الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الثلاثاء 18 فبراير 2020 / 12:59

ورطة أردوغان في إدلب... مُعقدة

قبل بضعة أيام، صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بأن الأتراك مستعدون للموت في سبيل حماية السوريين، من بشار الأسد، وممن وصفهم بالتنظيمات الإرهابية، في إشارة إلى القوات الكردية سورية في شمال سوريا.

مع اقتراب الموعد النهائي بشأن إدلب الذي حدده أردوغان، في نهاية فبراير( شباط)، هناك احتمال تغير ديناميكيات مثلث القوة بين بوتين وأردوغان وترامب

وأكد في 5 فبراير( شباط) أن أنقرة ستتولى زمام الأمور بنفسها إذا لم تسحب الحكومة السورية قواتها، بحلول نهاية فبراير (شباط)، إلى وراء نقاط مراقبة تركية في محافظة إدلب السورية الخاضعة لسيطرة المتمردين.

وأضاف أمام البرلمان التركي أنه طلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الالتزام باتفاقية سوتشي، وسحب القوات السورية وراء المواقع المتفق عليها.

سوتشي
وكانت تركيا وروسيا وقعتا في 2018 اتفاق سوتشي الذي يقضي بمنع هجوم الجيش السوري على إدلب، شرط تطهير تركيا للمحافظة  من الجماعات المتطرفة. ووفق شروط الصفقة، أنشأت تركيا 12 نقطة مراقبة عسكرية في المحافظة.

لكن الرئيس السوري الأسد جدد بدعم روسي وإيراني، في يناير(كانون الثاني) الماضي هجومه على إدلب، بحجة أن استمرار وجود مجموعات متطرفة ينتهك الاتفاق.

وبدأت تركيا في تعزيز وجودها في المحافظة بإرسال مدرعات ومزيد من القوات لمنع تقدم القوات السورية. وأظهرت أفلام مصورة تسلم عناصر جهادية ومتشددة من المعارضة السورية مزيداً من الأسلحة الفتاكة من تركيا.

واتهم مسؤولون سوريون وروس أنقرة بإسقاط مروحية ثانية في ظرف أسبوع، بعدما أدى قصف سوري إلى مقتل 14 جندياً تركياً.

أردوغان لا يصدق جيفري
ويقول إلهان تانر، الصحافي التركي الذي يغطي السياسات والعلاقات الأمريكية التركية، إن أردوغان لا يصدق تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص بسوريا، جيمس جيفري، الداعمة للمصالح التركية في إدلب. وذلك ما عبر عنه أردوغان في طريق عودته من باكستان أين سعى للحصول على دعم القيادة الباكستانية.

وقال أردوغان إن عبارات دعم جيفري "غير كافية" في غياب تأكيد من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وأجرى الرئيسان محادثة هاتفية يوم السبت، ولكن القراءة التركية لم تظهر أي دعم من ترامب حول إدلب.

وحسب الكاتب، يبدو أن أردوغان مستاء من بوتين وترامب معاً، ففيما يحض أردوغان الروس على مهاجمة أكراد سوريين حلفاء لأمريكا في شمال شرق سوريا، فإنه دعا في وقت سابق الرئيس الأمريكي لدعمه في إدلب ضد الروس.

وتر حساس
وهناك مشكلة أخرى في إدلب تلامس وتراً حساساً لدى بعض شركاء أردوغان في ائتلاف داخلي. ذلك أن فئة من المتطرفين اليمينيين الأتراك قلقون من تحرك الرئيس التركي ضد رغبات بوتين والأسد.

ورغم أن هؤلاء القوميين الأتراك لا يملكون قاعدة انتخابية واسعة، لكن ينظر إليهم باعتبارهم لاعبين أقوياء في المؤسسة الأمنية.

ويرى كاتب المقال أن تصعيد النزاع في إدلب يتزامن مع بدء تشكيل خصوم أردوغان المحليين عقبات خطيرة.

ويأتي في مقدمة هؤلاء أحمد داوود أوغلو، رئيس الوزراء التركي السابق، الذي حظي بمكانة كبرى داخل الحزب الحاكم، وبات يشكل صداعاً متواصلاً لأردوغان.

وفي ذات السياق، توقع مركز كوندا للاستطلاعات في تركيا احتمال ابتعاد المحافظين في تركيا بأعداد كبيرة عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، للاستقطاب متزايد في السياسات الحكومية.

ويضاف إلى ذلك، حسب الكاتب، سعي بيرات البيرق، صهر أردوغان ووزير ماليته إلى مواصلة تعزيز نفوذه، والعمل، رغم كل الصعاب، على تأكيد أهليته لوراثة سلالة أردوغان، وباتت سياساته الاقتصادية محور انتقادات منتظمة.

موقف ضعيف
ويشير الكاتب إلى أن لا شيء يوحي، على الأرض، بتباطؤ هجمات القوات السورية المتواصلة في إدلب لاستعادة مناطق أنشأت تركيا فيها نقاط مراقبة. وقد أخلى الجيش التركي في الأيام الأخيرة ما لا يقل عن نقطتين منها. 

وفي انتظار نهاية الشهر، يُرجح انشغال أردوغان بالسعي للحصول على دعم الغرب، فيما يواصل محادثاته مع موسكو للحصول على تنازلات. فإذا قبل بوتين وسحب القوات إلى ما وراء خطوط سوتشي، سيسجل أردوغان نقاطاً عدة، وسيواصل العمل مع بوتين في قضايا أخرى.

لكن، إذا تابع بوتين خطه كما هو متوقع، وواصل دعم الجيش السوري في مهاجمة مواقع تركية وقوات تدعمها أنقرة، فإن بعض المراقبين للشأن التركي يرون أن أردوغان سيكون في موقف ضعيف على أرض أجنبية، ودون سلاح جوي.

وفي رأي كاتب المقال، ومع اقتراب الموعد النهائي الذي حدده أردوغان في إدلب، أي نهاية فبراير
(شباط)، هناك احتمال تغير ديناميكيات مثلث القوة بين بوتين وأردوغان وترامب، وتبعاً للتطورات، فقد تهتز أيضاً تركيا داخلياً.