الثلاثاء 4 فبراير 2020 / 16:54

وداعاً نادية لطفي.."العندليبة الشقراء"

24 - إعداد: ألين الخولي

رحلت الفنانة القديرة نادية لطفي اليوم، بعد شهر على إطفائها شمعة عيد ميلادها الـ 83 في المستشفى حيث كانت تجلس على مقعدها المتحرك، في آخر ظهور علني لها قبل تعرضها لوعكة صحية أدخلتها في غيبوبة مرتين، ووضعت على إثرها الأسبوع الماضي على أجهزة التنفس الاصطناعي.

ورغم أنها كانت في المستشفى غير أن روحها الشبابية هيمنت على إطلالاتها التي لم تكن مختلفة كثيراً عن صورتها التي طبعت على قالب الحلوى، ففي الحالتين كانت نادية لطفي، كما عوّدت جمهورها، تهتم بجمالها وأناقتها وترسم ابتسامة عريضة لم يستطع الدهر أن يسرقها، كما بدت في الصور التي نشرها المخرج مجدي أحمد علي عبر فيس بوك.

لقّبها الفنان القدير الراحل عبد الحليم حافظ بـ "العندليبة الشقراء"، وفقاً لما كشفته الفنانة المصرية خلال حوار أجراه موقع مصر العربية بمناسبة ذكرى العندليب، حيث قالت في الحوار نقلاً عن عبد الحليم: "قال لي العندليب ذات مرة: لُقبت أنا بالعندليب وأنا أُلقبك بالعندليبة الشقراء".

كما لقب جمهورها بـ "معشوقة الجماهير"، باعتبارها من أبرز نجمات الصف الأول في جميع الدول العربية، في وقت كانت فيه السندريلا سعاد حسني، وسيدة الشاشة فاتن حمامة.



أبرز إنجازاتها
لكنها كانت أكثر من فتاة جميلة شقراء، فقد حفرت أدوارها في تاريخ السينما المصرية بما يقرب من 72 عملاً فنياً طوال مسيرتها الفنية وكانت من إحدى نجمات الصف الأول منذ الخمسينيات وحتى الثمانينات، ومن أبرزها فيلم "الناصر صلاح الدين" الذي أدت فيه دور "لويزا"، إضافة إلى أفلام "السبع بنات" 1961 و"الخطايا" (1962) و"النظارة السوداء" (1963) و"للرجال فقط" (1964) و"أبي فوق الشجرة" (1969) و"المومياء" (1969) و"الأب الشرعي" (1988).
في 1988 قدمت نادية لطفي آخر عمل لها على شاشة السينما وهو فيلم "الأب الشرعي" أمام محمود ياسين ومن إخراج ناجي أنجلو، وفي 1993 قدمت مسلسل "ناس ولاد ناس".

حصلت نادية لطفي على عشرات الجوائز بعد مسيرة فنية امتدت 53 عاماً، وكرمتها مهرجانات مصرية وعربية منها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ومهرجان الإسكندرية لسينما البحر المتوسط ومهرجان المركز الكاثوليكي المصري للسينما.

بداياتها
ومن أب مصري صعيدي النشأة وأم بولندية.. ولدت نادية لطفي في حي "عابدين" وسط القاهرة في الثالث من يناير(كانون الثاني) 1937. وقفت على مسرح المدرسة في العاشرة من عمرها لتواجه الجمهور لأول مرة، وحصلت على دبلوم المدرسة الألمانية في مصر عام 1955.

مارست في بداية حياتها العملية العديد من الهوايات منها الرسم، ثم التصوير الفوتوغرافي والكتابة، قبل أن تعود إلى موهبتها بالتمثيل حين اكتشفها المخرج والمنتج المصري الراحل رمسيس نجيب ورأى فيها بطلة فيلمه الجديد "سلطان" (1958) مع النجم المصري الراحل فريد شوقي.

وقدمت الفنانة الراحلة عملاً تلفزيونياً واحداً هو مسلسل "ناس ولاد ناس" (1993) وعملاً مسرحياً واحداً هو "بمبة كشر"، وكان لها نشاط ملحوظ في الدفاع عن حقوق الحيوان مع بداية ثمانينيات القرن العشرين.

اكتشفها المخرج المصري رمسيس نجيب، وأعطاها اسمها الفني، فاسمها الحقيقي بولا كان صعباً وغريباًً لذلك كان لابد من تغييره، وفي هذه الأثناء كان يعرض فيلم "لا أنام" لفاتن حمامة عن قصة الكتب المصري إحسان عبد القدوس، وكان اسم فاتن بالفيلم هو "نادية لطفي" فقرر نجيب أن يمنحها نفس الاسم، وهو ما أثار غضب إحسان لأنه لم يستأذنه، وهدده ضاحكاً برفع دعوى قضائية عليه وعلى بولا.


مواقف تاريخية
وبعيداً عن عالم الفن والسينما، سجلت نادية لطفي مواقف لا تنسى في تاريخها، أبرزها دعم القضية الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي من خلال رحلتها الشهيرة إلى لبنان أثناء حصار بيروت، إذ ساندت المقاومة الفلسطينية وصوّرت ما حدث من مجازر، ونقلته لمحطات تلفزيون عالمية، مما دفع العديد من الصحف والقنوات للقول بأن كاميرا نادية لطفي، التي رصدت ما قام به رئيس وزراء إسرائيل الأسبق أرئيل شارون في صبرا وشاتيلا، لم تكن كاميرا بل كانت صاروخاً في وجه القوات الإسرائيلية.

وكانت جريئة في الإعلان عن مواقفها السياسية مهما كلفها الأمر،  لذا وصفها الشاعر الفلسطيني الشهير عز الدين المناصرة بالشجاعة عندما سافرت إلى لبنان وقال عنها: "نادية لطفي، كانت امرأة شجاعة، عندما زارتنا خلال حصار بيروت عام 1982، وبقيت طيلة الحصار، حيث خرجت معنا في "سفينة شمس المتوسط اليونانية"، إلى ميناء طرطوس السوري، حيث وصلنا يوم 1 سبتمبر، من العام ذاته".

وخسارة الفنانة القديرة نادية لطفي لم تكن على المستوى الفني فحسب، بل على المستوى الإنساني والاجتماعي أيضاً حيث كانت في الزمن السابق لعالم السوشيل ميديا ملجأ للكثير من جماهيرها من خلال التواصل معهم عبر باب خصصته مجلة الموعد اللبنانية في سبعينيات القرن الماضي تحت اسم "نادية لطفي تحل مشاكل الناس".


وكانت معظم الخطابات التي تلقتها مرتبطة بمشكلات عاطفية وإنسانية، يواجهها أشخاصٌ معظمهم في سن المراهقة، ولا يجدون حلاً اهت، ما دفعهم لسؤال الفنانة المصرية عن الحل، وهو ما حاولت فعله من خلال الرد على تلك الخطابات عبر صفحات الباب المُخصص لها وبخط يدها، ما أعطى للعلاقة نفحة من البساطة البعيدة عن التكلف والتصنع.

عاطفياً، شهدت حياة نادية لطفي زواجات متلاحقة فاشلة أولها من الضابط عادل بشارة التي انفصلت عنه بعد فترة قصيرة أنجبت خلالها الابن الوحيد أحمد الذي نادراً ما تحدثت عنه في الإعلام أو ظهرت معه في صور.

وكررت التجربة مرة ثانية في فترة السبعينيات، إذ تزوجت من المهندس إبراهيم صادق ولم تنجب منه رغم أنها عاشت معه فترة طويلة، وكانت الزيجة الثالثة من شخص يسمى محمد صبري.