صورة مركبة لأمير قطر تميم بن حمد ومسلحين في أفريقيا (أرشيف)
صورة مركبة لأمير قطر تميم بن حمد ومسلحين في أفريقيا (أرشيف)
الخميس 6 فبراير 2020 / 17:08

قطر تتستر بعباءة الاستثمار لدعم الإرهاب في أفريقيا

تبحث قطر جاهدة عن موطء قدم في أفريقيا بكل الطرق، وبعد انكشاف تورط الدوحة في دعم الميليشيات الإرهابية في القارة السمراء، تستعد مجدداً للدخول باسم مستعار تحت غطاء المشاريع الاستثمارية بين حين وآخر، لتوهم الدول الأفريقية بمساهمتها ورغبتها في تنمية اقتصاداتها الناشئة.

طرقت قطر باب القارة الأفريقية، عبر بوابة رواندا، وأعلنت عقد صفقات اقتصادية جديدة معها، كان أبرزها شراء 49% من الخطوط الجوية الرواندية، وحسب وكالة "بلومبرغ" فإن قطر اشترت سابقاً غالبية المطارات في البلد الأفريقي.

وقالت الوكالة، إن شركة الخطوط الجوية القطرية وافقت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي على  الاستحواذ على 60% من مطار بوغيسيرا الدولي الجديد في رواندا، جنوب العاصمة كيغالي، وستساعد الناقلة القطرية أيضاً في بناء وتشغيل مرفق بـ 1.3 مليار دولار.

وقبل رواندا، ضخت قطر مبالغ استثمارية طائلة في موريتانيا، وكينيا، وإثيوبيا، وجنوب أفريقيا، والسودان، وتشير التقارير إلى أن القيمة الإجمالية لتلك المبالغ تربو على 30 مليار دولار.

استثمارات وهمية
لكن وبالتوازي مع الهالة الإعلامية، كشفت تقارير صحافية عدة أن نسبة كبيرة من المشاريع الاستثمارية التي أعلنتها قطر، توقفت بعد فترة وجيزة من توقيع الاتفاقيات مع الدول المذكورة سابقاً، ودون سابق إنذار، فيما ذهب جزء كبير من الأموال التي قالت قطر إنها لإنشاء مشاريع استثمارية في دول عربية أفريقية مثلاً لتمويل الإرهاب.

وعلى سبيل المثال، ضخت قطر مليارات الدولارات في ليبيا، بعد سقوط نظام معمر القذافي، لكن لم يجن الليبيون منها سوى الدمار، والحروب، إذ توجه الدعم بشكل مباشر لمشاريع تنظيم الإخوان في ليبيا للسيطرة على الحكم. 

أما في مالي، فأعلنت الدوحة الاستثمار في عدة مشاريع تعدين، وكشفت أيضاً في  2017 خططاً لبناء سكة حديدية، تربط السودان بتشاد، ومالي، والكاميرونن ونيجيريا وصولاً إلى المحيط الأطلسي، وإلى اليوم لم يُطلق أي قطار صافرة، إيذاناً برحلة أو سفرة قريباً لكن في المقابل، أصبحت هذه المنطقة بؤرة إرهاب، وتطرف ترتع فيها التشكيلات الإرهابية من بوكو حرام، إلى القاعدة، ومن داعش، وجماعة أنصار الدين، وحركة التوحيد والجهاد، وصولاً
 إلى عصابات الجريمة المنظمة، والتهريب، وتجارة الرق، وتهريب البشر، فضلاً عن تهريب الموارد الطبيعية، من المعادن الثمنية، إلى الحيوانات النادرة، انتهاءً بالأخشاب والتحف الفنية.

وأثارت الخطط الاستثمارية القطرية شكوكاً واسعة، وكشفت تقارير استخباراتية وإعلامية تورط الدوحة مع الجماعات الإرهابية في شمال مالي، ومنطقة الساحل والصحراء.
 وتنشط في تلك المناطق 3 مجموعات إرهابية هي "تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي"، و"جماعة أنصار الدين"، و"حركة التوحيد والجهاد".

وفي نيجيريا، تؤكد التقارير، أن قطر أسست أرضية صلبة بتمويل مشاريع استثمارية، كما نسجت علاقات قوية مع البلد النفطي بتأسيس هيئات إغاثية لآلاف السكان في المناطق الفقيرة، ليتبين لاحقاً أن قطر مولت عدداً من التنظيمات الشيعية المحسوبة على إيران مثل الحركة الإسلامية في نيجيريا.

كما سمحت نيجيريا للدوحة في العام الماضي بافتتاح مركز تعليمي، وصحي، واجتماعي تديرها مؤسسة  قطر الخيرية، وفقاً لما ذكره موقع "ميدل إيست أونلاين" المنظمة المدرجة على قوائم الإرهاب في أكثر من دولة، بسبب تورطها في دعم الإرهاب وتبييض أموال، وفساد.

وتؤكد التقارير، أن قطر لجأت إلى نفوذها الاستثماري للضغط على القرار السياسي للدول الأفريقية، وهو ما برز في تشاد مثلاً.

فبعد أن أقرضت الدوحة نظام انجامينا 1.2 مليار يورو في 2014 لشراء حصتها في شركة شيفرون  النفطية في تشاد، في ظل الوضع الاقتصادي الصعب، وعجزها عن سداد ديونها تدخلت الدوحة لمساعدتها في التفاوض لإعادة الديون في فبراير(شباط) 2018، وهو الشهر نفسه الذي أعادت فيه نجامينا العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة التي قطعتها في 2017، تضامنا مع الدول المقاطعة للدوحة، أي السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر.


تواطؤ 
وعززت قطر حضورها الاستثماري المشكوك في إثيوبيا بشكل خاص، ولتوسع توغلها في أفريقيا بشكل عام، بالتزامن مع الخلافات التي عرفتها مصر وأثيوبيا، بسبب بناء سد النهضة، قبل الاتفاق بين مصر وأثيوبيا، والسودان، ما رفع الغطاء عن الحضور الاستثماري والاستراتيجي القطري، في العاصمة الأفريقية الكبرى.

وفي الصومال الجارة القريبة من أثيوبيا، فتبدو قطر أكثر عدائية ونشاطاً، وتتعاون مع تركيا في إطار خطة كشفتها أنقرة، وأردوغان أكثر من مرة سراً وجهراً، لاستكمال اختراق القارة السمراء، تحت غطاء الاستثمارات والمساعدات الإنسانية.

وبالتعاون مع تركيا قدمت قطر دعماً عسكرياً للجيش الصومالي، بنحو 68 مدرعة، وتشير التقارير إلى أن قطر تسعى عبر هذا الدعم العسكري والمالي، إلى امتلاك ورقة ضغط على أنظمة في دول أفريقية هشة من جهة، وقريبة من المنطقة العربية بشكل عام، من اليمن، في الصومال وأثيوبيا، إلى مصر، وصولاً إلى أقصى الدائرة، في ليبيا، دعماً لمشاريع تنظيم الإخوان الذي يحاول السيطرة على المنطقة، وتجييرها لخدمة الأجندتين القطرية والتركية، بمباركة إيرانية.