الأربعاء 22 يناير 2020 / 14:54

الجماعات المناهضة للحرب ساهمت في منع مواجهة مع إيران

24- زياد الأشقر

كتبت الصحافية ناهال توزي في مجلة "بوليتيكو" الأمريكية أنه عندما بدأت تظهر أخبار قتل الولايات المتحدة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني، رأى مسؤولون عن مركز أبحاث فرصة لهم في الضغط من أجل منع حرب جديدة تخوضها أمريكا.

يقول مؤسسو معهد كوينسي إنهم يرغبون في إنهاء التفكير البليد في مؤسسة السياسة الخارجية بواشنطن - وخاصة نوع التفكير الذي يعطي الأولوية للقوة العسكرية ويعرقل التعامل مع الخصوم

ففي الثاني من يناير (كانون الثاني)، عقد فريق معهد كوينسي للحكم المسؤول مؤتمراً طارئاً لتنظيم رد، علماً أن المعهد الجديد قد تم تأسيسه في الأصل كي يحذر من مخاطر مغامرات أمريكية في الخارج.

واستوحى المعهد الذي يموّله جزئياً كل من الثري الليبرالي جورج سوروس وقطب الأعمال المحافظ تشارلز كوخ، اسمه من عبارة شهيرة للرئيس الأمريكي الراحل جون كوينسي أدامز مفادها أن أمريكا "يجب ألا تذهب إلى الخارج بحثاً عن الوحوش كي تدمرها".

كذلك، يسعى المعهد إلى نشر وجهة نظره مباشرة لدى وسائل الإعلام التي تفضل عادة نقل أصوات مجموعة ضيقة من صقور المؤسسة السياسية في واشنطن.

ولاحظت الصحافية أنه في غضون ساعات، وعبر بيان صحافي ووسائل إعلام وبتنسيق مع مجموعات أخرى، أدلى المعهد برأي مفاده أن قرار الرئيس دونالد ترامب بقتل سليماني كان خاطئاً، وأن الولايات المتحدة بحاجة إلى خفض التوترات.

مناهضة الحرب

وقالت مديرة الإعلام في المعهد جيسيكا روزنبلوم: "كانت لحظة ثقيلة ومليئة بالقلق لكنها مريحة أيضاً... لقد نظرنا إلى بعضنا البعض وأومأنا برؤوسنا وعدنا إلى العمل".

وأثار معهد كوينسي، الذي أطلق فعلياً في ديسمبر (كانون الأول)، جدلاً حوله. لكن مجرد وجوده يرمز إلى سرعة الحركة المناهضة للحرب وتنظيمها وشعبيتها الحركة مقارنة بالعقد الأول من القرن الجاري، خصوصاً عندما كانت الولايات المتحدة تستعد لغزو العراق.

وبعد عقدين من القتال في أفغانستان والعراق، صارت هناك مرارة لدى الكثير من الأمريكيين، بمن فيهم محاربون قدامى، من حروب تستنزف الأرواح والثروات على حد سواء. وساهم الفشل في العثور على أسلحة للدمار الشامل في العراق والتكاليف المتزايدة للحروب في ولادة رأي عامٍ متشكك. وزاد هذا الشك مع المشكلة التي يواجهها ترامب في صدقيته، إذ سارع المراقبون إلى التساؤل عن "الخطر الوشيك" الذي شكله سليماني. كما أن الديمقراطيين الذين يخشون أن يوسمهم الجمهوريون بقلة الوطنية في حال انتقدوا خطوات الرئيس في ما يتعلق بالأمن القومي، تجرؤوا على الكلام.

التغير الوحيد
وقالت توزي إن هذا التغير في البيئة السياسية ليس العامل الوحيد، ولا الأساسي، الذي دفع ترامب إلى تهدئة الأمور بعدما قصفت إيران بالصواريخ قاعدتين عراقيتين ينتشر فيهما جنود أمريكيون، ولم يتردد بعض النواب الجمهوريون في تصوير الديمقراطيين على أنهم عملياً في تحالف مع الإرهابيين. بل إن بروز مجموعات وشبكات مثل معهد كوينسي لا يثير تساؤلات فقط عما إذا كان هذا النوع من الخطاب عن الأرض المحروقة لا يزال قابلاً للنجاح في السياسات الأمريكية، أم أنه يؤذن بولايات متحدة جديدة تستطيع ضبط النفس في شؤون العالم من خلال الوزن الذي تشكله تجربتها.

حكمة
ويقول المدير التنفيذي لمجموعة "النصر بلا حروب" ستيفن مايلز في وصفه للحال الأمريكية في الوقت الحاضر: "إنه في بعض الأحيان يسمى خطأً التعب من الحرب، لكنه أيضاً حكمة".

ويقول مؤسسو معهد كوينسي إنهم يرغبون في إنهاء التفكير البليد في مؤسسة السياسة الخارجية بواشنطن - وخاصة نوع التفكير الذي يعطي الأولوية للقوة العسكرية ويعرقل التعامل مع الخصوم ويفترض أن للولايات المتحدة دائماً دوراً تقوم به.