الإثنين 20 يناير 2020 / 15:28

"السركال أفنيو" مركز المشهد الثقافي البديل في دبي

بدل شراء مستحضرات التجميل من مركز تجاري ضخم في دبي في الإمارات، فضلت دانا الحمادي المشاركة في ورشة لصنع مزيلات العرق في "السركال أفنيو"، الحي الذي يعد مركزاً للمشهد الثقافي البديل في الإمارات.

وتقول الموظفة الإماراتية التي ارتدت العباءة السوداء التقليدية: "من الجيد حقاً أن تعرف كيف تحصل على أمر طبيعي، والتوقف عن استخدام الكثير من المواد الكيميائية، إنها تؤثر على أجسادنا بشكل سلبي".

وتطبّق الحمادي بدقة متناهية توجيهات المدربة، وتخلط ملعقة صغيرة من بيكربونات الصودا مع زيت جوز الهند لصناعة مزيل العرق، وتقول: "أنا سعيدة لأنهم بدأوا بأنشطة مماثلة وورشات عمل هنا في الإمارات".

وتجري الورشة داخل مقهى ومتجر للحرف اليدوية، يقول إنه "واعٍ بيئياً"، ويقع في أحد مستودعات "السركال آفنيو".

وتأسس "السركال آفنيو" وسط منطقة صناعية في 2008 على يد رجل الاعمال الإماراتي عبد المنعم السركال، وبعيداً عن صخب مدينة دبي وشوارعها، التي يشهد بعضها زحمة خانقة في فترة ما بعد الظهر، أصبحت مستودعات "السركال آفنيو" مقصداً لهواة الفن في الإمارة.

وتستثمر الإمارات مليارات الدولارات في إنشاء المتاحف، واستضافة فعاليات ثقافية، في محاولة لترسيخ صورتها مقصداً سياحياً عالمياً، وفي مسعى لتعزيز "قوتها الناعمة" القائمة على الاستثمار في مشاريع ضخمة ضمن قطاعي الثقافة والرياضة بشكل خاص.

وافتتح في العاصمة الاماراتية في 2017 متحف اللوفر أبوظبي، النسخة الخارجية الوحيدة من المتحف الفرنسي الشهير.

وتضم دبي مساحات ثقافية أخرى مخصصة للفن المعاصر، لكن السركال، وهو أول حي مخصص بالكامل للفن.

ويدعم "السركال آفنيو" أكثر من سبعين مشروعاً للمبدعين ورجال الأعمال من جنسيات مختلفة، وهذه المشاريع هي عبارة عن صالات عرض، أو مساحات "للعمل المشترك" أو صناعة الشوكولاتة الحرفية.

وينظم نحو 500 حدث ثقافي سنوياً وتكون في العادة مجانية، وتجذب نحو نصف مليون زائر سنويا.

وتعتبر دبي من الوجهات السياحية الكبرى في العالم.

وتضم الامارة مئات الأبراج وناطحات السحاب، أشهرها برج خليفة الأعلى في العالم، والبالغ ارتفاعه 828 مترا، إضافةً إلى برج العرب المعروف بفندقه "السبع نجوم".

وتؤكد مديرة "السركال آفنيو" فيلما جوكرتي "أقول دائماً إننا نخاطر بالمراهنة" على الفنانين الجريئين، وحسب جوكرتي، فإن السركال يقدّم "بديلاً" لدبي.

وتعرف الإمارات اليوم بفضل النفط ومشاريعها الضخمة واهتمامها بالتقنيات الحديثة، وتابعت الليتوانية التي تقيم في دبي "نحن حقاً جزء من المدينة ونحن كذلك منذ عشر سنوات".

سينما مختلفة

ويضم "السركال" أيضا سينما عقيل، البديلة المستقلة، والفريدة من نوعها في الخليج، وتعرض سينما عقيل أفلاماً مستقلة وفنية وفيها مقهى صغير، في صورة تختلف بشدة عن صالات السينما التجارية في دبي التي تقدم أضخم انتاجات بوليوود وهوليوود.

وتقول نائبة مدير سينما عقيل، لوز فيلاميل، إن الهدف هو تقديم "بديل وتجربة سينمائية مختلفة" لسكان دبي.

ويرافق عرض الافلام المستقلة في العادة نقاشات في القاعة الصغيرة التي صممت بأسلوب خمسينات القرن الماضي مع مقاعد وأرائك حمراء، يمكن أن تستقبل 133 شخصاً.

وتضيف لوز فيلاميل أن في "دبي لم يكن هناك أي مكان للجماهير التي ترغب في مشاهدة فيلم ألماني أو سوداني على الشاشة" قبل سينما عقيل.

ورغم "التحديات" المالية للمشروع، فإن عقيل تستهدف نوعاً من الزبائن الذين يرغبون في رؤية سينما غير تجارية، وأفلام مستقلة.

وعرضت "عقيل" عدة أفلام مثل فيلم "بابيتشا" للجزائرية مونية مدور، و"كفر ناحوم" للبنانية نادين لبكي، وستعرض في الشهر المقبل فيلم "ستموت في العشرين" للمخرج السوداني أمجد أبو العلاء.

واختار التونسي الفرنسي المعروف إل سيد أن يكون السركال موقع استوديو صغير له، لأنه يعكس "الجانب الآخر من دبي الذي لا يعرفه الناس عادة".

وقال: "قررت أن امتلك مساحة هنا للسماح للزوار بخوض تجربة مماثلة لتلك التي في الشارع، فقط عليك أن تدفع الباب وتدخل إلى ورشة عملي".

ويؤكد الفنان الذي يعيش بين باريس، وتونس، ودبي "أكثر ما يهمني هو التجربة الإنسانية، والتفاعل مع الناس".

ويعرف "إل سيد" بأعماله في فن الكاليغرافيتي، وهو خليط بين الخط العربي وفن الغرافيتي، وفي مدينة تقيم فيها غالبية من الأجانب، فإن الخط العربي، رسالة في مواجهة "هيمنة" الإنجليزية والثقافة الأنغلو سكسونية في دبي.

ويرى السيد، أن "ربط الخط بالغرافيتي يمثل لغة تتحدث مع العديد من الشبان وتسمح لهم بالتصالح مع هويتهم العربية".

وفي أزقة السركال، يحضر طلاب فنون لمعرضهم الأول، بينما يتجول زوار إماراتيون بلباسهم التقليدي وغيرهم بين معارض السركال والمقاهي التي تقدم منتجات عضوية.

لكن، ورغم نجاح "السركال آفنيو" في أوساط محبي الفن وأصدقاء البيئة، فإنه يندر أن يمتلىء بالزوار، ويرى الكثير من القيميين على المعارض أن الأمر سيستغرق وقتاً للعثور على جمهور خاص بها دون أن ينزلق في ثقافة الاستهلاك.