الرئيس الإيراني حسن روحاني.(أرشيف)
الرئيس الإيراني حسن روحاني.(أرشيف)
الثلاثاء 11 فبراير 2020 / 13:59

روحاني.. مسيرة رجل بألف وجه ووجه

في استعراضه لمسيرة الرئيس الإيراني حسن روحاني، كتب أمير طاهري، محلل سياسي إيراني يكتب في صحيفة الشرق الأوسط منذ عام 1978، ورئيس موقع "غيتستون" في أوروبا، أنه لو سارت الأمور بشكل مختلف في إيران قبل 40 عاماً، لربما أصبح روحاني كاتباً لقصص مرعبة حول موضوعات إقليمية. فقد ظهرت موهبته في كتابة الروايات من خلال كيفية إعادة تغيير نفسه خلال عشرات السنين.

هل روحاني رجل كل الفصول كما يزعم أنصاره؟ وهل هو الرجل الذي عارض قتل ما يزيد عن1500 محتج في أقل من ثلاثة أيام؟

 كان روحاني عام 1977، عندما ترددت أولى أصداء الثورة، طالباً في إنجلترا يحمل اسم حسن فريدون، ويسعى للحصول على درجة في هندسة النسيج.

ولكن بعد أشهر قليلة، اختار لنفسه اسم روحاني لأن فريدون كان اسماً قومياً فارسياً، ولم يكن مناسباً لرجل يخطط لإعطاء شخصه صفة نصير للدين والإيمان.

أمضى بضعة أسابيع في حضور دورات دراسية في الفكر الشيعي. وفي الوقت نفسه، أطلق لحيته وتخلى عن اللباس الغربي، وسرعان ما زعم بأنه أول من أطلق على الخميني لقب الإمام عندما ألقى كلمة في مناسبة تأبين مصطفى ابن الخميني الذي مات في العراق.

ويقول طاهري إنه ليس هناك دليل على أن روحاني كان حاضراً في تلك المناسبة، والتي أشير إليها صدفة مرفقة بصورة ضمن صحيفة كايهان اليومية الإيرانية.

فوضى
ويسترجع روحاني، في مذكراته، أول لقاء جمعه بالخميني، الذي كان يقيم في المنفى في باريس. ويزعم بأن آية الله منحة 10.000 تومان(حوالي 1,500 دولار في تلك الأيام)، وطلب منه العودة إلى إنجلترا وتنظيم الطلاب الإيرانيين ضد الشاه.

ويلفت كاتب المقال إلى أنه في خضم الفوضى التي تلت خروج الشاه من إيران، كان بوسع أي شخص القفز إلى عربة الثورة، وكان روحاني من أوائل من قانوا بذلك. ولم تجد الثورة المنتصرة ما يكفي من العاملين لشغل عشرات الآلاف من الوظائف التي خلت بعد زوال النظام السابق، ولم يجد روحاني صعوبة في جعل نفسه عضواً في المجلس الإسلامي( البرلمان)، شاقاً طريقه نحو مجتمع النخبة.

حلقة وصل

ثم اكتسب روحاني لقب حجة الإسلام، وأصبح أحد أشد أنصار الثورة، داعياً لحل الجيش الإيراني، والتوقف عن دفع رواتب المتقاعدين من المدنيين والعسكريين الذين خدموا في عهد الشاه. وعندما وجد أن النظام الجديد سوف يعتمد على أجهزته الأمنية، انضم حجة الإسلام الجديد إلى الحرس الثوري الإسلامي الإيراني( IRGC) كحلقة وصل بين دوائر عسكرية وتجارية.

وخلال المرحلة الوجيزة من حكم رفسنجاني "كرجل قوي" سعى للتخفيف من الحماسة للثورة، أعاد روحاني تقديم نفسه كمعتدل "مؤيد للإصلاح". وكمساعد لرفسنجاني، تولى دوراً في مفاوضات سرية بين مبعوثين للرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان إلى طهران إلى جانب مسؤول كبير من الموساد، جهاز الاستخبارات الإسرائيلية.
وبحلول التسعينات، اكتسب سمعة وسط دوائر السياسة الغربية بأنه "رجل نستطيع العمل معه".

لقب جديد
وفي الوقت نفسه، وإدراكاً من روحاني لحقيقة أن الإيرانيين يعشقون الألقاب الأكاديمية سواء كانت حقيقية أو مزيفة، عمل على تعزيز مكانته من خلال الالتحاق بكلية بريطانية في غلاسكو للحصول على شهادة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية. وهكذا، استطاع خلال بضع سنوات، إعادة تقديم نفسه باسم الدكتور حسن روحاني، "إصلاحي معتدل بثقافة غربية".

ولكن طرأ تحول على مساره في الترقي الوظيفي عندما فضل رفسنجاني شخصاً آخر من مساعديه، حجة الإسلام محمد خاتمي، كمرشح للرئاسة. وسجل تحول آخر عندما خلف محمود أحمدي نجاد خاتمي، ما اعتبر مؤشراً على نهاية نفوذ رفسنجاني. ونجح روحاني خلال تلك السنوات المؤلمة في البقاء ضمن دوائر السلطة من خلال تقديم خدماته إلى جميع المجموعات والفصائل السياسية.

زعيم المرحلة
ونظراً لبراعته في لعب عدة أدوار، يشبه كاتب المقال روحاني بالممثل الهوليوودي لون شيني الذي لعب عدداً من الأدوار السينمائية المختلفة. ولذا يستعد اليوم روحاني للعب دور جديد "كزعيم لمرحلة انتقالية" تقوم على الانتقال من نظام صارم إلى "آخر طبيعي"، طراز يناسب العالم الثالث، يتم فيه المزج بين القمع في الداخل مع اتباع سلوك جيد في الخارج.

إلى ذلك، يطرح الكاتب في ختام مقاله السؤال التالي: "هل روحاني رجل كل الفصول كما يزعم أنصاره؟ وهل هو الرجل الذي عارض قتل ما يزيد عن1500 محتج في أقل من ثلاثة أيام؟ وهل هو المسؤول "المعتدل" الذي لم يعلم شيئاً عن مضاعفة أسعار البنزين وإسقاط طائرة ركاب أوكرانية؟ وهل سينجح سيناريو روحاني في إسقاط خامنئي من عليائه؟

ويرى طاهري أن روحاني ربما يكون رجلاً بألف وجه، ولكن تجربة 40 عاماً مع هذا الرجل تثبت أن كلاً من تلك الوجوه ليس سوى قناع.