الخميس 13 فبراير 2020 / 10:07

هل يفرض بوتين عقوباته مُجدداً على أردوغان؟

باريس ـ عبدالناصر نهار

يواصل الإعلام الفرنسي حديثه عن نُذر مواجهة مُرتقبة بين تركيا وروسيا في مناطق شمال غرب سوريا، متوقعاً مزيداً من التوتر الشديد في العلاقات بين البلدين وانتهاء شهر العسل الذي طال بين الرئيسين التركي رجب طيّب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، حيث يتعاونان مع معسكرين سوريين متعاكسين، ولأهداف سبق أن وُصفت بأنّه من الصعب جداً التوفيق بينها.

وبينما كان الرئيسان يُحاولان في مناسبات كثيرة إظهار مدى العلاقة الطيبة التي تربطهما، لا يبدو أنّ أردوغان قادر اليوم على إغضاب بوتين الذي اشترى له بنفسه ذات يوم الآيس كريم الروسي، فبدا سعيداً جداً في نفس الوقت الذي حاصرت فيه القوات السورية أوّل وأكبر نقطة مراقبة تركية.

لكنّ شبح العقوبات الروسية القاسية التي فرضتها موسكو على أنقرة بعد أن أسقطت تركيا طائرة حربية روسية على الحدود السورية في نوفمبر 2015، ما زال مُخيّماً على الاقتصاد التركي الذي تتهدّده أيضاً عقوبات أوروبية في ظلّ الأزمات التي يُثيرها أردوغان في شرق المتوسط مع كلّ من قبرص واليونان بشكل خاص.

وحول المواجهة التي وصفتها بـِ "الحتمية" وحدثت أخيراً بين الجيش السوري بدعم من القوات الروسية، والجيش التركي الذي يدعم فصائل سورية جهادية مُتطرفة، تحدثت صحيفة "ليبراسيون" عن أنّ المُواجهة التي كان يُخشى من عواقبها حدثت في نهاية المطاف في محافظة إدلب، مُشيرة لاستمرار مقتل عدد من الجنود الأتراك والسوريين في قصف مُتبادل، وبمشاركة روسية مباشرة في سير الأحداث والتطورات العسكرية المتلاحقة.

وأكدت الصحيفة الفرنسية أنّ التوتّر يستمر في التصاعد مع تقدّم الهجوم الهائل الذي تنفذه منذ أسابيع قوات بشار الأسد بدعم من القوات الجوية الروسية للسيطرة على إدلب، مما يُشكل اختباراً جدّياً لمدى استمرارية العلاقات بين أنقرة وموسكو.

ورأت أن لا إدانات المجتمع الدولي ولا اجتماعات مجلس الأمن ولا نداءات المنظمات غير الحكومية أوقفت العمل العسكري في المنطقة، بينما تكتفي تركيا بإرسال تعزيزات عسكرية دون جدوى أو فاعلية.

واعتبرت "ليبراسيون" أنّ المواجهة بين أنقرة ودمشق تضع على المحك العلاقات بين تركيا وروسيا، الشريكتان في ترتيبات معقّدة على أرض الواقع في ملفات أخرى، وذلك على الرغم من أنّ الحوار لم ينقطع بين أنقرة وموسكو على أعلى المستويات.

أما صحيفة "اللوموند" فقد رأت أنّ سوريا، وعبر تجدّد القتال في إدلب، تفرض ضغوطاً على محور موسكو- أنقرة، مُشيرة إلى أنّ معقل التمرّد على نظام الأسد مُهدّد بكارثة إنسانية كبرى في ظلّ التقدم غير المسبوق للجيش السوري بدعم واسع من القوات الجوية الروسية.

ووصفت الصحيفة كلاً من أردوغان وبوتين، برجال شرطة عالميين، مُشيرة لدور كل منهما في الساحتين السورية والليبية.

وذكّرت "اللوموند" بتشديدات سابقة للرئيسين على أنّ تركيا وروسيا قادرتان معاً على حلّ بعض أكثر المهام تعقيدًا وطموحًا في العالم من أجل الصالح الإنساني العام، ودعواتهما للتصرف "بضبط النفس والحسّ السليم" لصالح الدبلوماسية.

كما أكدت أنّ العلاقات الروسية- التركية ليست بالطبع في أفضل حالاتها، خاصة أنّ القيادة التركية غير راضية عن إحجام روسيا عن طرد وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها "إرهابية" من شمال شرق سوريا.

من جهتها، أكدت "لو فيغارو" أنّ بوتين وأردوغان على خلاف شديد بينهما منذ الاشتباكات بين الجيشين السوري والتركي بالقرب من محافظة إدلب، إذ بينما تركيا تدعو روسيا إلى وقف الهجمات على مراكز المراقبة التابعة لها شمال سوريا، يصف الكرملين ما تقوم به فصائل أنقرة السورية المُسلحة بالأنشطة الإرهابية غير المقبولة الموجهة ضدّ القوات السورية المسلحة والمنشآت العسكرية الروسية.

يُذكر أنّ تركيا دعت روسيا مراراً إلى التحرّك لوقف هجوم القوات السورية في محافظة إدلب، آخر معاقل التنظيمات الإسلامية المتطرفة والفصائل المعارضة، بعد خسائر فادحة لفصائل أنقرة، وهو ما زال مُتواصلاً حتى اللحظة.