الرئيس الإيراني حسن روحاني متحدثاً أمام مجلس الشورى (أرشيف)
الرئيس الإيراني حسن روحاني متحدثاً أمام مجلس الشورى (أرشيف)
الإثنين 17 فبراير 2020 / 12:40

هل تمهد انتخابات مجلس الشورى لعزل روحاني؟

يتوجه الناخبون الإيرانيون في 21 فبراير(شباط) الجاري، إلى مراكز الاقتراع لانتخاب برلمان جديد. وفيما يعترف الدستور الإيراني بالإرادة الشعبية، ينظر العالم الخارجي إلى النظام الانتخابي في البلاد على أنه غير مجدٍ.

رغم تمتع خامنئي بسلطة الإطاحة مباشرة بروحاني، لكنه سيحاول على الأرجح التأثير على المجلس الجديد لمباشرة عملية عزله

وتشير منى صمدي، أستاذة مساعدة للقانون الدولي لدى جامعة أوريبرو السويدية، ومتخصصة في قضايا الشريعة الإسلامية والقانون الدستوري وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط، خاصةً في إيران، إلى أنه رغم اعتراف الدستور الإيراني بالإرادة الشعبية، ممثلة في رئيس وبرلمان منتخبين، فإن النظام السياسي بأكمله يعمل تحت إمرة المرشد الأعلى، الذي يعينه مجلس ديني، مجلس الخبراء، لكنه في الواقع، غير مسؤول أمام أحد.

وفيما يتمتع المجلس بسلطة الإطاحة بالرئيس، يحتمل أن يواجه الرئيس حسن روحاني هذا المصير في إذا فاز المحافظون بأغلبية مقاعد المجلس.

هيكلية السلطة
ولفتت صمدي، في موقع معهد الشرق الأوسط، إلى أن المرشد الأعلى يمسك بزمام السلطة في إيران. وفيما يستطيع المجلس خلع المرشد الأعلى إذا ثبت أن قيادته تتناقض مع النظام الإسلامي، ومصالحه، إلا أن ذلك لم يحصل مطلقاً.

ويتمتع للمرشد الأعلى بحق نقض مطلق في جميع القضايا التي تهم الدولة، وبسلطة إقالة الرئيس.

ويخضع جميع المرشحين للرئاسة ولعضوية البرلمان لتدقيق مجلس صيانة الدستور، المؤسسة الخاضعة للمرشد الأعلى، الذي يعين نصف أعضائها. كما توكل لمجلس صيانة الدستور، مهمة مراجعة أي قانون يقره البرلمان، لضمان توافقه مع الدستور، ومبادئ الشريعة الإسلامية.

وكما تشير كاتبة المقال، ترشح في انتخابات العام الجاري أكثر من 1400 مرشح لشغل 290 مقعداً في البرلمان الإيراني.

وفيما ترغب إيران في مشاركة واسعة في الانتخابات لتكتسب شرعية، خاصةً بعد اعترافها بإسقاط طائرة ركاب أوكرانية عرضاً، تستفيد الدولة فعلياً من ضعف المشاركة لأنه يزيد فرص انتخاب مرشحيها المحافظين.

عجز عن تغيير النظام
وترى الكاتبة أن عجز الإصلاحيين عن تغيير نظام سياسي يُمكِن بشكل غير متناسب شخصيات غير منتخبة، سيعزز نفوذ الحرس الثوري في الانتخابات المقبلة. فقد شجع المرشد الأعلى علي خامنئي "ثوريين شباباً" على الترشح، رغم أنه لا مؤشر على قدرة الحرس الثوري على تهدئة خواطر الشعب الإيراني اليائس، بسبب لعب الحرس دوراً رئيسياً في الوصول إلى هذا الوضع البائس.

وفيما لن يحدد تشكيل المجلس مستقبل إيران الذي يبقى في يد المرشد الأعلى، فإن تقلص الفريق الإصلاحي في البرلمان، قد يشكل تحدياً كبيراً لروحاني.

الاتفاق النووي

وفيعهد روحاني، أوشك أنصاره على شغل الأغلبية المطلقة في المجلس. لكن انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي في 2015، وإعادة فرض عقوبات، كانا بمثابة ضربة قوية لرئاسته، حتى أن بعض الإصلاحيين دعوا روحاني للاستقالة نتيجةً لسوء إدارته لعدة أزمات، كساد اقتصادي، وفساد، وهواجس أمنية، وارتفاع أسعار الوقود، ما أثار أعنف اضطرابات سياسية منذ الثورة.

وقد تعرض استعادة المحافظين سيطرتهم المطلقة على المجلس روحاني لخطر الإقالة، كما حصل لأول رئيس منتخب في إيرا، أبو الحسن بني صدر. فرغم علاقة بني صدر الوثيقة مع الخميني، إلا أن الأخير دعم عزله بسبب محاولته احتواء النفوذ المتصاعد للحرس الثوري، وخلافه مع رغبات الملالي حكام إيران.

نأي بالنفس
وحسب الكاتبة، عمل روحاني على النأي بنفسه علناً عن المرشد الأعلى، وانتقد مجلس صيانة الدستور. وأبدى، في آخر خطبه، استياءه من المجلس وسلطته للتدقيق في أسماء المرشحين، وقال: "هذا ليس انتخاباً، إنه تعيين".

وفي جميع الأحوال، ينتقد روحاني نظاماً انتخابياً صمم لتأمين استمرار السلطة، والنظام الذى جعله رئيساً.

وترى الكاتبة أن المسألة تتجاوز مجرد سخط سياسي على روحاني. فقد وقعت صراعات بين المرشد الأعلى ورؤساء سابقين. ولكن هذه الحالة مختلفة لأن روحاني اعتبر سابقاً مرشحاً ليكون المرشد الأعلى المقبل، ولا تزال هناك فرصة ضئيلة لتحقيق ذلك، خاصةً إذا توفي خامنئي، في الوقت الذي لا يزال فيه روحاني رئيساً.

وسيكون أحد ثلاث شخصيات لديها سلطة إدارة شؤون المرشد الأعلى في انتظار اختيار مجلس الخبراء خلفاً له. وقد انتخب خامنئي نفسه بهذه الطريقة، إذ كان رئيساً عند وفاة الخميني.

مفارقات
ونتيجة لكل ما سبق، تعتقد الكاتبة أن مجلساً جديداً من المحافظين سيعمل على الإطاحة سريعاً بروحاني. ورغم تمتع خامنئي بسلطة الإطاحة مباشرة بروحاني، لكنه سيحاول على الأرجح التأثير على المجلس الجديد لمباشرة عزله.

ولتأكيد توقعاتها، أشارت الكاتبة لما قاله خامنئي في كلمة ألقاها أخيراً، رداً على تصاعد انتقادات ضد مجلس صيانة الدستور.

ووجه خامنئي كلامه إلى "من يصفون هذه الانتخابات بالتعيين، ويشككون في نزاهتها عندما لا تكون لصالحهم، ولكنهم يرون أنها نزيهة عندما تكون نتيجتها لصالحهم".

وفي مواجهة انتخابات مزورة لا توفر فرصة كبيرة لتغيير حقيقي، قد يمتنع عدد من الإيرانيين عن المشاركة في انتخابات 21 فبراير(شباط ).

ولكن المقاطعة تعني حتماً، حسب الكاتبة، فوز المحافظين. ولذلك يدعو روحاني الإيرانيين للإقبال على الانتخابات المقبلة.