الأربعاء 22 يناير 2020 / 11:17

أمريكا وإيران 2020...علاقة مخيفة!

في عددها الأخير، تناولت مجلة إكونوميست البريطانية توتر العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، خاصة بعد مقتل الجنرال قاسم سليماني، وإسقاط الحرس الثوري الإيراني طائرة ركاب أوكرانية، وقصف قواعد أمريكية في العراق.

النظام الإيراني لن ينهار في عام 2020، وسيبدأ العمل على أقسام أخرى من برنامجه النووي تم وقفها بموجب الاتفاق

 ويستعيد الكاتب في مستهل المقال ما قاله الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، عندما كان يتناول طعام العشاء مع شاه إيران، محمد رضا بهلوي في ذلك اليوم من عام 1978 من أن "إيران بلد مستقر في أحد أشد المناطق اضطراباً في العالم".

لكن لم يمر عام واحد على ذلك التصريح، أي في عام 1979، حتى خلع بهلوي، واستولى الملالي بقيادة آية الله روح الله الخميني على السلطة. وتبين أن إيران لم تكن مستقرة، ومنذ حينه أخذت في نشر الاضطرابات والفوضى في المنطقة.

ويقول كاتب المقال إن قلة من الأمريكيين توقعت قيام الثورة الإيرانية في عام 1979. وحتى سنوات خلت، لم يكن إيرانيون كثر يتخيلون أن أمريكا وإيران سوف تقتربان من حافة الحرب عام 2019. ولكن في يونيو( حزيران) أوشك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على قصف إيران التي هاجمت سفن شحن في الخليج، وأسقطت طائرة أمريكية دون طيار. ودارت أحاديث حول الحرب في سبتمبر(أيلول)، بعدما هاجمت إيران أو وكلاؤها منشآت نفطية في السعودية. وسيخيم شبح حرب شاملة على عام 2020.

صورة قاتمة

وتعود خلفية هذه الصورة القاتمة لقرار اتخذه ترامب في عام 2018، بالتخلي عن الصفقة التي تم التفاوض عليها في عهد باراك أوباما، وقضت بتقييد برنامج إيران النووي في مقابل رفع عقوبات اقتصادية. ويقول الرئيس الأمريكي إنه يرغب في التوصل إلى اتفاق جديد يقيد أيضاً برنامج إيران الصاروخي، وتدخلها في شؤون المنطقة. وطبقت إدارته سياسة "أقصى ضغط"، فراكمت عقوبات ضد إيران بأمل دفعها ثانية نحو مائدة التفاوض- أو التشجيع على قيام ثورة جديدة. ولكن حتى الوقت الحالي، لم تفلح تلك السياسة سوى في تعزيز المتشددين الإيرانيين، وإعادة التأكيد على انعدام الثقة بأمريكا.

مرحلة حرجة

وحسب المجلة، يراهن مسؤولون أمريكيون على وصول إيران إلى مرحلة حرجة في عام 2020، أو بعدها مباشرة. وفي هذا السياق، قال ترامب: "سيكون الوضع في إيران مريعاً، إنهم مفلسون".

وعزلت العقوبات إيران عن الاقتصاد الدولي، واقتربت صادراتها النفطية من الصفر، وتهدد أمريكا مشترين محتملين للنفط الإيراني. وقادت معاناة الإيرانيين إلى احتجاجات، ولكن محللين أمريكيين يقولون إن إيران غير مفلسة. إنهم يخمنون بأن لديها من الاحتياطات الأجنبية ما يكفيها لمدة عامين آخرين. فقد بني "اقتصاد المقاومة" على أساس تحمل ضغط خارجي وتجنب التدقيق. وقد نجت إيران من عقوبات سابقة.

محور للتحدي
وتقول المجلة إن النظام الإيراني لن ينهار في عام 2020، وسيبدأ العمل على أقسام أخرى من برنامجه النووي تم وقفها بموجب الاتفاق. ومثل حيوان محاصر، ستبدأ إيران في شن هجمات في المنطقة. ومع تضاؤل حجم تجارتها، لن تخسر إيران كثيراً إن هي حولت مضيق هرمز الذي تمر عبره خمس إمدادات النفط نحو العالم، إلى محور للتحدي. وقد يشن الحرس الثوري الإيراني ووكلاؤه في اليمن والعراق مزيداً من الهجمات ضد حلفاء أمريكا في المنطقة. وسوف تثبت إيران لأمريكا أنها قادرة أيضاً على إلحاق الاذى بأعدائها.

وسطاء
لكن، وفقاً للمجلة، لم يفقد الأمل بعد. وتقول إيران إن السعودية، تجري اتصالات عبر وسطاء. وقد يتم التوصل إلى اتفاق ينهي الكارثة الإنسانية في اليمن. كما يبدي الرئيس الأمريكي ترامب رغبة في محاورة قادة إيران. ولكن حتى تاريخه، رفض هؤلاء لقاء ترامب، بحجة أنه لا يريد سوى انتهاز فرصة "التقاط صورة". ولكن الرئيس الإيراني حسن روحاني يقول إنه في حال رفعت أمريكا عقوباتها "عندها يحتمل إجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة". كما يقر روحاني بأن الاتفاق النووي غير تام.

تبادل
وتلفت المجلة لتبادل ترامب وكيم جونغ أون، طاغية كوريا الشمالية، الإهانات والتهديدات قبل لقائهما في عام 2018. وبعدها صرح الرئيس الأمريكي بأنهما "أعجبا ببعضهما" (رغم تحقيق الشيء القليل). ولا يستبعد حدوث تحول مشابه في علاقة أمريكا بإيران. ومن شأن ذلك التحول أن يصرف الأنظار عن مشاكل ترامب الداخلية، ويعزز غروره(ولربما حملته الرئاسية). ولعله يتطلع إلى صفقة تبدو كثيرة الشبه بسابقتها، ولكن على أن يذيّلها توقيعه. وفي ظل ضغط داخلي، سيكون الملالي حمقى إن لم يسمحوا لروحاني بالجلوس إلى طاولة ترامب.

اختراق حقيقي

إلى ذلك، تتساءل المجلة عما يجعل من المستبعد تحقيق اختراق حقيقي في عام 2020، وتجيب بأن المتشددين الإيرانيين يعرِّفون عن أنفسهم، إلى حد كبير، بعدائهم لأمريكا. ولا يتوقع أن يدعم زملاء ترامب من صقور الحزب الجمهوري أي اتفاق ستوقعه إيران. ومن شأن تحسين العلاقات، وما ينطوي عليه ذلك من تنازلات، أن يحمل معه مخاطر للطرفين. ولكن فرصة التقاط صورة ستكون أفضل من الحرب.