إيرانية أمام ملصق إشهاري لمرشح للبرلمان (أرشيف)
إيرانية أمام ملصق إشهاري لمرشح للبرلمان (أرشيف)
الثلاثاء 18 فبراير 2020 / 11:39

الإيرانيون اليائسون يقاطعون الانتخابات التشريعية

في ظل العقوبات الاقتصادية والاضطرابات السياسية وشبح النزاع العسكري، تسود اللامبالاة بين العديد من الإيرانيين بالمشاركة في الانتخابات العامة هذا الأسبوع.

وبقلوب مثقلة وشعور بالمرارة، يشتكي عدد من أهالي طهران من أنهم تعبوا من السياسيين الذين فشلوا في الوفاء بوعودهم برفع المستوى المعيشي في البلاد.

وقالت باري: "مستحيل! لن نصوت!"، بينما أكدت ابنتها كذلك نيتها مقاطعة الانتخابات التشريعية الجمعة بعدما فقدت ثقتها بالسياسيين.

وأضافت باري "الأمر صعب على الجميع في إيران اليوم. مللنا. نريد إيصال رسالة بأننا غير راضين عن الوضع".

وتعهد الرئيس حسن روحاني الذي أُعيد انتخابه في 2017 بمزيد من الحريات الاجتماعية والفردية وقدم تطمينات بقطف الإيرانيين ثمار التعاون مع الغرب.

الاقتصاد والعقوبات

لكن كثيرين يشعرون أن حياتهم شُلت جرّاء تباطؤ الاقتصاد الذي تفاقم نظراً للعقوبات الأمريكية المشددة منذ انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 2018 من الاتفاق النووي مع إيران.

وزاد الوضع سوءاً مع خطر اندلاع نزاع عسكري في وقت كثف فيه ترامب حملته لـ "ضغوط قصوى" على الجمهورية الإيرانية.

وكانت باري تتنزه مع ابنتها كيانا في تجريش، أحد أرقى أحياء العاصمة أين تتناقض مظاهر الثراء والفقر الشديدين.

وتقود نساء أنيقات بنظارات شمسية داكنة سياراتهن الرياضية في الشوارع بينما يصطف على الأرصفة باعة متجولون يعرضون بضائعهم.

وكاد سائق دراجة نارية لتوصيل الطلبات يقود مسرعاً في الاتجاه الخاطئ من الشارع المكتظ، يصدم فتى يلمع الأحذية يجلس على حافة رصيف غطاه الجليد.

وقالت كيانا التي تطاير شعرها الأسود تحت غطاء الرأس الذي كانت ترتديه :"لا يوجد عمل ولا مستقبل".

وأضافت أنها لم تعد "تثق في السلطات" وتشعر بالإحباط من "عدم مصداقيتها".

وتراجعت مصداقية المسؤولين الإيرانيين عند الكثيرين عندما نفت السلطات في الشهر الماضي إسقاط القوّات المسلحة الإيرانية بالخطأ طائرة ركاب أوكرانية، قبل أن تعترف بالأمر بعد أيام.

خلف مدخل بازار طهران الكبير الذي يزينه الفيسفساء، سارع المئات إلى السوق التاريخي المكون من متاهة من الأزقة والمتاجر تحت الأسقف الحجرية.

ويتدافع المتسوّقون وسط الحشود بحثاً عن الأواني النحاسية وأغطية الأسرة والسجاد والملابس.

وعند المدخل، وقف أمير محتشم العاطل عن العمل منذ عامين، الذي أعرب عن قلقه من غياب الرؤيا لدى المرشحين الذين سمح لهم بخوض الانتخابات.

وقال: "يبدو أن أياً من المرشحين لا يملك خطة لشيء".

وأضاف "لا المحافظين ولا الإصلاحيين جديرون بالثقة. كل ما يهمهم هو الأصوات.. انتخاباتنا عديمة الفائدة".

وعلى مقربة منه، أعرب تاجر سجاد في وضع أفضل بكثير من محتشم عن وجهة نظر مشابهة.

وقال التاجر محمد: "كان عندنا حلم عندما صوتنا لروحاني، لكننا لم نحقق شيئا"، متهماً السلطات بنشر الأكاذيب".

وأضاف "لم يعد الناس يشعرون بالراحة. عندما لا يكون الناس هم من يقررون، فلمَ نصوت؟ إذا كان التصويت يمنح شرعية للفائزين بالانتخابات فلن نصوت".

واجب ديني
لكن آخرين من خلفيات محافظة أو دينية، أكدوا عزمهم على المشاركة في الانتخابات.

وقال بائع في البازار يدعى حسن غول "سأصوت بالتأكيد لكن علي التفكير لمن".

وأضاف "يحاول جميع نوابنا القيام بأفضل ما يمكنهم القيام به، لكن لا أحد يعرف إلى أي درجة يمكنهم فعليا النجاح"، معرباً عن أمله في عمل النواب القادمين على "حل مشاكل الشباب".

في حي نازي آباد الأكثر فقراً في جنوب طهران، أكدت ربة منزل ارتدت الشادور التقليدي أنها ستصوت. وقالت: "من وجهة نظر دينية، من المهم أن نصوت خاصةً وأن بلدنا محاط بالأعداء".

وأضافت "الأهم عندنا هو أن نثق بالحياة ومن ثم سيتحسن الاقتصاد".

لكن في الحي ذاته، تحدث شباب عن تعطّشهم لمزيد من الحرية في إيران التي احتفلت هذا الشهر بالذكرى الـ41 لتأسيسها.

وقال كمران بلوش زاده، 20 عاماً بتعبير نادر من نوعه عن معارضته لمجرى الأمور "أصبحت الانتخابات مجرد أمر رمزي.. لا أؤيد هذه المنظومة ولن أصوت".

وتابع وهو يرتجف في درجات حرارة أدنى من الصفر: "أشعر بفقدان الأمل والضعف ولم أبلغ 25 عاماً بعد".

وأضاف "أشعر باليأس"، مشيراً إلى النفقات التي لا يمكنه تحملها وقلقه من الفشل في العثور على زوجة والاهتمام بوالديه.

بدورها، قالت مصممة الأزياء باري آغا زاده، التي كانت تحمل أكياساً من الملابس وهاتفاً محمولاً: "بصراحة لا أريد التصويت لأن ذلك لن يحل مشاكلنا"، متهمة الحكومة بسوء الإدارة.

وأضافت آغا زاده التي أجرت عملية تجميل لأنفها ووضعت أظافر اصطناعية وطبقة سميكة من أحمر الشفاه: "هذه الحكومة وهذا النظام لا يهتمان إطلاقاً بالنساء. لا نملك حريات شخصية".

وقالت إنه على الأقل "يمكننا التعبير عن احتجاجنا" بمقاطعة الانتخابات.