الثلاثاء 21 يناير 2020 / 16:34

الاحتجاجات في لبنان والعراق قد تُسقط حكومات...لا الأنظمة

رأى زئيفي باريل، مراسل صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن الاحتجاجات في العراق ولبنان، قد تُسقط الحكومة ولكنها لن تقود إلى سقوط النظامين فيهما، متسائلاً عما إذا كان الشباب العراقي واللبناني، المعارض لفساد الطبقة الحاكمة، والذي سئم الحكومات التي تعمل على أسس عرقية، قادراً على تقديم قيادة بديلة.

تستند المعارضة الشعبية في العراق ولبنان بشكل أساسي على الجيل الأصغر سناً من الشباب الذي يُشكل نصف السكان على الأقل، ويتمثل التساؤل المهم الآن فيما إذا كان هذا الجيل سوف ينجح في تحويل تطلعاته إلى انتصار سياسي

ويُشير باريل إلى تصريحات اللواء عبد الكريم خلف، المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، الذي قال إن العراق يملك أربع طائرات من طراز "إف 14" وأربع طائرات أخرى من طراز "سوخوي 25" وهو ما يكفي حسب قوله للدفاع عن المجال الجوي العراقي.

لا انسحاب أمريكي
ويستبعد باريل أن يكون المتحدث الرسمي، الذي لم يحدد العدو، يعبر عن رأي الحكومة العراقية التي تواصل المفاوضات مع ممثلي الإدارة الأمريكية على انسحاب القوات العسكرية الأمريكية من العراق.
وإذا اعتقدت الحكومة المؤقتة في العراق، ونظام الملالي في إيران، أن اغتيال الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس السابق، سيقود إلى التغيير، فإنهما أدركا في الوقت نفسه أن مشكلتهما الرئيسية ليست الوجود الأمريكي، وإنما المظاهرات التي عادت بقوتها الكاملة في شوارع بغداد والمدن الجنوبية مثل البصرة، والناصرية". 

تجدد احتجاجات العراق
وشهدت الشوارع العراقية في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، آلاف المتظاهرين الذين طالبوا بخروج إيران من العراق، وطرد القوات الأمريكية. وردت قوات الأمن بقتل اثنين منهم فضلاً عن إصابة المئات واعتقال الكثيرين.

ويوضح المراسل أن الاحتجاجات التي تلاشت لبضعة أيام بعد اغتيال سليماني تجددت ومعها المطلب النهائي بإجراء انتخابات جديدة ومنع رئيس الحكومة المستقيل عادل عبد المهدي، من العودة إلى السلطة.

ورغم استقالة عبد المهدي من رئاسة الوزراء منذ قرابة شهرين، إلا أن رؤساء الأحزاب الرئيسية لم يتفقوا حتى الآن على بديل له، أو على التحرك السياسي المقبل.

لبنان يحترق
ويضيف المراسل "يستمر احتراق لبنان، خرج مئات المتظاهرين في بيروت وطرابلس إلى الشوارع للاحتجاج ضد النظام، وحرقوا الإطارات، وألقوا الحجارة، وتسببوا في إغلاق فرع طرابلس للبنك المركزي. وكما في العراق، طالبوا بتشكيل حكومة جديدة لم تظهر بعد في الأفق".

ويشير مراسل الصحيفة الإسرائيلية إلى حديث زعيم حزب الله حسن نصر الله عن غياب تشكيل حكومة جديدة الذي سيقود إلى تدمير لبنان، وذلك في الوقت الذي يُشير فيه خصومه في الشارع إلى أن نصر الله هو الشخص الرئيسي، وربما الوحيد، الذي يتحمل مسؤولية تدمير البلاد، ومنع أي حل سياسي.

إسقاط الحكومات لا الأنظمة
ويرى المراسل أن الشعبين في البلدين يُظهران مرة أخرى قدرتهما على إسقاط الحكومات، لا الأنظمة. ومنذ قرابة ثلاثة أشهر اعتبر المنتفضون أن هذه المظاهرات هي "الربيع العربي الجديد" ووصفوا القتلى بشهداء الديمقراطية بينما أطلقوا على قوات الأمن اسم "القتلة".

وحسب المراسل، لم تنجح الاحتجاجات في العراق ولبنان وإيران، التي لا تزال مستمرة، في تقديم قيادة بديلة.

ولن يكون نشطاء الشبكات الاجتماعية الذين يتكلمون عبر مكبرات الصوت في ساحات المدينة أو حتى  الذين يحرقون الإطارات، أو يرمون الحجارة، أعضاء في الحكومات الجديدة طالما استمر "النظام"  في إدارة الآلات الحكومية.

مأساة الغرق في الديون
ولعل الفارق، حسب المراسل، بين العراق ولبنان، هو أن لدى الأول بنية تحتية اقتصادية محتملة تستند إلى خامس أكبر احتياطي نفطي في العالم، بينما لا مورد حقيقياً للبنان يمكن أن يضمن سداد الديون الضخمة البالغة حوالي 90 مليار دولار، أي قرابة 155% من الناتج المحلي الإجمالي.

ولكن حتى مع الموارد الهائلة في العراق، فإنه غارق في ديون ضخمة، ومثل لبنان يعاني من فساداً يعزز الطبقة الحاكمة.

ويلفت المراسل إلى أن لدى لبنان وعود بحوالي 12 مليار دولار من الدول المانحة، ومن الناحية النظرية يمكن أن يساعد هذا المبلغ في سداد جزء من الديون، أو يعمل على الأقل لإصلاح جزء من البنية التحتية الاقتصادية.

ولكن لبنان لن يحصل على هذه الالتزامات، ولا على دولار واحدا، طالما لم تتشكل حكومة موثوقة يمكنها ضمان استخدام الأموال لتحقيق الأهداف الصحيحة.

الحل السحري
ويعتبر مراسل "هآرتس" أن إزاحة حزب الله من مركز قوته السياسية ليس كافياً لتغيير "النظام" إذ تمتع لبنان بالازدهار الاقتصادي لسنوات عديدة حتى عندما كان حزب الله جزءاً من الحكومة والبرلمان.

وكما هو الحال في العراق، فإن التركيبة الطائفية للنظام، وتقسيم الغنائم بين المجموعات الطائفية الكبرى والاعتقاد أن البلد ينتمي إلى حكومة القلة، يفرض التشريع وتوزيع الثروة بين مجموعات القوى.

ويعتبر المراسل أن الحل السحري في البلدين يتمثل في تشكيل حكومة تكنوسياسية، أي أن يكون الوزراء فيها سياسيين يتمتعون بالخبرات المهنية اللازمة.

وبالطبع لا يرغب حزب الله في الحديث عن خبراء، ويطالب بحكومة تمثل جميع القطاعات، أي بمعنى آخر، بحكومة لا تختلف عن سابقتها. وحتى وقت قريب، أصر رئيس الوزراء المكلف حسن دياب على تعيين حكومة من الخبراء، ولكنه أدرك أنه لن يكون قادراً على إقناع أصحاب المصالح الخاصة الذين وافقوا على تعيينه رئيساً للوزراء، بذلك.

تطلعات الشباب

ويلفت المراسل إلى أن العرقية والقبلية تطورت في لبنان والعراق إلى أحزاب سياسية، تدير معركتها في الساحات الرسمية، مثل البرلمانات والحكومات، وذلك على عكس الدول الأكثر رسوخاً مثل مصر، والأردن التي يمثل فيها البرلمان أهمية حقيقية باعتباره الهيئة التشريعية، إضافةً إلى وجود معارضة نشطة للحكومة، والأهم من ذلك الجمهور الذي يدرك سلطته ويستخدمها.

ويختتم بارئيل قائلاً: "تستند المعارضة الشعبية في العراق ولبنان بشكل أساسي على الجيل الأصغر سناً من الشباب الذي يُشكل نصف السكان على الأقل، ويتمثل التساؤل المهم الآن فيما إذا كان هذا الجيل قادراً على تحويل تطلعاته، إلى انتصار سياسي".