فتى أفغاني فوق دبابة من أيام الغزو السوفييت في كابول (أرشيف)
فتى أفغاني فوق دبابة من أيام الغزو السوفييت في كابول (أرشيف)
الأربعاء 19 فبراير 2020 / 12:30

هل يُنهي اتفاق السلام في أفغانستان حرباً ليُمهد لأخرى؟

يخشى الأفغان حرباً أهلية جديدة مع انتشار تقارير عن قرب اختتام مفاوضات بين واشنطن وطالبان، في غياب الحكومة الأفغانية، قد تؤدي إلى اتفاق على انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان.

حركة طالبان لن تقبل بالتغيير والتطور الإيجابي الذي تم خلال السنوات الثماني عشر الأخيرة في غيابه

وفي الأسبوع الماضي نُظم احتفال بمناسبة ذكرى خروج آخر جندي سوفييتي قبل 31 عاماً من البلاد عبر نهر آو داريا. ولكن الأفغان يدركون أن الانسحاب لم يكن سوى بداية كابوس جديد، بداية حرب أهلية، ويخشى عدد كبير من سكان ذلك البلد المسكون بشبح الحروب، أمراً مشابهاً بعد انسحاب كل قوات حلف الناتو.

انسحاب منظم
ولكن عمران فيروز، الصحفي المستقل والمؤلف ومؤسس "درون ميموريال"، النصب افتراضي لضحايا الهجمات بطائرات دون طيار، كتب في مجلة "فورين بوليسي" أن الانسحاب واجب وأنه سيحصل.

ونقل عن محمد نسيم، القائد السابق للمجاهدين في الثمانينات بإقليم لاغار الشرقي، أين حارب الحكومة الشيوعية وداعميها السوفييت: "على الأمريكيين مغادرة البلاد. ونحن الأفغان لا نحب الغزاة الأجانب. ولكننا نقتل بعضنا لصالح قوى وعقائد خارجية. ولا بد من وضع نهاية لهذا الأمر...لكن يجب أن يكون الانسحاب بشكل منظم وبمسؤولية. وعلى الجميع، الذين يدعمون الرئيس الأفغاني أشرف غاني، أو طالبان أن يجروا حواراً مع الحكومة أيضاً، وليس فقط مع الأمريكيين".

قضية عالقة
ويعتقد كاتب المقال أن ذلك ربما يُشكل أكبر قضية عالقة، بعد الإعلان منذ أيام عن هدنة بسبعة أيام بين القوات الأمريكية وطالبان.

فإذا نجح خفض العنف، يُتوقع توقيع المرحلة الأولى من الاتفاق بحلول نهاية فبراير(شباط) الجاري. وينص الاتفاق على جدول زمني بـ 135 يوماً للانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وإطلاق سراح آلاف من معتقلي طالبان، وبداية محادثات داخلية أفغانية بين مختلف الفصائل السياسية.

وحسب الكاتب، أُقرت في مؤتمر ميونيخ للأمن الذي اختتم يوم الأحد، المرحلة النهائية لاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان من قبل جميع الأطراف، بمن فيهم إدارة ترامب والمبعوث الأمريكي الخاص زلماي خليل زاد، الذي صاغ الاتفاق مع وفد طالبان في الدوحة.

وعبر غاني عن قلقه من احتمال استخدام طالبان عملية السلام "استراتيجية حصان طروادة" لتقويض حكومته، لكنه أكد أن الحرب لا يمكن أن تنتهي دون الانخراط في عملية سلام واختبار المتمردين.

إقصاء الأفغان
ويلفت كاتب المقال إلى أن أكثر ما يؤلم الأفغان العاديين هو إقصاؤهم، حتى الآن، عن أي عملية. وقال إدريس ستانيكزاي، الناشط السياسي وقائد ترند الشباب الأفغاني، الحركة السياسية للشباب الأفغاني: "نحن، في الأساس، الشعب الأفغاني والحكومة، لا نعلم أي شيء. فقد تم الاتفاق بكامله دون علمنا في غرف مغلقة، وتلك مشكلة كبيرة يجب أن نواصل الحديث عنها. وأنا متأكد أن قادة طالبان، التنظيم الإرهابي، سيأتون إلى كابول لأنهم يعتبرون أنفسهم منتصرين، وسيتصرفون على هذ الأساس".

ومثل الكثير من شبان المناطق الحضرية، يعتقد ستانيكزاي، أن حركة طالبان لن تقبل التغيير والتطور الإيجابي في السنوات الثماني عشر الأخيرة. وعن تخفيض حدة العنف، فيبدو ستانتكزاي متشائماً به أيضاً، وقال: "أعتقد أن الجانبين ليسا أهلاً للثقة. ولنتذكر آخر مرة ألغى فيها الرئيس ترامب عبر تويتر كل شيء، بعد مفاوضات دامت أشهراً. هل نضمن أن لا يتكرر ذلك؟ ومن جهة ثانية، من سيكون الحكم إذا نفذت غارات جوية أمريكية، أو هجمات من قبل طالبان؟". 

استرضاء طالبان

ويلفت الكاتب إلى استثناء الحكومة الأفغانية من مفاوضات دامت أشهراً بين واشنطن ووفد طالبان، وفيما كرر خليل زاد تأكيده أن محادثات داخلية أفغانية وإشراك حكومة غاني سيكون أساسياً لنجاح أي اتفاق، يعتقد نقاد، أن واشنطن عملت بالأساس على استرضاء طالبان التي لا تزال تشكك في شرعية ما تسميه "الحكومة الدمية" في كابول.

وقال أورزولا نعمت، عالم إثنيات سياسية، ورئيس وحدة مستقلة للأبحاث والتقييم الأفغاني في كابول: "يقتل أفغان يومياً. ولم تعد لأرواحهم أهمية. وفي الوقت نفسه، لم يُمثل هؤلاء في كل المحادثات بين طالبان والأمريكيين. هذا التنظيم الصغير، الذي يسعى لتحقيق أهدافه بالإرهاب، لا يمثل المجتمع الأفغاني الذي يعد 30 مليون شخص".

وقالت بيتي دام، الصحفية المستقلة والمؤلفة التي تركز على أفغانستان: "عندما كانت تنفذ هجمات في أفغانستان، كانت أصابع الاتهام توجه إلى حركة طالبان أو أطراف أخرى. ومن المؤكد أن هناك حالياً مجموعات غير مهتمة بالسلام لأسباب عديدة. ولربما تجد هؤلاء ضمن الحكومة الأفغانية، أو بين ميليشياتها، وكذلك بين قادة من طالبان الذي يتحكمون في بعض المناطق. ويبقى هناك سؤال حقيقي: إذا وقع شيء ما، هل نستطيع أن نكشف سريعاً حقيقة ما جرى؟ لا أعتقد أننا قادرون، وهو أمر خطير للغاية".