مقانلون سوريون موالون لتركيا (أرشيف)
مقانلون سوريون موالون لتركيا (أرشيف)
الثلاثاء 18 فبراير 2020 / 13:26

هذا أقصى ما يمكن أن يجنيه أردوغان في سوريا

في بداية فبراير( شباط) بدأت تركيا في إرسال قوات وعربات مدرعة إلى إدلب في شمال سوريا رداً على هجوم الجيش السوري بدعم روسي لاستعادة المحافظة. وجاءت التحركات التركية بعد مقتل ثمانية جنود ومدنيين أتراكاً في 3 فبراير( شباط) الجاري، بعد قصف سوري قالت تركيا إنها ردت عليه بالمدفعية وبغارات جوية.

كل ما في وسع أنقره القيام به اليوم هو الإشراف على هزيمة قوى المعارضة والتمسك بأمل السيطرة على خيط رفيع من الحدود،

ويرى سيث فرانتزمان، الكاتب لدى منتدى الشرق الأوسط، ومؤلف كتاب "ما بعد داعش: أمريكا وإيران والصراع على الشرق الأوسط"، أنه كان بالإمكان تجنب تلك الأزمة، خاصةً لأن تركيا نجحت طيلة سنوات في استغلال قوات معارضة سورية، لخدمة أغراضها.

وعندما اندلعت الحرب الأهلية السورية في 2011، تحولت تركيا إلى ملاذ لملايين السوريين الذين هربوا من القتال. ونجحت أنقره في معالجة أزمة اللجوء، ولكنها لم تحسن إدارة أمر متطوعين تدفقوا على سوريا لمحاربة الجيش السوري فسمحت في ذلك الوقت، لعشرات الآلاف بعبور الحدود.

وانضم بعض هؤلاء إلى تنظيمات متطرفة مثل داعش. ولكن حتى عندما قوي التنظيم الإرهابي، في يونيو( حزيران) 2014، واستولى على مناطق في العراق وسوريا، وارتكب حرب إبادة، لم تفعل تركيا ما يجب لإغلاق الحدود.

أخطاء
ويرى الكاتب أن تركيا أخطأت بانتظام في تقييم خطواتها في سوريا، وألحقت سياساتها الشريرة ضرراً بحلفائها المتمردين السوريين. وقد تساعد نظرة سريعة على الأحداث الأخيرة في فهم الأزمة الحالية.

ريبة أنقرة
ويعتقد كاتب المقال أن ريبة أنقرة لم تتسبب في مزيد من اللاجئين وحسب، بل دفعت داعش إلى محاربة معارضين سوريين، ما أدى لتقويض المعارضة السورية.

وفي 2014، حولت الولايات المتحدة مواردها من دعم المتمردين السوريين عبر تركيا، إلى محاربة داعش في العراق، وسوريا. وبدأت أمريكا في التعاون مع قوات كردية في شرق سوريا أثبتت كفاءة في محاربة التنظيم. كما عدلت تركيا سياساتها، فأرسلت، في 2015 لأول مرة، قوات إلى سوريا لنقل ضريح عثماني.

ولم تقرر تركيا التحرك في سوريا قبل 2016، وارتأت أن لا تتحرك ضد الرئيس السوري، ولكن لمنع مقاتلين أكراد مدعومين من أمريكا من اجتياز نهر الفرات. وساعدت عملية درع الفرات على إبعاد داعش عن الحدود، وأوقفت تقدم قوات سوريا الديمقراطية.

ومع توقيع تركيا صفقة شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية، S-400 في 2017، حصل تحول آخر في الموقف التركي في سوريا، وانضمت تركيا إلى عملية استانة للسلام المدعومة من روسيا، وتعاونت مع إيران، وروسيا لخفض التوتر في سوريا.

وكان ذلك موقفاً غريباً لأن تركيا كانت تدعم ظاهرياً المتمردين السوريين، وتجندهم لتشكيل الجيش الوطني السوري الذي كشف عنه النقاب في يناير(كانون الثاني) 2018.

واستخدمت تركيا هذا الجيش في مهاجمة الأكراد السوريين في عفرين في 2018، مع إصرارها على أن عفرين كانت خاضعة لسيطرة حزب العمال الكردستاني، وقالت وسائل إعلام تركية أن الجيش الوطني السوري أنشئ لمحاربة داعش وحزب العمال الكردستاني ، لا الجيش السوري.

إشعال أزمات
وطغى ذلك المنطق على الدور التركي في سوريا بعد عفرين. ولكن في ديسمبر( كانون الأول) 2018، وفي أغسطس( آب) 2019، أشعلت أنقرة أزمات مع الولايات المتحدة، وهددت بغزو شرق سوريا. ونفذت تهديدها في أكتوبر(تشرين الأول)، عندما انسحبت الولايات المتحدة من الحدود السورية.

ومن جديد استخدمت تركيا متمردين سوريين في محاربة الأكراد. واتهم يومها الديبلوماسي الأمريكي ويليام روباك أنقرة بدعم تطهير عرقي، ضد الأكراد.

ويتساءل الكاتب عن ماهية الدور التركي في إدلب، آخر منطقة لا تزال تخضع لسيطرة المعارضة السورية. ويقول إنه بسبب خشيتها في 2018 من هجوم سوري تدعمه روسيا على إدلب، كان سيؤدي لانتقال مليون لاجئ إلى تركيا، وقعت أنقرة صفقة مع روسيا لوقف إطلاق النار.

ولكن في مدينة إدلب ذاتها، لم تستخدم تركيا قط المتمردين الذين تدعمهم للسيطرة على المنطقة، كما فعلت في مناطقة كردية مثل عفرين. وعوض ذلك، أنشأت نقاط مراقبة، وكان على عرباتها التنقل عبر الريف الخاضع لهيئة تحرير الشام، الفرع السوري للقاعدة.

وواصل الجيش السوري استعادة مناطق في إدلب في 2019 وفي بداية 2020. وأرسلت تركيا حوالي 2000 مقاتل سوري إلى ليبيا، لتعزيز سياساتها هناك، عوض إبقائهم في إدلب لمحاربة الجيش السوري.

النتيجة
ولكن ما نتيجة الأزمة الحالية في إدلب؟ يقول فرانتزمان، إن الولايات المتحدة عارضت دمشق، وأبدت دعمها لتركيا. ولكن تلك خطوة صغيرة للغاية فضلاً عن أنها متأخرة للغاية أيضاً.

فتركيا تعمل مع روسيا على تنفيذ صفقات دفاع جوي وأخرى للطاقة، وحولت المتمردين السوريين إلى مرتزقة يقاتلون في مناطق أخرى في سوريا، وليس ضد دمشق. كما حرفت التمرد السوري عن مساره وشاركت في ذلك.

وكل ما في وسع أنقرة فعله اليوم، هو الإشراف على هزيمة قوى المعارضة، والتمسك بأمل السيطرة على شريط رفيع من الحدود، فيما يقرر الأسد وروسيا وإيران معاً مستقبل سوريا.