الخميس 23 يناير 2020 / 14:11

كيف يمكن منع انزلاق ليبيا نحو الفوضى؟

في معرض إشارته لموقع ليبيا الحيوي لليبيا لأمن أمريكا وسلامتها، يلفت أحمد شراي، ناشر مغربي وعضو مجلس الأطلسي ومستشار دولي لدى مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية، إلى ضعف اهتمام الإعلام والشعب الأمريكي بهذه الدولة الأفريقية، مستدركاً أن هذا الموقف قد يتبدل فجأة، بعد مبادرات جديدة طرحتها إدارة الرئيس دونالد ترامب.

بدأت الإدارة الأمريكية بناء إجماع ديبلوماسي في برلين، ثم ستستخدم مصادرها في الأمم المتحدة والبنك والصندوق الدوليين، لمعاقبة دول وشركات تبيع أو تصدر أسلحة لمقاتلين ليبيين

 ويحذر الكاتب من تداعيات انزلاق ليبيا نحو الفوضى على أسعار النفط، والمواد الغذائية التي ستحلق عالياً، فضلاً عن تقويض فرص عمل جديدة وتباطؤ الاقتصاد الأمريكي.

وتملك ليبيا، العضو قديم في منظمة أوبك،عاشر أكبر احتياطي للنفط في العالم، والأكبر في أفريقيا. وتعتبر مواصلة إنتاج ليبيا للنفط حاسمة لاستمرار صادرات النفط العالمية، واستقرار الأسعار.

أفغانستان جديدة
ويرى كاتب المقال أن الفوضى الليبية قد تولد "أفغانستان جديدة"، وملاذاً آمناً لمتطرفين إسلاميين للتخطيط لهجمات ضد أمريكا.

وفي الواقع، نفذ راديكاليون يتبنون عقيدة أسامة بن لادن، هجمات كبرى في ليبيا، بينها هجوم ضد ديبلوماسيين أمريكيين في بنغازي. وتشكل صحارى ليبيا ساحات تدريب لإرهابيين، فيما تعتبر مساجدها منتدى لواعظين متشددين.

أما بالنسبة للأوروبيين، فإن ليبيا تمثل هماً ثالثاً. إذ وفرت البلاد التي أضعفتها حرب أهلية، منذ 2013، ممراً لتسلل حوالي 700 ألف أفريقي وعربي إلى أوروبا. ويشغل هؤلاء المهاجرين اليائسين مشافي، ومساكن أصحاب الدخل المحدود، ومكاتب الرعاية الاجتماعية. ويحمل بعضهم مخدرات، أو أسلحة.

اهتمام عرضي

ورغم ذلك، ومنذ هجمات بنغازي في 2012 ، أولت واشنطن اهتماماً عرضياً بليبيا. لذلك يرى الكاتب أن استعداد ترامب لمعالجة الأزمة الليبية يؤشر على تحول حقيقي، إذ اجتمع في برلين، يوم الأحد الماضي، مسؤولون كبار من وزارة الخارجية الأمريكية مع نظرائهم الأوروبيين لبحث وقف دائم لإطلاق النار، وفرض حظر دولي على الأسلحة، وتمهيد الطريق لحل سياسي في ليبيا.

وتمخضت عن مؤتمر برلين وثيقة هلل لها بعض مسؤولي الأمم المتحدة باعتبارها معلماً رئيسياً.

وقال غسان سلامة، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا، إنه سيعرضها لتكون قراراً أمام مجلس الأمن الدولي. ومن المؤكد أن تبني الوثيقة خطوة مهمة.

كلمات قوية

ولكن كاتب المقال يتساءل: "هل يكون لتلك الكلمات القوية مفعولها الملزم على المتحاربين؟" ويستبعد ذلك لأن الأتراك والروس، يسلحون، ويدربون، ويمولون ميليشيات من جانبي الصراع، ويسعون وراء صفقات مربحة مع فصائل متنافسة، بعد أن سمحت الولايات المتحدة بفراغ في السلطة، يبدو الروس والأتراك سعداء بملئه.

وفي يوم ما، اعتبر الجنرال خليفة حفتر قوة موالية للولايات المتحدة. وأسعد الولايات المتحدة عندما وسع القتال ضد إرهابيين. ثم طرأ أمر آخر اعتبرته واشنطن إيجابياً، بعد سيطرته على منشآت نفطية في وسط وجنوب ليبيا، ما عزز الإنتاج، ومنع ارتفاع أسعار النفط العالمية.

ولكن واشنطن امتنعت عن تقديم السلاح والتدريب، بينما وفرتهما موسكو، وطالبت قبائل موالية لحفتر، بإغلاق محطات تصدير النفط. وبمساعدة روسيا، استطاع مقاتلو حفتر التقدم نحو طرابلس.

تلويح
وبسبب قلقها وخوفها، طلبت حكومة طرابلس، المؤلفة من بقايا فصيل إسلامي خسر الانتخابات التشريعية في 2014، دعم تركيا، ولوحت بتمكينها من حقوق حفر في شرق المتوسط لتحفيزها.

وفي يناير( كانون الثاني) 2019، وقعت أنقرة الاتفاق مع طرابلس، وأرسلت مئات المقاتلين السوريين الموالين لها إلى ليبيا للدفاع عن حكومة الوفاق، وأرسلت طائرات دون طيار، ومستشارين عسكريين ونشرت نظام دفاع جوي في مطار طرابلس. وفي المقابل، حصلت تركيا على حق التنقيب عن النفط والغاز في مياه المتوسط شرق ليبيا.

ويرى الكاتب أنه إذا انتصرت تركيا أو روسيا، فإنهما ستجنيان مليارات الدولارات من صادرات النفط، ومبيعات الأسلحة، وعقود بناء. كما أن موسكو ترى أن دورها في ليبيا عنصر رئيسي لكسب النفوذ في الشرق الأوسط. لذلك، فإن المصالح الاقتصادية والقومية ستلعب على الأرجح دورها في تأجيج منافسات بين الميلشيات الروسية والتركية في ليبيا.

ويرى كاتب المقال أن ذلك ما سيحصل، إذا لم تبد الولايات المتحدة اهتماماً بليبيا، وهو ما تعمل عليه إدارة ترامب الآن، فبدأت في بناء إجماع ديبلوماسي في برلين، ثم ستستخدم مصادرها في الأمم المتحدة والبنك والصندوق الدوليين، لمعاقبة دول وشركات تبيع أو تصدر أسلحة لمقاتلين ليبيين.

وإلى جانب ذلك، قد ترفض الولايات المتحدة الاعتراف بحفر تركيا في مياه ليبية، بما ينتهك حقوق قبرص المجاورة، وتمنع شركات تدعم الأتراك، من التعامل مع أسواق الأسهم الأمريكية، والبنوك الدولية.