذا لم يواجه سليماني أي تحدٍ طوال فترة توليه رئاسة فيلق القدس من 1998 حتى 2020.

وخلص الكاتب إلى أنه سواء أدرك ترامب أم لا، فإن ضربته ضد سليماني، قد وضعت حداً لهذه الديناميكية. ومن خلال معاقبة المسؤول عن الهجمات الإرهابية التي ارتكبها وكلاء لإيران في العراق، فإن ترامب هدم جدار الحماية الرقيق الذي كان يمنع المسؤولين الأمريكيين من محاسبة إيران.