الزعيم العراقي مقتدى الصدر والمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي (أرشيف)
الزعيم العراقي مقتدى الصدر والمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي (أرشيف)
الثلاثاء 28 يناير 2020 / 22:27

إيران تلعب ورقة مقتدى الصدر في العراق لضرب المحتجين ودعم نفوذها

يعيش النظام الإيراني في الأشهر الأخيرة استنفاراً داخلياً بعد التظاهرات المتنقلة من مدينة إلى أخرى وبمواقيت زمنية مختلفة، في أزمة ممتدة ترتبط بالانهيار الاقتصادي، وغلاء المعيشة، ربطا برفض طهران التزام القرارات الدولية والتخلي عن منظومة الصواريخ الباليستية والتدخل في شؤون دول العالم والتي أدت إلى خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.

وتحاول إيران، وعبر أدواتها العديدة في المنطقة، فرض شروطها على المجتمع الدولي لوقف العقوبات، ففي لبنان يُسيطر حزب الله على الرئاسات الثلاث من الجمهورية، إلى البرلمان، والحكومة، وفي سوريا تنتشر ميليشيات موالية بالكامل لطهران، فتقتل بالسوريين وتهجرهم من مدنهم، وكذلك في العراق، وصولاً إلى اليمن.

في العراق وبعد اغتيال القيادي في فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس بغارة لطائرة أمريكية دون طيار، بدأت طهران محاولاتها لإعادة لملمة أوراق المتحالفين معها بعد خسارة أبرز رجالها، والأكثر ثقة بين قادة الحشد الشعبي الموالين لإيران، أي "المهندس"، لما كان له من سيطرة على حلفاء طهران العراقيين، ونجاحه في جمعهم مرات عدة رغم العداوة بينهم، خاصةً بين قيس الخزعلي وهادي العامري ومعهم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

مصادر متابعة أكدت أن إيران جهدت في الأسابيع الأخيرة بعد اغتيال سليماني والمهندس، على توزيع الأدوار بين الثلاثي الأقوى والمتصارع دوماً، وعادت للتركيز أكثر على الصدر، وكان اهتمام طهران بالصدر واضحاً في اجتماعه الأخير مع قادة الحشد في مدينة قم بإيران.

ففي 13 يناير (كانون الثاني) الجاري، عقد مقتدى الصدر اجتماعاً مع بعض قادة الحشد الشعبي العراقي، لوضع حد للوجود العسكري الأجنبي في العراق، وأعلن تشكيل مجموعة تسمى "المقاومة الدولية".

ولكن الصدر الذي حاول التلاعب في السابق لوضع نفسه على خط وسط بين الإيرانيين والأمريكيين، اضطر لإعادة ترتيب مواقفه السياسية مع طهران، خاصةً بعد هجوم طائرة دون طيار في 7 ديسمبر (كانون الأول) الماضي على مكتبه في النجف، والذي اعتبره مراقبون رسالة من طهران للصدر، إما أن يكون معها أو يقتل، إذ جاء الهجوم بعد فترة وجيزة من سلسلة هجمات على البعثات الدبلوماسية الإيرانية في النجف، والبصرة، وكربلاء.

إن هدف إيران هو تثبيت نفوذها في العراق بين حلفائها، باتباع خطة "العصا والجزرة"، إذ يعتبر الصدر عند النظام في طهران "طفلاً مدللاً"، فوضعته في موقف لا يمكنه الهرب من الاختيار، إما القتل أو الالتزام بسياسة طهران مع ما يكلفه ذلك من انقلاب على مواقفه "الحيادية" وصولاً إلى مهاجمة المحتجين العراقيين في ساحات بغداد، ومدن الجنوب، ورفع الغطاء عنهم.

ويبدو أن طهران شكلت "خلية تفكير" مؤلفة من مسؤولين مرتبطين بالحرس الثوري، ووزارة الخارجية، ووزارة الاستخبارات، وحزب الله اللبناني، لصياغة سياسة جديدة في العراق، تدعم بها الصدر لتحييد الاحتجاجات المناهضة للحكومة وإيران، لأنه الوحيد الذي يستطيع جمع جمهور كبير يحركه في مواجهة المحتجين، أو حتى مهاجمة السفارة الأميركية.