الخميس 23 يناير 2020 / 12:46

أسلوب أردوغان "غير الدبلوماسي" يستفز اوروبا

يرى ديفيد ليبيسكا، صحافي مستقل متخصص في الشأن التركي، أن موقف تركيا غير الدبلوماسي، والعدواني المتزايد في ليبيا وشرق المتوسط، وضع أنقرة في صدام مع عدد من حلفائها المفترضين، وليس فقط مع اليونان، وقبرص، بل مع إيطاليا، وفرنسا، والاتحاد الأوروبي أيضاً.

تقول قبرص بأن تركيا أصبحت دولة قرصنة، فيما يستعد الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات جديدة ضد شركات وشخصيات تركية

وأشار ليبيسكا، في موقع "أحوال" الإخباري التركي، إلى الاتفاقية التي وقعتها تركيا، في نوفمبر
(تشرين الثاني) الماضي مع حكومة الوفاق في طرابلس، التي تجاهلت فيها جزراً يونانية، منها كريت، فضلاً عن خرق قانون البحار الدولي.

وبعد أسابيع، وافق البرلمان التركي على تدخل عسكري في ليبيا، في تصعيد للحرب الأهلية فيها.

وقبل يومين من اجتماع مجموعة من الدول الغربية والعربية في برلين سعياً لإقرار وقف دائم لإطلاق النار، والتوصل إلى حل سياسي للحرب الليبية، أرسلت أنقرة، رابع سفينة حفر إلى مياه تؤكد قبرص ملكيتها في شرق المتوسط.

التزام
وغادر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الأحد الماضي، برلين دون حضور مأدبة العشاء الرسمي. وفي اليوم التالي، وبعد أن تعهد المشاركون في مؤتمر برلين بفرض حظر دولي على السلاح في ليبيا، والامتناع عن أعمال قد تفاقم الصراع هناك، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى أن تركيا خططت لإرسال 6 آلاف مقاتل من المتمردين السوريين إلى حكومة الوفاق الوطني في ليبيا.

لكن ذلك، حسب كاتب المقال، لم يمنع أردوغان من تحميل الجنرال خليفة حفتر، الذي يسعى لاستعادة السيطرة على طرابلس، مسؤولية الاضطرابات في ليبيا.

وقال أردوغان الرئيس التركي في طريق عودته بالطائرة من برلين: "يجب أن يكف حفتر عن موقفه العدواني، وهو الذي خرق جميع الاتفاقيات، وهاجم الحكومة الشرعية".

مهام شاقة
وفي هذا السياق، قال فاروق لوغ أوغلو، سفير تركيا الأسبق لدى الولايات المتحدة، إن أردوغان ضيع فرصة بتغيبه عن العشاء الرسمي. وكتب في موقع "أحوال": "كان المفروض أن يحضر ويدافع عن مصالح بلده". 

وفي رأي كاتب المقال، لا تتماشى الدبلوماسية في حفل عشاء رسمي مع السياسة التركية الأخيرة حيال أوروبا. ووصف ألكساندر كلاركسون، محاضر لدى معهد الدراسات الألمانية والأوروبية التابع لجامعة كينغز كوليدج في لندن، تصرف أردوغان بغير الدبلوماسي.

وقال في مقال نشره في الموقع: "يبدو أن مهمة أردوغان تتركز في إحراق أي مخرج ديبلوماسي قد يفضي إلى حل توفيقي"، مضيفاً أن هذا النهج يبدو امتداداً لأسلوب الرئيس التركي في استخدام الترهيب السياسي في الداخل التركي.

ولكن ذلك "لا يفيد دولياً. فهو قادر على استخدام سياسة التخويف في تركيا، لأنه هو الذي يشكل الساحة السياسية في بلده، لكن ليس هو من يفعل ذلك في الساحة السياسية للاتحاد الأوروبي".

وحسب كاتب المقال، باتت تلك الساحة غير مريحة لتركيا. إذ اعتبرت اليونان مذكرة التفاهم البحري بين تركيا وليبيا بمثابة خرق للقانون الدولي، وتعدياً على سيادتها. وقال المحلل التركي جنكيز أقطار: "وصل خطاب أنقرة العدواني المولع بالقتال إلى أعلى مستوى".

داعم رئيسي
ونتيجة لذلك، برزت اليونان داعمةً رئيسيةً لحفتر، وأخطرت أثينا ونيقوسيا شركاءهما الأوروبيين بأنهما تنويان تعطيل أي حل سياسي في ليبيا، لا يتضمن إلغاء الاتفاق البحري.

وفي الإطار ذاته، واجهت ألمانيا وفرنسا أزمات عدة مع تركيا في السنوات الماضية، تخللها تبادل إهانات، وتهديد باللاجئين، واتهامات بالتجسس. وفي الشهر الماضي، أعربت ألمانيا عن تضامنها مع اليونان وقبرص، فيما بدت فرنسا مستاءةً من خطط تركية للحفر في سواحل قبرص من قبل شركة توتال للنفط الفرنسية العملاقة.

والآن، يرى كاتب المقال أن أنقرة، قد تفقد إيطاليا، أقوى حلفائها في أوروبا، التي كانت دوماً تدعم حكومة الوفاق.

وفي إشارة لإحباط إيطاليا من نفوذ تركيا المتزايد في طرابلس، ومزاعم تركيا عن ملكية مياه تعاقدت قبرص على تسليمها لشركة الطاقة الإيطالية إيني، يقول كلاركسون: "سئمت إيطاليا من تركيا، وهي إحدى أفضل أصدقائها في الاتحاد الأوروبي. واليوم تجد إيطاليا نفسها في موقف صعب يتطلب منها معارضة الاتفاق البحري التركي مع حكومة لا تزال تدعمها".

دولة قرصنة
ويضيف كلاركسون" للإيطاليين مصالح مشتركة مع القبارصة واليونانيين في شرق المتوسط. وهم يشكلون معاً فريقاً واحداً، ما يجعل الجهود الأوروبية الجماعية هناك أكثر حزماً ووضوحاً".

وتقول قبرص إن تركيا أصبحت دولة قرصنة، فيما يستعد الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات جديدة على شركات وشخصيات تركية متورطة في عمليات الحفر الأخيرة عند سواحل قبرص.

ويرى كلاركسون أن صبر أوروبا على تكتيكات أردوغان للتخويف، ينفد، وباتت تركيا في وضع لا تُحسد عليه عندما يتعلق الأمر بموقف الاتحاد الأوروبي من خلافها مع اليونان، لأن تركيا ليست عضواً في الاتحاد.