الأحد 23 فبراير 2020 / 15:09

الاتفاق مع طالبان كارثة استراتيجية لأمريكا

يعتقد مايكل هيرش، مراسل بارز لدى موقع "فورين بوليسي"، أن خطة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو لتحقيق السلام مع حركة طالبان، ليست إلا تذكيراً محزناً بجميع الأخطاء التي ارتكبت في أفغانستان، وكيف كان ممكناً تفاديها.

يعرف الجميع من يملك القوة الحقيقية. أريد بقاء الأمريكيين هنا بقدر الإمكان كي يساعدوني في استرجاع بلدي

وبعد 18 عاماً على غزو الجيش الأمريكي لأفغانستان وتقويضه لسلطة طالبان، يلفت هيرش لفكرة سائدة حالياً في واشنطن تقول أن قدر أفغانستان أن تبقى دوماً بلداً منكوباً. وعندما دوَّن بومبيو، عبر تويتر، أن الولايات المتحدة توصلت إلى "تفاهم مع طالبان بشأن خفض كبير للعنف عبر أفغانستان"، وأعلن أن محادثات السلام ستبدأ قريباً بجدية، لم يعترض أحد على إعادة إضفاء الشرعية على حركة طالبان، التي سيكون لها صوت قوي في حكم البلاد، وقد تستولي عليها ثانية.

تضليل استراتيجي

ويرى كاتب المقال أن ما وصل إليه الحال في أفغانستان لم يكن ليحدث لولا صرف الولايات المتحدة أنظارها عن تلك البلاد وتركيزها على العراق، في عام 2003، بتشجيع ودعم مما يسميهم سكوت ماكليلان، المتحدث السابق باسم الرئيس جورج بوش "متواطئين" في تنفيذ ما يمكن اعتباره أكبر تضليل استراتيجي في تاريخ أمريكا.

ولكن بعض المؤرخين والمفكرين العسكريين، ومنهم ديفيد كيلكولين، واضع كتاب جديد يحمل عنوان "التنانين والأفاعي: كيف تعلم العالم محاربة الغرب" يرون أنه أنه كان بالإمكان كسب الحرب في أفغانستان، رغم أنها لم تكن سهلة على الإطلاق.

وفي هذا السياق، يقول كيلكولين، عسكري خدم في العراق وأفغانستان، وكان كبير المحللين الاستراتيجيين في تنسيق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية: "يقول الناس إننا لم نركز جهودنا على ما كنا نعمل عليه ولم ندرك يومها أن هناك مهمة علينا تنفيذها".

هلع
وحسبما يلفت الكاتب، عندما بدأ مقاتلو طالبون يخرجون ثانية من أوكارهم في الجبال، في خريف 2003 لتعزير شورى كويتا، مجلس يجمع بين قادة طالبان في باكستان المجاورة، كانت إدارة بوش في حالة هلع في العراق، على بعد حوالي 2200 كيلومتر عن أفغانستان. وكانت القوات الأمريكية تحارب تمرداً لم تتوقع إدارة بوش ظهوره - بعدما لم يثبت وجود أسلحة دمار شامل، أو وجود علاقات بأسامة بن لادن- أي بأحداث 11/9. وعندما قرر رامسفيلد بسرور بالغ الاحتفاظ بما أسماه "موطئ قدم صغير" في أفغانستان لأنه لم يكن يؤيد فكرة بناء دولة (وهو ما قامت عليه حملة رئيسه بوش الانتخابية في عام 2000)، لم يكن يفكر مطلقاً بالوضع في أفغانستان.

وفي ذات الوقت، عبر أفغان التقاهم الكاتب عن رغبتهم الشديدة بتدخل خارجي، لإدراكهم عواقب انسحاب أمريكي في فترة سابقة، عندما مولت واشنطن المجاهدين ضد السوفييت، ومن ثم تركتهم بكل ببساطة، واستغل مقاتلو طالبان الفرصة. وقال إسماعيل قاسم يار، رئيس لجنة لويا جيرغا بأن الأفغان: "رأوا أن نافذة فتحت لهم، وأن أفغانستان أصبحت يومها بمثابة طفل للمجتمع الدولي".

وفي ذلك الوقت، قال سيد حامد جايلاني، ابن بيري جايلاني، الناطق باسم أحد أمراء الحرب النافذين في جنوب البلاد: "يعرف الجميع من يملك القوة الحقيقية. أريد بقاء الأمريكيين هنا بقدر الإمكان كي يساعدوني في استرجاع بلدي".

تجاهل
وقال كيلكولين إن الجميع من غير الموالين لطالبان كانوا مستعدين للعمل مع السي إي إي – أي التعاون مع الأمريكيين في مقابل عائدات. ويومها تفرق شمل مقاتلي طالبان، ولجؤوا بالتدريج إلى باكستان وشكلوا شورى كويتا. وبحلول 2004، بدأ التمرد واشتد سوءاً في عام 2005. ولو لم نغز العراق لما تردى الوضع في أفغانستان، ولكن الأمريكيين تجاهلوا ذلك إلى أن انتخب أوباما.

وساءت الأوضاع تدريجاً إلى أن استولت حركة طالبان على مدينة قندز في 2015، وهددت الحركة مناطق حضرية والحكومة ذاتها في كابول.

وأضاف كيلكولين أن أسوأ أعداء أمريكا استغلوا فترة عشرين عاماً منذ أحداث 11/9 وغزو أفغانستان– لحظة أثبتت فيها أمريكا قوتها العسكرية الجبارة- لكي يتعلموا تكتيكات الحرب غير المتماثلة وبدأوا في تطبيقها في العراق، ومنها استخدام عبوات ناسفة ونشر خلايا صغيرة.

وبدا كيلكولين مقتنعاً بأن "حرب الخليج لعام 1991 اظهرت للجميع كيف يمكنهم تجنب قتالنا، ولكن غزو العراق في 2003 بيَّن للجميع كيف يستطيعون محاربتنا".