ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز في القدس.(أف ب)
ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز في القدس.(أف ب)
الخميس 23 يناير 2020 / 20:25

لا أحد يذهب إلى غزة

سيحصل، نتانياهو، على معانقات وصور كثيرة بصفته الوكيل المعتمد للضحايا، وسيدلي بالكثير من التصريحات، وسيلقي دروساً كثيرة على ضيوفه حول المأساة اليهودية، وسيذكرهم من جديد بجريمة "النازية" المروعة

اليوم يكتمل عدد الـ41 زعيماً الذين لبوا نداء "بنيامين" نتانياهو للمشاركة في "المنتدى الدولي لضحايا النازية"، الذكرى الخامسة والسبعين لتحرير معسكر الإبادة النازي "أوشفتس"، معسكر الاعتقال الأكثر شهرة والذي أقامه النازيون في بولندا. نتانياهو الذي يخوض صراعاً انتخابياً مريراً قد ينتهي بدخوله السجن بتهم الفساد والرشوة وسوء الإدارة سعى بقوة وعبر طواقم كثيرة للحصول على هذه المناسبة التي تسبق الانتخابات بأسابيع، وتترافق مع "بازار" حقيقي بين الأحزاب الصهيونية على الإعلان عن ضم الضفة الغربية أو أجزاء منها، ومواصلة البناء في المستوطنات وتطوير البؤر الجديدة ودفع مزيد من المستوطنين المسلحين الفاشيين نحو الضفة، وصل عددهم في الضفة الغربية الى 671 ألف مستوطن منهم 311 في القدس حسب آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء.

سيحصل، نتانياهو، على معانقات وصور كثيرة بصفته الوكيل المعتمد للضحايا، وسيدلي بالكثير من التصريحات، وسيلقي دروساً كثيرة على ضيوفه حول المأساة اليهودية، وسيذكرهم من جديد بجريمة "النازية" المروعة ضد اليهود ووسائل تكفيرهم عن ذلك عبر دعم "جرائم إسرائيل" ضد الفلسطينيين، والأهم الآن وقف محاولات "محكمة الجنايات الدولية" للتحقيق في جرائم الحرب الاسرائيلية والبدء باستدعاء الشهود. هذه النقطة ستكون محور النقاشات مع "الأربعين" المشاركين في المنتدى، وهي أحد الأسباب الرئيسية لعقده في القدس وتأتي كتتويج للحملة التي تحركها إسرائيل ضد إعلان المدعية العامة للمحكمة "فاتو بنسودا".

القضاة الثلاثة في المحكمة أعادوا طلب التحقيق إلى المدعية العامة بسبب طوله، في مشهد بدا مدرسياً ومثيراً للدهشة، تاركين المجال لتقديمه مرة ثانية بعد اختصاره.

في لقطة افتتاحية للاحتفال قتل جنود إسرائيليون ثلاثة أطفال اجتازوا حدود غزة المحاصرة، وهناك رواية تقول إنهم جردوهم من ملابسهم وأطلقوا عليهم النار قرب السياج، وقد احتفظت إسرائيل بجثث الأطفال الثلاثة في محاولة لعدم التأثير، في حال نشر صورهم، على برنامج الحفل.

ولكن لا أحد سيذهب إلى غزة.

لم يكن من الممكن لنتانياهو مصافحة هذا العدد من الزعماء في الفترة الأخيرة لولا هذه المناسبة، إذ كان واضحاً أن زعماء العالم يتجنبون الاجتماع به، حاول دعوة نفسه إلى موسكو ولم ينجح الأمر، "ترامب" يتجنبه بعد فشله في الانتخابات مرتين، ضغط بقوة كي يستقبل في أي عاصمة عربية ممكنة، أو الحصول على صورة لمصافحة سريعة ولم ينجح، لا أحد يريد أن يظهر إلى جانبه في الصور، كل ما حصل عليه هو اتصال من صحفي، يدعي أنه يحمل الجنسية السعودية ويظهر بالزي العربي المتداول، بحيث تحول ذلك الاتصال ومفردات التحايا المبتذلة التي قام "الصحفي" بتزجيتها لديمقراطية إسرائيل وقوتها إلى جزء من حملة اليمين الفاشي، كدليل ناطق على اعتراف "العرب" بهزيمتهم وانهيار مقاومتهم للاحتلال، وهو ما وظفه نتانياهو في تصريح يختصر إنجازاته، "لقد هزمنا العرب ونحن في طريقنا لهزيمة الفرس"، هذا تقريباً ما قاله في واحد من آخر خطبه، دون أن يتوقف عن الإشارة إلى اختراقات سياسية واقتصادية في الإقليم، بموازاة إعلانه عن برنامجه القاضي بضم الأغوار الفلسطينية والبحر الميت ومناطق "سي" بعد التفاهم مع إدارة "ترامب".

سيتسلل بعض الزعماء من مراسم الاحتفال إلى الضفة الغربية في البحث عن "توازن" مفقود، حيث سيحصل على بعض المصافحات الطائشة من "المنتدى"، "ماكرون" الرئيس الفرنسي وصل رام الله واجتمع مع الرئيس الفلسطيني، أمس الأربعاء، بعد أن ظهر وهو يطرد رجال "الشاباك" الإسرائيلي الذين حاولوا دخول كنيسة "سانت آن" المملوكة لفرنسا في باب الأسباط بالقدس، كانت تلك استعادة مدروسة وباهتة لمشهد سلفه الراحل "شيراك" وهو يوبخ ضابطاً اسرائيلياً في أحد أسواق المدينة قبل سنوات، وسوف تقدمه للفرنسيين كمدافع عن الملكية الكنسية لفرنسا، ما قد يساهم في ترميم صورته المتضررة في الشارع الفرنسي، ولكنه، دون أن يقصد، تسبب في تشويش المشهد الذي رسمه "نتانياهو" بدقة.

بوتين الرئيس الروسي، الذي سيكون نجم الاحتفال، سيذهب الى بيت لحم، هناك أكثر من مشروع باسم روسيا وباسمه شخصياً في المدينة، بيت لحم التي لسوء حظ "نتانياهو" تقع في الضفة الغربية بهوية مسيحية عربية واضحة.

نائب الرئيس الأمريكي "بنس" أبدى رغبته في زيارة القدس الشرقية، وهي، كما لا يعرف الرجل الذي ثمة إجماع على جهله، يسكنها ويعيش فيها العرب منذ قرون طويلة.

في حفل النفاق المتجدد يكتب الصحفي الإسرائيلي "جدعون ليفي": اذهبوا للبكاء في غزة".