محتجون لبنانيون (أرشيف)
محتجون لبنانيون (أرشيف)
الثلاثاء 21 يناير 2020 / 22:10

ما العقبة التي تأخر تشكيل حكومة في لبنان؟

يواجه لبنان أسوأ أزمة إقتصادية في تاريخه الحديث، ويشهد حركة احتجاجية غير مسبوقة وسط تزايد الضغوط الدولية من أجل اجراء إصلاحات، إلا أن الطبقة السياسية التي تتلقى سهام الشارع أخفقت حتى الآن في تشكيل حكومة جديدة.

ويثير ذلك تساؤلات عن العقبات التي تعوق تشكيل الحكومة والمصير الذي ينتظر هذا البلد في ظل أزمة اقتصادية ومالية ومعيشية تتفاقم يوماً بعد يوم.

ينتظر لبنان تشكيل حكومة جديدة منذ قدم رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري استقالته في 29 أكتوبر (تشرين الأول)، بعد أسبوعين من بدء احتجاجات تطالب بتنحي الطبقة السياسية المتهمة بالفساد.

وفي 19 ديسمبر (كانون الأول)، وبعد أسابيع من الخلافات حول هوية من يترأس الحكومة المقبلة، تم تكليف حسن دياب، الأستاذ في الهندسة والأكاديمي تشكيل الحكومة.

لكن دياب، الذي تعهد تشكيل حكومة خلال 6 أسابيع من تكليفه، يواجه سلسلة من العقبات.

ففي بلد متعدد الطوائف حيث يتم توزيع الحقائب في الحكومة على أسس طائفية، تصبح عملية تشكيل الحكومة مهمة شاقة تتمثل في "تقاسم الكعكة"، بحسب تعبير مدير مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية سامي نادر.

وتعترض أحزاب الأكثرية النيابية هذه المرة على اقتراح دياب تشكيل حكومة مصغرة تضم 18 وزيراً بدلاً من 30، بحجة أنه سيحرم بعضها حصته من "الكعكة" الحكومية.

وثمة حزبان من حلفاء حزب الله هما تيار المردة والحزب السوري القومي الاجتماعي، من أبرز المعترضين.

ولم يعلق دياب على اقتراح تشكيل حكومة من 20 وزيراً تلبي مطالب هذين الحزبين.

تختلف الأحزاب المعنية على بعض الأسماء، كما يبدو.

وكان دياب تعهد تشكيل حكومة تضم خبراء مستقلين إضافة إلى ممثلين للحراك الشعبي، وهو مطلب رئيسي للمتظاهرين الذين فقدوا ثقتهم بالطبقة السياسية التقليدية.

وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في بيروت هلال خشان، إن هذا الأمر شديد التعقيد، مؤكداً أن جميع المرشحين الذين يتم تداول أسمائهم مرتبطون بأحزاب سياسية.

وأشار إلى أن "تشكيل حكومة حصرياً من التكنوقراط هو حلم" مضيفاً أن "كل مرشح يقف وراءه حزب سياسي يدعمه".

وتابع أن الأحزاب "ما زالت تهيمن على العملية".

واعلن زعيم تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية في مؤتمر صحافي اليوم الثلاثاء، أن تشكيل حكومة من مستقلين هو طرح "غير واقعي".

وقال، إن الأفرقاء السياسيين يسمون أشخاصاً يمثلونهم مبرراً مطالبته بتمثيل أوسع في الحكومة.

وأضاف، "أتمنى على الحراك إعطاء فرصة، والأسماء المطروحة في الحكومة نظيفة".

يعقد المانحون الدوليون والمواطنون آمالهم على حكومة جديدة تجري الإصلاحات المطلوبة للحصول على مليارات من المساعدات الدولية، واستعادة استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية التي فقدت أكثر من ثلث قيمتها في السوق الموازية.

لكن المحللين يعتقدون إن الحكومة المقبلة لا يمكنها فعل الكثير. وقال الأستاذ في العلوم السياسية كريم المفتي، إن "المهمة التي تنتظر أي حكومة خلال هذه الفترة الخطيرة مهمة شاقة".

وأضاف، "بالنظر إلى الطبيعة المتعددة الأبعاد للأزمة، يبدو أنه من الصعب التفكير في حلول قصيرة الأجل للمشكلات المالية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد".

وتعد نسبة الدين مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي في لبنان من الأعلى في العالم.

وفاقمت أزمة السيولة بالدولار والقيود التي فرضتها البنوك على التعامل بالدولار من المعضلة، الأمر الذي وضع لبنان على شفير التخلف عن السداد.

وما زاد الطين بلة أن خصوم حزب الله، وبينهم تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري، أعلنوا انهم لن يشاركوا في الحكومة المقبلة.

ويثير ذلك مخاوف من أن تفتقر أي حكومة مقبلة إلى التوازن في ظل سيطرة حزب الله وحلفائه عليها، ما يعني عجزها عن تلقي الدعم المطلوب لبدء الخروج من الأزمة.

وقال خشان، إن الصراعات السياسية توحي أن الممسكين بالسلطة غير قادرين على التعامل مع التحديات المطروحة.

وأوضح، أن "حل المشكلات الاقتصادية في البلاد هو أصعب بكثير من مجرد تشكيل حكومة، ورغم ذلك يبدو أن السياسيين غير متفقين على إنجاز أمر هو الأكثر بساطة".