متظاهرون في الجزائر (أرشيف)
متظاهرون في الجزائر (أرشيف)
الخميس 20 فبراير 2020 / 16:08

بعد عام من انطلاقه: إلى أين يتجه الحراك في الجزائر؟

يقف "الحراك" الجزائري الذي انطلق قبل عام ضد نظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في مواجهة أسئلة عن استمراره، بعد أن فشل في منع انتخاب رئيس محسوب على النظام في ديسمبر(كانون الأول) الماضي، وفي وقت يبدو أن هذا النظام استعاد زمام الأمور.

ويدخل الحراك غير الرسمي وغير المنظم، والمتمحور حول عبارتين أساسيتين "سلمية و"يتنحاو قع" أي "ليرحلوا جميعاً"، تختبئ وراءهما آراء متباينة، وشرخ حقيقي بين الإيديولوجيات، عامه الثاني مع تساؤلات سيضطر إلى الإجابة عنها وبسرعة.

وترى المؤرخة المتخصصة في منطقة المغرب كريمة ديريش أن الحركة التي يقودها شباب "كل شيء يتم فيها بعفوية وبالاكتشاف والتجربة، وكذلك في ظل الاختلافات"، مضيفة "لا بد من تعلم الإصغاء إلى الآخر، والتفاوض من أجل التوافق. لم نصل بعد إلى ذلك".

مرحلة التفكير
وإذا نجح الحراك الشعبي في دفع بوتفليقة إلى الاستقالة في العام الماضي، إلا أن الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها عبد المجيد تبون، رئيس الوزراء السابق في عهد بوتفليقة والذي يعد نتاجاً خالصاً للنظام، دفن المطلب الرئيسي للحراك، نهاية النظام الحاكم منذ الاستقلال في 1962 والدخول في "مرحلة انتقالية" بمؤسسات جديدة.

وتقول ديريش، مديرة الأبحاث في المركز الوطني للبحوث العلمية بفرنسا: "لم نصل بعد إلى الانتقال السياسي، لا نزال في مرحلة التفكير فيه".

وتتابع "نشهد شيئاً غريباً للغاية، فبينما لا تزال التعبئة موجودة يمكننا أن نرى أن هناك صعوبة حقيقية في الانتقال إلى شيء آخر" غير التظاهرات الأسبوعية.

هل يجب على الحراك التفاوض مع رئيس قال إنه "يمد يده له؟".

هل يجب أن ينتظم ويعين ممثلين عنه؟ هل عليه التفكير في طرق العمل الأخرى؟.

ترد الباحثة في مركز كارنيغي للشرق الأوسط داليا غانم بتأكيد أن "هناك قرارات مهمة على الحراك ان يتخذها".

وتضيف أن نشطاء الحراك متفقون فقط على الشعارين الأساسيين، ولكن "ليس على أساليب العمل، ولا على تحويل الحراك إلى مؤسسة، ليسوا متفقين أيضاً على القيادة، والقضايا التي يتعين معالجتها".

التفاوض مع السلطة
وتوضح أن غياب قيادة خدم الحراك كثيراً حتى الآن، حسب قولها "فنظراً لغياب قادة لا يمكن سجنهم أومضايقتهم أو استيعابهم" كما فعل النظام في السابق لإسكات المعارضة. وفي الوقت نفسه، فإن غياب شخصيات بارزة يعوق قدرة الحركة على التفاوض مع السلطة.

وبسبب الافتقار لأحزاب معارضة حقيقية ونقابات وصحافة مستقلة في الجزائر، فإن "قوى المعارضة التي كان يُمكن أن تتولى القيادة" غير موجودة أيضاً، كما تشير كريمة ديريش.

ويرى أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة باريس 1 بيار فيرمران المتخصص في شؤون المغرب العربي، أن "الخيار السلمي الوحيد للحركة الاحتجاجية، هو إعادة بناء الأحزاب السياسية، والجمعيات المدنية  للتحضير للانتخابات المحلية والوطنية" بذلك، يكون هناك مسؤولون منتخبون قادرون على "نقل صوت الحراك في المؤسسات".

لكنه يضيف أن "المشكلة تكمن في أنه رغم حبهم للسياسة، لدى الجزائريين ثقة محدودة للغاية في المؤسسات القائمة".

مع ذلك، بدأت الحركة في تنظيم نفسها على المستوى المحلي.

ماذا بعد؟
وتقول داليا غانم: "كل حركة اجتماعية هي بحكم طبيعتها ضحية لعامل الزمن ولا يمكن أن تستمر إلى الأبد". وتتساءل "كيف تقنع الناس بالاستمرار في النزول إلى الشوارع كل يوم جمعة؟. علينا أن نفكر في ماذا بعد؟".

لكن الجزائريين الذين عانوا لسنوات من العنف الدموي، يترددون في اتخاذ أشكال أخرى من العمل السياسي، مثل الإضراب العام، أو العصيان المدني. وتقول ديريش إن الجزائريين "يفكرون مرتين قبل قرار المواجهة".

ولا توافق المؤرخة على فرضية تقلص الحراك وتراجع المسيرات الأسبوعية، معتبرةً أن "هذه الطريقة تسمح باقتصاد الجهد".

والمسيرات وسيلة "لتعلم السياسة، ما كان محظورا حتى الآن وغائبا عن الفضاءات التقليدية، مثل المدرسة، أو الجامعة، أو في الأحزاب".

وتقول إن هناك "أشياء يتم تعلمها وتجربتها. ومن الواضح أن كل هذا سينتج شيئًا ما. لكن ماذا؟ كيف؟ متى؟ من الصعب القول".

أما الصحافي والكاتب الجزائري أكرم بلقايد، فيرى أن "من الضروري التفكير على المدى الطويل. هناك مطالب، مطالب من الشعب يحملها الحراك ويذكرنا باستمرار بأن لا شيء يسير على ما يرام. عاجلاً أم آجلاً، سيتعين على النظام أن يأخذ ذلك في الاعتبار".