الثلاثاء 21 يناير 2020 / 12:11

في إيران ... الوصفة القديمة لم تعد تنفع

يلاحظ متابعو الاحتجاجات الأخيرة في إيران تركيزها على المطالبة تغيير النظام، حتى بين الذين كانوا يسعون للإصلاح.

حتى روسيا لم تعد مستعدة لممارسة اللعبة وفق قواعد الملالي

ويرى أمير طاهري، الكاتب والمحلل السياسي إيراني، أنه مهما حاول رجال الدين الحاكمون في إيران التركيز على الجوانب الإيجابية للأحداث الجارية في البلاد، إلا أنه لا يمكن إخفاء المشكلة الكبرى التي تواجهها إيران.

وأشار  طاهري، في موقع "غيتستون" إلى أنها ليست أول مرة يواجه فيها النظام، الذي شكلته على عجل حفنة من الملالي مع حلفائهم اليساريين، عثرة على طريقه نحو المجهول، إذ واجهت إيران  في عامها الأول حركات احتجاج واسعة في طهران، ومدن أخرى كبيرة، وكان عليها استخدام القوة لسحق حركات تمرد كردي، وتركماني.

عوامل البقاء
وحسب أفضل التقديرات، كان على حكام إيران للبقاء في السلطة، إعدام أكثر من 15 ألف شخص، ودفع ما يزيد عن 8 ملايين إيراني للعيش في المنفى، ويضاف إلى ذلك كله، حرب دامت ثمانية أعوام، أشعلها الخميني ضد العراق في عهد صدام حسين. ورغم كل ذلك، تمكن النظام من البقاء، بفضل عوامل، أبرزها جني أموال كثيرة من صادرات النفط.

وكان الارتفاع المطرد لأسعار النفط يعني أن إيران كسبت، في السنوات الثلاثين الأولى من حكم الملالي، أموالاً تزيد أكثر من 20 ضعفاً عما جنته إيران منذ أن بدأت تصدير النفط في 1908.

مورد جاهز
ويلفت الكاتب إلى أن ذلك المورد المالي جعل حكام إيران الجدد لا يحتاجون لمواطنيهم، أو لما يستعان فيه بأبناء البلد لأدائه في دول طبيعية. ولم تعتمد الحكومة على الشعب للحصول على عائدات من خلال الضرائب.

وفي الوقت نفسه، وحسب كاتب المقال، لم يكن النظام الإيراني في حاجة لكسب انتخابات، لأن الموافقة على المرشحين كانت مُسبقة. ولم تكن الحكومة تحتاج لجهود مواطنيها لتحافظ على الاقتصاد. فقد وفر أكثر من أربعة ملايين لاجئ من أفغانستان، والعراق، ودول الاتحاد السوفييتي السابق مصدراً كبيراً لعمالة رخيصة.

وعندما حان وقت الحاجة للإيرانيين للقتال لصالح النظام، كانوا أيضاً غير ضروريين لأن النظام استطاع استئجار مرتزقة من عدد من الدول المجاورة، خاصةً من أفغانستان، والعراق، وسوريا، واليمن، ولبنان.

مشروع الحروب بالوكالة
ويلفت الكاتب إلى أن مشروع الحروب بالوكالة هو الذي جعل القتيل الجنرال قاسم سليماني بطلاً في إيران. وفي الحقيقة، لم يكن سليماني في حاجة لخبرة حربية، بل كل ما احتاج إليه، أن يعمل مثل آلة لتوزيع الأموال على مقاتليه بالوكالة.

ولكن بقرة النفط لم تعد تعطي الملالي بقدر ما قدمته من قبل. وبات أمل النظام ينحصر في تأمين حوالي 60 مليار دولار سنوياً لتغطية نفقاته الأساسية. ولن تغطي الخزينة الحربية، والتي بنيت على مدار سنوات، النفقات الأساسية لأكثر من عام آخر.

ويرجع العامل الآخر المهم في استراتيجية النظام ليقينه أنه مهما فعل داخل إيران أو خارجها، سيفضل خصومه المفترضون الحوار والتسوية، وسيتجنبون دوماً اتخاذ إجراء قوي.

استسلام اللحظات الأخيرة
ويرى الكات،ب أن طهران علمت أنه مهما نفذت من أعمال معادية ضد قوى خارجية، سيكون لديها دوماً خيار الاستسلام في اللحظات الأخيرة.

ولكن هذا الخيار تبخر اليوم، في رأي طاهري الذي يشكك في أنه حتى الضعفاء من الأوروبيين سيركنون اليوم لابتسامة ودية حيال إيران، ووعد بأن تسلك طهران في المستقبل سلوكاً حسناً.

ويشار إلى أنه حتى روسيا لم تعد مستعدة للعبة وفق قواعد الملالي. فقد صعب تجاهل هؤلاء التام للقانون الدولي وقواعد السلوك الرصين، في مأساة إسقاط الطائرة الأوكرانية في طهران، على المعادين لأمريكا في الغرب وفي كل مكان، مواصلة دعم نظام عاجزٍ، وفاسدٍ، وقاسٍ.