سيدة الفستان الأحمر في اسطنبول ضحية الغاز المسيل للدموع في احتجاجات غيزي (أرشيف)
سيدة الفستان الأحمر في اسطنبول ضحية الغاز المسيل للدموع في احتجاجات غيزي (أرشيف)
الخميس 20 فبراير 2020 / 11:44

أردوغان يصعد معركته ضد خصومه.. على الانترنت

أفاد ديفيد ليبيسكا، الصحفي المستقل المتخصص في الشأن التركي، بأن قلة من الذين انتقدوا أردوغان نجوا من السجن، أو الملاحقة القضائية.

أصبحت تركيا منذ 2014، رائدة عالمياً في طلب إزالة محتوى عبر تويتر

وكتب في موقع "أحوال" الإخباري أن سجل أردوغان في تركيا منذ 17 عاماً، حافل باعتقال أو إسكات أو إجبار نشطاء ومعارضين سياسيين وصحافيين، وحلفاء سابقين، على الهروب خارج تركيا.

عجز أردوغان
ولكن الكاتب يرى أن أردوغان يبدو عاجزاً عن تقويض الانتقادات لسياساته عبر الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي، خاصةً تويتر، ما دفعه ليطلق، قبل أسبوع، مركزاً جديداً للأمن الإلكتروني لمهاجمة خصومه.

وقال أردوغان، إنه "حول التواصل الاجتماعي إلى مكبّ نفايات ومنصة فارغة".

ويردد ذلك التصريح صدى ما قاله في يونيو(حزيران) 2013، عندما تحولت احتجاجات لحماية حديقة غيزي في اسطنبول إلى مظاهرات وطنية بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، عندما قال أردوغان: "هناك اليوم وباء يسمى تويتر. ويشكل هذا الشيء المسمى تواصلاً اجتماعياً أكبر تهديد لمجتمعنا".

وفي اعتقاد كاتب المقال، ربما كان الزعيم التركي، حتى في ذلك الوقت، حكيماً باعتباره منصات إلكترونية عدواً. فقد نظم مجتمع التكنولوجيا التركي، دون أن يدري، محاكاة لمظاهرات غيزي، عندما احتج في اسطنبول ضد اجراءات حكومية تقيد الانترنت، قرابة 30 ألف شخص، ما دفع حوالي مليون تركي لتنظيم احتجاجات مماثلة في جميع أنحاء البلاد.

نتائج غير مقصودة
وقال إركان ساكا، أستاذ الاتصالات في جامعة بيلغي في اسطنبول ومؤلف كتاب "وسائط التواصل الاجتماعي والسياسات في تركيا: "لم يكن هناك، في 2011، من يخطط لاحتجاجات على نمط غيزي. ولم يكن معظم المشاركين مهتمين إلاّ بالحصول على مزيد من الحريات على الانترنت. ولكن لطالما تأتي نتائج غير مقصودة بعمل اجتماعي. فقد تعلم الناس كيف يتعاونون عبر النت، وكيف ينظمون تحركاتهم. وأعتقد أن الناس أدركوا للمرة الأولى أنهم لا يشكلون قاعدة صغيرة من مستخدمي النت، بل مجموعة هائلة".

وبعد عامين، خرج إلى الشوارع التركية حوالي 3 ملايين شخص احتجاجاً على خطة لتدمير حديقة غيزي، وتصاعد بطش أردوغان. وفيما أعرب ساكا عن تذمره من سلبية مستخدمي الانترنت في تركيا، برزت هاشتاغات مثل "احتلوا غيزي" وتعابير مثل "السيدة في الثوب الأحمر" في إشارة لأستاذة جامعية تعرضت عند مشاركتها في احتجاجات غيزي للغاز مسيل للدموع، وأصبحت رمزاً للمعارضة السلمية ضد تسلط أردوغان، عندما انتشرت صورتها بثوبها الأحمر عبر الإنترنيت.

تدمير الخصوم
وتعهد أردوغان بتدمير خصومه عندما قال في مارس (آذار) 2014: "سنستأصل تويتر". وجاء ذلك التهديد بعد انتشار فضيحة فساد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وحجب تركيا موقع تويتر.

وقال الرئيس التركي: "لا أهتم بما يقوله المجتمع الدولي. وسيشاهد الجميع قوة الجمهورية التركية".

ولكن، في مؤشر على فشل محاولات رجل تركيا القوي، رُفع الحظر عن تويتر بعد أسبوعين، عندما قضت المحكمة الدستورية في تركيا، بأن حجب تويتر غير دستوري.

ويرى الكاتب أن دولاً قليلة مارست عدوانية في رقابتها على الإنترنت كما فعلت تركيا. وبعد وقت قصير من احتجاجات غيزي، نُشرت تقارير عن بناء أردوغان جيش من 6 آلاف فرد لمراقبة واستهداف من ينتقد الحكومة عبر تويتر، وهو من أكبر الجيوش الإلكترونية في العالم.

وهكذا أصبحت تركيا، منذ 2014، رائدة عالمياً في طلب إزالة المحتوى عبر تويتر، فيما تعتبر المحاكم التركية مسؤولة عن مراقبة ثلثي محتوى تويتر حول العالم، ويشمل ذلك تغريدات وحسابات صحفيين وساسة ونشطاء بارزين.

ووفقاً للكاتب، أغلقت الحكومة التركية قرابة 250 ألف موقع إلكتروني، فيما واجه فيس بوك، ويوتيوب، وواتس آب، إلى جانب تويتر حظراً متكرراً.

تكميم
ويعود جزء من السلوك العدواني المتصاعد عبر الإنترنت إلى الانقلاب الفاشل في 2016، الذي أعلنت الحكومة التركية على إثره حالة الطوارئ، وشددت الرقابة على منافذ إلكترونية ومنتقدي الحكومة.

ويلفت كاتب المقال إلى أنه منذ توليه السلطة في 2002، سعى حزب أردوغان، العدالة والتنمية، للحد من حرية التعبير على الانترنت. لكن الأتراك تعلموا كيف يتكلمون بحذر، وأصبحوا خبراء في تحدي النظام.