الأحد 26 يناير 2020 / 15:24

"تزوجي مغتصبك" يعيد حقوق التركيات إلى خمسينات القرن الماضي

تشير سارا تور، صحفية تركية مستقلة، أن قانون "تزوجي من مغتصبك" أعاد حقوق النساء التركيات إلى خمسينات القرن الماضي، وتصفه بأنه مقيت.

الرجال سوف يشعرون بأنهم باتوا أكثر سطوة على النساء وعلى جسد المرأة مما كانوا عليه بالفعل، ما سيقود لارتفاع حالات الاغتصاب فضلاً عن العنف الأسري، أو إساءة معاملة المرأة

وكتبت، ضمن موقع صحيفة "إندبندنت" البريطانية، مؤكدة أن القول إن هذا القانون مثير للقلق ليس كافياً. إذ مع نشر الرئيس التركي هذه الرسالة، لن يطول الوقت قبل أن يصدق المجتمع فكرة أن لا أهمية لحقوق النساء.

وتقول الكاتبة: "لطالما صدمتني حقيقة أن عمة والدي التركية أجبرت على الزواج من رجل اغتصبها عندما كانت مراهقة. وحاولت تعزية نفسي بأن تلك الواقعة جرت في قرية تركية في الخمسينات، وأن تقدماً كبيراً تحقق مذذاك. لكن مع مناقشة قانون "تزوجي من مغتصبك" بعد أيام في تركيا، أجد صعوبة في تقبله".

قانون مثير للاشمئزاز
وحسب كاتبة المقال، ينض مشروع القانون على إطلاق عشرات من المدانين بجرائم اغتصاب قاصرات، بشرط زواجهم من ضحاياهم. وحسب صحيفة "حريت" التركية، يقدر عدد المحكوم عليهم بتلك الجرائم بنحو 4000 رجل. ولم يتخذ قرار بعد ما إذا سيفرض حداً أعلى لفارق العمر بين الطرفين. وإذا فرض شيء كهذا، سيكون الفارق إما 10 أو 15 عاماً- وهو تنازل صغير، لكنه مثير للاشمئزاز.

وترى الكاتبة أن القانون برمته مقيت. وفي واقع الأمر، حتى تلك الكلمة لا تقلل من درجة غضب وخوف وقرف شعرت به النساء – كما الرجال- الأتراك تجاه القانون. وفي زمن أصبح فيه التحرش الجنسي بالنساء محظوراَ، وحيث تعمد دول محافظة، كفلسطين ومصر، لإلغاء حالات تسهل تبرئة المغتصبين، لماذا يقر مثل هذا القانون في تركيا؟. ولماذا تتخذ تلك الخطوة الكبيرة بالعودة إلى الخلف؟. وفي الواقع، ضاعف، في عام 2004، حزب الرئيس رجب طيب أردوغان عقوبة التحرش بالأطفال، وألغى نفس القانون الذي يعيده اليوم.

سبب وحيد
وبرأي الكاتبة، عند استعادة آراء أردوغان السياسية، يتبين أن ثمة سبباً وحيداً لاستعادة القانون، وهو فكرة أن الزواج والأطفال سيضعان تركيا على الطريق لتصبح لاعباً رئيسياً في العالم، إذ إنه يقول إن "الدول القوية تأتي من خلال أسر قوية".

ولهذا السبب، لطالما كرر أردوغان دعوته الأسر التركية لإنجاب ثلاثة أطفال. ولهذا السبب صرح، قبل أسبوعين، بأن إنجاب الأطفال أو العيش معاً خرج إطار الزواج ليس من الثقافة الإسلامية – ولا التركية. ولكن إكراه فتاة على الزواج من مغتصبها ليس مقبولاً أيضاً في الثقافة التركية المعاصرة، وينظر له من قبل غالبية الأتراك باعتباره اعتداءً جنسياً.

لكن، وفقاً للكاتبة، يبدو أن أردوغان لا يعتبره كذلك، هو الذي ادعى الأسبوع الماضي بأنه لن يسمح قط بتخفيض مدد الحكم في جرائم كالإرهاب أو الاعتداء الجنسي، ولكنه يسمح بإقرار قانون "تزوجي من مغتصبك". وعلى خلاف ذلك، يبدو أنه يعتبره وسيلة لتحقيق أهدافه، وطريقة لزيادة عدد السكان. وزواج مغتصب من ضحيته القاصر لا يعني أن أي طفل يولد من تلك العلاقة سيكون شرعياً وحسب، بل إن الفتاة ما زالت صغيرة السن، وستكون قادرة على إنجاب مزيد من الأطفال.

سطوة أكبر

وترى كاتبة المقال أن الأثر الرئيسي لهذا القانون يشير إلى أن النساء في تركيا لا يحظين بالتقدير والاحترام، بل هن مجرد ولّادات لا غير. ومن خلال تأكيد الرئيس والقانون لهذه الرسالة، لن يطول الوقت حتى يتشرب المجتمع الفكرة، مع أثر مدمر على حقوق المرأة عبر البلاد.

وترى الكاتبة أن الرجال سوف يشعرون بأنهم باتوا أكثر سطوة على النساء وعلى جسد المرأة مما كانوا عليه بالفعل، ما سيقود لارتفاع حالات الاغتصاب فضلاً عن العنف الأسري، أو إساءة معاملة المرأة عموماً. وحسب منصة خاصة بالمرأة التركية، سوف يرتفع معدل قتل النساء رغم أنه عال أصلاً، حيث قتلت حوالي 474 امرأة في عام 2019، بمعدل أربعة أضعاف عدد النساء اللاتي قتلن في المملكة المتحدة في عام 2018. كما يتوقع أن ترتفع معدلات إيذاء النفس والانتحار بين النساء نتيجة حياتهم في أسر كئيبة مع رجال.

وتنظر الكاتبة لعدم إداك الرئيس والبرلمان التركي بتبعات قانون "تزوجي مغتصبك" باعتباره أمراً مخزياً. وترى أنه ينبغي عليهم إدراك حقيقة أن إجبار عائلات لفتياتهن القاصرات على العيش ضمن ظروف مأسوية، لأنهن يعتبرن "سلعاً محطمة"، شيء معيب ومستنكر.

وتخلص الكاتبة إلى أن القانون المقترح، بغض النظر عن رأي أردوغان فيه، يقضي بالفعل على أية فرصة لأن تصبح تركيا لاعباً عصرياً حقيقياً في العالم، والمطلوب من جميع النساء التركيات أن يتضامن لمنع تطبيقه.