الأحد 23 فبراير 2020 / 15:15

ماكرون يعلن الحرب على الإسلام السياسيي

ذكر الباحث البارز في "معهد غيتستون" الأمريكي كورن سورْن أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن عن إجراءات جديدة لمكافحة الإسلام السياسي في فرنسا، بينها تقييد دور الحكومات الأجنبية في تدريب الأئمة وتمويل المساجد وتعليم الأطفال. وتعهد أيضاً محاربة "الانفصالية الإسلاموية" الهادفة إلى السيطرة على الغيتوهات المسلمة أو المناطق المحظرة على السلطات في فرنسا.

يمكن أن تختار تركيا اليوم اتباع ذلك المسار معنا أو لا، لكنني لن أسمح لأي دولة أجنبية بتغذية انفصالية ثقافية أو دينية أو مرتبطة بالهوية على أراضي جمهوريتنا

خلال زيارة إلى مدينة مولهاوس شرقي البلاد في 18 فبراير الحالي، قال ماكرون إن حكومته ستسعى إلى منع "التدخل الخارجي" في كيفية ممارسة الإسلام وكيفية تنظيم المؤسسات المسلمة في فرنسا. وتابع: "المشكلة هي حين يريد بعض الناس فصل أنفسهم عن الجمهورية وبالتالي عدم احترام قوانينها، باسم الدين. هنا في فرنسا، لا مكان للإسلام السياسي".

أربعة محاور
لخص ماكرون استراتيجيته لمكافحة الإسلاموية في أربع نقاط أساسية: الصراع ضد النفوذ الأجنبي في المدارس وأماكن العبادة، إعادة تنظيم عبادة المسلمين بالتوافق مع مبادئ العلمانية والقانون الفرنسي، مكافحة جميع تمظهرات الانفصالية الإسلاموية والطائفية، إعادة فرض سيطرة الدولة على جميع الأراضي الفرنسية.

وقال ماكرون إنه يخطط ضمن الإجراءات الأخرى لإنهاء برنامج لتبادل الأساتذة يدعى تدريس لغة وثقافة الجذور ويعرف اختصاراً باسم ألكو، وهو يسمح لتسع دول بإرسال معلمين إلى فرنسا من أجل تأمين دروس في الثقافات واللغات الأجنبية من دون رقابة السلطات الفرنسية. والدول التسع هي الجزائر وكرواتيا وإيطاليا والمغرب وإسبانيا وصربيا والبرتغال وتونس وتركيا.

لهجة واضحة ضد تركيا.. "مستحيل"

ترسل الجزائر والمغرب وتونس وتركيا مئات عدة من الأئمة إلى فرنسا، وكان هؤلاء مرتبطين غالباً بالسلفية أو الإخوان المسلمين ويبشرون بما يناهض قيم الجمهورية الفرنسية، بحسب حديث الرئيس الفرنسي. وقال ماكرون إن إلكو ستُستبدل باتفاقات ثنائية مع الدولة الفرنسية لضمان أن يكون لباريس الرقابة على الدروس ومحتوياتها بحلول سبتمبر (أيلول) المقبل. وأوضح ماكرون أن تركيا هي الدولة الوحيدة التي رفضت التوقيع على الاتفاق الجديد. تدير الحكومة التركية شبكة واسعة من المساجد في فرنسا تحت رعاية مديرية الشؤون الدينية والتي يسيطر عليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وقال ماكرون: "يمكن أن تختار تركيا اليوم اتباع ذلك المسار معنا أو لا، لكنني لن أسمح لأي دولة أجنبية بتغذية انفصالية ثقافية أو دينية أو مرتبطة بالهوية على أراضي جمهوريتنا. لا يمكننا السماح بالقوانين التركية على التراب الفرنسي. مستحيل".

خطأ عميق

أوضح الرئيس الفرنسي أن القانون الجديد سيسمح بالشفافية حول طريقة تمويل المساجد. "المساجد الممولة بالشفافية مع أئمة مدربين في فرنسا ومحترِمين لقيم ومبادئ الجمهورية، هكذا سنخلق الظروف كي يستطيع المسلمون في فرنسا ممارسة دينهم بحرية." وأضاف ماكرون أنه سيسأل المجلس الفرنسي للإيمان المسلم في مساعدة الحكومة على إيجاد حلول لتدريب الأئمة على التراب الفرنسي وضمان أن يتكلموا الفرنسية وألا ينشروا الإسلاموية. ودعا ماكرون إلى دمج أفضل للمسلمين في المجتمع الفرنسي وحذر من أخطار الطائفية.

وتابع الرئيس الفرنسي: "نحن هنا لسبب نتشاركه مع المسلمين – وهو الصراع ضد الطائفية. ما يجب أن نطبقه ليس كما سمعت أحياناً من بعض الأشخاص ‘خطة ضد الإسلام‘. سيكون هذا خطأ عميقاً. ما يجب أن نحاربه هو الانفصالية، لأنه حين لا تلتزم الجمهورية بوعودها، سيحاول آخرون استبدالها".

تنافس انتخابي

جاء خطاب ماكرون قبل أسابيع على الانتخابات البلدية في 15 و 22 مارس (آذار) المقبل وهو جزء من جهد لكسب دعم الناخبين المحافظين. لقد واجهت الحكومة انتقادات بسبب غياب جهودها في دمج المسلمين في فرنسا التي تحضن أكبر نسبة من المسلمين في أوروبا: 6 مليون نسمة أو ما يقارب 8% من حجم السكان. وانتقدت رئيسة حزب التجمع الوطني القومي مارين لوبان فشل الحكومة في ضم المجتمع المسلم بما يقوض علمانية فرنسا وفصل الدين عن الدولة. وتخوض لوبان منافسة متقاربة جداً مع ماكرون في استطلاعات الرأي وتتحدث باسم العديد من القلقين من انتشار التطرف الإسلامي.

ضرب التوازن
وصل ماكرون إلى الحكم في مايو (أيار) 2017 وركز معظم سياساته على الإصلاح الاقتصادي فيما كانت نتائجه متباينة على صعيد الوعود بكبح الإسلاموية والهجرة الكبيرة. في هذه الأثناء، أشار العمدة الاشتراكي طوال عشرين عاماً لحي سارسيل الباريسي فرانسوا بوبوني في كتابه "إمارات الجمهورية: كيف يسيطر الإسلامويون على الضواحي"، إلى كيفية ضرب الإسلاموية للتوازن الذي كان قائماً في حيه حيث عاش العرب والمسيحيون واليهود والأتراك جنباً إلى جنب وبسلام طوال عقود. وأضاف: "هذه ثمرة خبرتي، ما أعيشه وما أراقبه."