الأربعاء 29 يناير 2020 / 13:52

المزاج المتقلّب للصدر قد ينقلب ضده

نزل مئات من أتباع الزعيم العراقي مقتضى الصدر، في 24 يناير( كانون الثاني)، إلى شوارع بغداد في مظاهرات سلمية، وطالبوا بخروج القوات الأمريكية من العراق. وفي وقت لاحق، طالب الصدر أتباعه، الذين انضموا خلال الأشهر السابقة إلى احتجاجات مناهضة للحكومة في بغداد، ومدن أخرى في جنوب العراق، للانسحاب من الساحات في رد على ما اعتبره سلوكاً عدائياً بحقه شخصياً وحق أتباعه.

الصدر يسعى اليوم لتعزيز قوته التفاوضية عبر وضع نفسه عند تقاطع معسكرين سياسيين رئيسيين حاليين في العراق: الأول موالٍ لإيران ومناهض للمعسكر الأمريكي، والثاني مناهض للحكومة

وتلفت رندا سليم، مديرة برنامج حل النزاعات لدى معهد الشرق الأوسط، إلى أن هذا الانسحاب أفسح في المجال أمام قوات أمنية للتحرك ضد منتفضين مدنيين، ولإحراق خيامهم وإطلاق غازات مسيلة للدموع والرصاص، وقتلهم وإصابتهم بجراح.

تقلب
وترى سليم أنه يفترض فهم تقلب الصدر في سياق ثلاثة صراعات على السلطة في العراق. فوسط اضطراب شهدته صفوف قوات الحشد الشعبي( PMF) إثر مقتل القيادي أبو مهدي المهندس، يرى الصدر أن هناك فرصة لاستعادة قيادة شارع عراقي تابع للحشد. وكانت مسيرة يوم 24 يناير( كانون الثاني) بمثابة استعراض لقدرته على حشد الجماهير أمام كل من القيادة الإيرانية وكذلك منافسيه من شيعة العراق، وعلى رأسهم هادي العامري، نائب جديد لقائد الحشد.

ومن جهة ثانية، وخلافاً لاحتجاجات عامي 2016-2015 المناهضة للحكومة، والتي مكنت الصدر من ضمان أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات البرلمانية في عام 2018، أثبتت هذه الموجة من الاحتجاجات التي بدأت في أكتوبر( تشرين الأول) 2019، أنها منيعة على سيطرة أي من الأحزاب السياسية، بما فيها حركة الصدر.

اختبار خطير
وترى الكاتبة أن قرار الصدر بسحب أنصاره من الساحات المناوئة للحكومة يعد اختباراً خطيراً لقدرة الحركة الاحتجاجية على مواصلة زخمها والاحتفاظ بمرونتها في مواجهة هجمات مستمرة من قبل قوات أمنية. وحتى حينه، أدى عنف مفرط مارسته قوات أمنية ضد منتفضين مدنيين إلى عكس ما سعت تلك القوات لتحقيقه. وعوض إجبار العراقيين على ترك ساحات الاحتجاج، أدى العنف ضدهم لتضخم أعداد المحتجين.

إلى ذلك، يجري حالياً تنافس على السلطة بين الصدر والعامري على تشكيل الحكومة المقبلة. وقد تم تعيين عادل عبد المهدي كرئيس للوزراء في عام 2018، بناء على تفاهم بين الصدر والعامري. وتشكلت الدائرة المصغرة لعبد المهدي من ممثلين لكلا الرجلين. ولكن الصدر يسعى اليوم لتعزيز قوته التفاوضية عبر وضع نفسه عند تقاطع معسكرين سياسيين رئيسيين حاليين في العراق: الأول موالٍ لإيران ومناهض للمعسكر الأمريكي، والثاني مناهض للحكومة.

ولكن حسب كاتبة المقال، سيكلفه تقلبه في يوم 24 يناير( كانون الثاني) تأييد بعض من أتباعه، وكذلك دعم منتفضين مدنيين مناهضين للحكومة. ولربما يصاب الصدر بجرح ذاتي ناتج عن مزاجه المتقلب، أو ربما استناداً لحساباته ومقارنة خسائره بمكاسبه، سيصب ذلك في مصلحته على المدى القصير.