الثلاثاء 21 يناير 2020 / 13:59

روسيا تبتز أوروبا بزيادة تدخلها في النزاع الليبي

24- زياد الأشقر

عن انعكاسات الدور الروسي في الحرب الأهلية الليبية، كتب الباحث أنس الجمعاتي في مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن القمة الروسية التركية الأخيرة في موسكو لصياغة اتفاق لوقف النار في ليبيا، انهارت بعد أن غادر قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر روسيا، دون توقيع الاتفاق.

روسيا قد تزيد من تدخلها لتصعيد الضغط على أوروبا

وأثار ذلك، تساؤلات ليس فقط عن درجة التأثير الروسي في ليبيا، وإنما أيضاً عن حجم الجدية في وضع حد للنزاع.

وبرزت روسيا أول الأمر في ليبيا، في سبتمبر (أيلول) 2019 بعد نشرت مرتزقة على الخطوط الأمامية للجبهة في طرابلس، لتثير قلق الولايات المتحدة وأوروبا من إدلاء الكرملين بدلوه في الحرب الأهلية الليبية.

وأعاد التدخل الروسي إلى الأذهان الدور الحاسم لموسكو في سوريا، عندما دعمت نظام الرئيس بشار الأسد وأنقذته من الانهيار.

ولكن الكاتب لفت إلى أن عجز روسيا عن اقناع حفتر بقبول وقف للنار، قد يكون علامة على أنها لا تملك ما يكفي من التاثير على الرجل، أو أنها بصراحة لم تحاول الضغط عليه.

أوكرانيا
وأقحمت روسيا نفسها مع فصائل مختلفة في ليبيا، إذ أنها تدعم حفتر وتنخرط في علاقات مع منافسه رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، ومع أفراد من نظام القذافي السابق.

وتستغل موسكو النزاع بتحريض كل طرف على الآخر في محاولة واضحة للضغط على الاتحاد الأوروبي، ليتفاوض على وضع حد للعقوبات الاقتصادية عليها، بعد تدخلها في أوكرانيا في 2014.

وحضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤتمر برلين حول السلام في ليبيا في 19 يناير(كانون الثاني) الجاري، أين التقى زعماء دول من الاتحاد الأوروبي للترتيب لوقف للنار في ليبيا.

وأشار الكاتب إلى أن روسيا نشرت حتى الآن 200 مرتزقاً من "مجموعة فاغنر" لدعم حفتر فضلاً عن تمويله بثلاثة مليارات دولار.

 لكن هذا الدعم كان كافياً لحفتر، إذ يُمكن لـ200 مرتزق أن يخرقوا المأزق العسكري الحالي، لكن لا جون سيطرة على أراضٍ بقوتهم الخاصة، وبطبيعة الحال لا يمكنهم السيطرة على مدينة مثل طرابلس.

اختراق سوق فرنسا
وقال الكاتب إن رغبة روسيا في اللعب مع الخصمين المتنافسين في ليبيا، ظهرت في استقبال بوتين للسراج وحفتر في سوتشي في 19 أكتوبر(تشرين الأول) الماضي.

ومنذ ذلك اللقاء، أبرمت موسكو اتفاقاً مع حكومة الوفاق الليبية لتصدر لها مليون طن من القمح بمليار دولار، وذلك في خطوة لا تهدف إلى إعطاء دفعة للانتاجية الاقتصادية للبلاد فقط، وإنما لاختراق سوق تهيمن عليها فرنسا وإيطاليا، وكبح جماح نفوذ الاتحاد الأوروبي، في ليبيا.

وخلص الكاتب إلى أن الدور الروسي لا يزال محدوداً، ولا تشعر القوى الأوروبية بالضغط للتسليم بالمطالب الروسية، ولكن المخاطرة تكمن في أن روسيا قد تزيد تدخلها لتصعيد الضغط على أوروبا.
 
ولم يتضح كيف ستكون انعكاسات ذلك على روسيا وأوروبا على حد سواء، لكن الواضح أن موسكو تحاول جاهدة استغلال النزاعات الأكثر فوضوية في العالم، لتحقيق مكاسب جيوسياسية في مناطق أخرى.